أهــــمية الوسائل التعليمية في مـادة النشـاط العلمــي
ذ. عبد الله ضيف
ملاحظة : أخذ هذا المقال من كتاب : »ديداكتيك المواد ،الرياضيات والنشاط العلمي » للأستاذ عبد الله ضيف .
إن استعمال الوسائل التعليمية ضروري ومؤكد في هذه المادة الحيوية بطبيعة موضوعاتها ،وباعتبار أنشطة هذه المادة عبارة عن مناولات وملاحظات وترتيب وتصنيف وقياس وتجريب وتوثيق … إذن هذا يتطلب إحضار الضروري من الوسائل المتنوعة قصد إيجاد الظروف الملائمة للمتعلمين المطالبين ؛ في الحقيقة ؛ بإنجاز تلك المناولات وبتنشيط وبتوجيه من أستاذهم ، وذلك بهدف نقل معارف في صورة مفاهيم إلى المتعلمين ، وكذا على تدريبهم على مهارات مختلفة ، وعلى أساليب التفكير المنطقي …علما أن هذه الوسائل هي مجرد وسائط ومعينات لتحقيق أهداف التدريس ، ولن تعوض الأستاذ ، ولن تقوم مقامه ، ولن تحل محله ، لذا لابد من ترشيد استخدامها استخداما رشيدا واعيا ، نلخصه في :
ـ أن يكون الأستاذ على علم بأسس اختيار ما يناسب منها ؛
ـ أن تكون الوسيلة المختارة في خدمة هدف /أهداف الدرس؛
ـ أن تكون الوسيلة المختارة مناسبة ومستجيبة لحاجات ومتطلبات وخصوصيات المتعلمين البيئية والنفسية والعمرية …؛
ـ أن تستخدم في الوقت المناسب ، ذلك أن استثمارها يكون في مواقف مختلفة من سيرورة الدرس ، فقد تكون لتشويق وجلب انتباه واهتمام المتعلمين ، أو قد تستثمر للملاحظة ، أوقد تستعمل لإجراء التجربة/التجارب،وقد تكون للتوثيق ، أو للتقويم ، وقد تستخدم للمعالجة والدعم …؛
ـ معاينة الوسيلة التعليمية مسبقا قصد التأكد والتحقق أولا من صلاحيتها ،ثم ثانيا قصد التمكن من كيفية استعمالها ،وثالثا قصد تحديد الأسلوب المناسب ؛
ملاحظات هامة :1ـ تستثمر الوسائل في مواقف متعددة ولكن أجودها ما كان خاصا ببناء مفهوم جديد ، لأن الوسيلة في هذه الحالة تزيل إبهاما ، وتعيد للمتعلمين توازنهم بعد أن كانوا فقدوه عند طرح الإشكالية .
2ـ إن اختيار الوسائل التعليمية يؤثر إما سلبا أوإيجابا في قوة الإشكالية ، ولتوضيح ذلك أقدم معطيات من الميدان ، حضرت هذه السنة (خلال الموسم الدراسي 2012/2013) لدرس « حاسة الذوق »في السنة 2 ابتدائي عند أكثر من أستاذ ، وتأكدت تمام التأكد أن للوسائل التعليمية الدور الحاسم في وضوح الإشكالية أو عدم وضوحها ، حضرت عند أحد الأساتذة الذي أحضر خبزا ودقيقا وملحا ، من أجل بناء مفهوم « الذوق » ثم طرح الإشكالية : ماذا تلاحظون ؟ بسهولة وباستعمال حواس أخرى ؛ العين مثلا ؛ أجاب المتعلمون : هذا خبز ، هذا ملح … إذن ليست هناك إشكالية ، ولم يستطع هذا الأستاذ أن يدفع متعلميه إلى التوصل إلى استعمال حاسة الذوق ، أما الصنف الآخر من الأساتذة فقد أحضر دقيقا وسكرا مطحونا وشبا مطحونا ، ثم طرح الإشكالية الآتية:ماذا يوجد في الكيس 1، وفي الكيس 2، وفي الكيس 3 ، بما أن المواد كلها مطحونة مسحوقة اختلط الأمر على المتعلمين ، وجاءت إجاباتهم متباينة ، واختلط عليهم الأمر ، ولم يتمكنوا من التفريق بين هذه المواد بالعين أو بالسمع…، وهكذا تمكن هؤلاء الأساتذة من خلخلة توازن المتعلمين ، الذين ظلوا يناقشون فرضياتهم ، وكل فريق يدافع عن رأيه ، وبعد اختلاف ونقاش… اقتنع المتعلمون ؛ بمعية أستاذهم ؛ بضرورة استعمال حاسة أخرى ، ألا وهي حاسة الذوق ، وأجريت التجربة حيث فرق المتعلمون بين هذه المواد المسحوقة ؛ الملح والشب والدقيق .
إذا قارنا بين الصنفين من الأساتذة ، يظهر بجلاء الفرق بينهما ، ذلك بأن الصنف الأول لم يتمكن من إبراز الإشكالية،ومن ثم لم يفقد المتعلمون التوازن ، ولم يكونوا في حاجة إلى معرفة جديدة ، أما الصنف الثاني من الأساتذة فقد تمكن من إظهار وإبراز الإشكالية ؛ والفضل هنا يرجع لحسن اختيار الوسائل المعينة ؛ فقد ذهب التوازن ، واختلف المتعلمون في تحديد نوع المادة ، وحدث صراع معرفي بين المتعلمين أفضى إلى ضرورة إدخال حاسة أخرى ، ألا و هي حاسة الذوق هدف الدرس المراد بناؤه ، هذا البناء تم والمتعلمون في حاجة إليه ، لأن المراحل العلمية الخاصة ببناء المنطق العلمي احترمت .
عبد الله ضيف ،ديداكتيك المواد ،الرياضيات والنشاط العلمي ،ط1،
مطبوعات الهلال وجدة 2013
Aucun commentaire