من قلب واشنطن الملك محمد السادس ينقد سياسة أوباما الخارجية
من قلب واشنطن الملك محمد السادس ينقد سياسة أوباما الخارجية
هشام الصميعي
شكلت الزيارة التاريخية لجلالة الملك محمد السادس لواشنطن، إحدى أبرز العناوين الرئيسية للصحف العالمية وربما كانت بمثابة الحدث الأهم في السياسة الخارجية المغربية مند تولي الملك محمد السادس للعرش و الفرصة الأخيرة لباراك أوباما لإعادة الحيوية للسياسة الخارجية الأمريكية التي واجهتها العديد من الانتقادات في العالم العربي و الإسلامي
و أهمية الزيارة التي كانت ناجحة بكل المقاييس و قفزت بالمغرب من حليف استراتيجي لأقوى دولة في العالم إلى شريك استراتيجي تنبع من سببين رئيسيين أولهما أن زيارة زعيم عربي لدولة كالمغرب تعتبر حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة الأمريكية ، نأتي في مناخ عالمي تسوده الأزمة المالية العالمية و في مناخ إقليمي لما بعد ثورات الربيع العربي وهي فترة تتسم بعدم استقرار تعيشه معظم الدول العربية واضطرابات في انتقال السلطة في ضوء متغيرات جذرية خاصة دول البحر الأبيض المتوسط و مدى أهمية استقرار هذه الدول بالنسبة للأمن الأوروبي. فيما يظل المغرب بنموذجه الديموقراطي الذي نجح في مواجهة رياح الربيع العربي ،بأسلوب منفتح عنصر استقرار في المنطقة وهدا ما يجعله أن يكون محط اهتمام وجدب للساسة الأمريكيين، الذين يعرفون جيدا بأن المغرب يشكل بعمقه الاستراتيجي العربي و الإفريقي والمطل على جبل طارق وضفة الدول الأوروبية، محورا استراتيجيا في السياسة الأمريكية
ومن هدا المنطلق الذي يفسر المحيط الخارجي للزيارة وتحت عنوان: الفرصة المغربية لباراك أوباما علقت صحيفة المصلحة الوطنية الأمريكية لسان حال الحزب الجمهوري الأمريكي على زيارة الملك محمد السادس لواشنطن في مقالة ملخصة:(..وهو ما يفسر أن هدا اللقاء هو فرصة للولايات المتحدة لضمان دعم السياسات الخارجية الأمريكية الحاسمة..) أما صحيفة هيل الأمريكية فقد رأت – و دائما في سياق تحليلنا الأولي- في لقاء زعيم عربي يحضا بمصداقية واحترام دوليين كمحمد السادس ملك المغرب و أوباما على أن:(.. هدا الإجتماع هو فرصة للزعيمين إلى الإعتماد على التحالف التاريخي، في لحظة تاريخية يعيش فيها الإقتصاد العالمي وضعا سيئا و تواجه في ظلها الدول العربية إنتقالا سياسيا صعبا..). و على المستوى الداخلي تأتي زيارة الملك محمد السادس في سياق اتسم مند شهور بتغير الموقف الأمريكي من القضية الوطنية بعد غموض في الموقف الأميركي -بالنسبة للمغرب- إثر مقترح كانت قد تقدمت به إدارة أوباما لمجلس الأمن في أبريل الماضي يدعو إلى توسيع مهمة بعثة الأمم المتحدة المعنية بتنظيم الاستفتاء في الصحراء المغربية (المينورسو) لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. وهو المقترح الذي رفضه المغرب بشدة قبل أن تتخلى عنه الولايات المتحدة الأمريكية بعدها بشهر تقريبا
بيد أن الزيارة الملكية لواشنطن أحرزت انتصارا ديبلوماسيا مزدوجا، فمن جانب تضمن بيان مشترك صدر عقب استقبال الرئيس الأميركي باراك أوباما للملك محمد السادس بالبيت الأبيض تعهد واشنطن بمواصلة « الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي ودائم ومقبول من الأطراف لقضية الصحراء ». وكان هدا التعهد بمثابة توطئة للاتفاق المشترك، الذي سيتوج باعتراف السياسة الخارجية الأمريكية بجدية وواقعية خيار الحكم الذاتي كحل لقضية الصحراء ، مما يعتبر انتصار ديبلوماسي وفي هدا الإطار لم تتوانى بعض الصحف الأمريكية في طرح المشكل في الصحراء و الإشارة إلى الخلاف الجزائري المغربي مؤخرا وفي دعوة صريحة ، كي يحسم الأمريكيون موقفهم من قضية الصحراء قالت جريدة لاس فيكاس صن أن :( الطريق المسدود في الصحراء يمكن أن يصير مشكلة أمريكية،لأنه مند رحيل الإسبانيين تقول الصحيفة و المغرب يسعى إلى الحصول على دعم الولايات المتحدة الأمريكية في مسعاه إلى وضع مقترح للحكم الذاتي أمام الصحراويين فيما هم متشبثون بالاستقلال التام ..). بيد أن زيارة الملك محمد السادس لم تثمر فحسب، انتصار ديبلوماسي لصالح القضية الوطنية بل شكلت منعطفا في تاريخ العلاقات الأمريكية مع المغرب الذي ترقى في علاقته بها من حليف إلى شريك استراتيجي وفي هدا الصدد دعت صحيفة إن نيوز الأمريكية غدات زيارة الملك محمد السادس لواشنطن، الساسة الأمريكيين إلى استثمار اللقاء التاريخي، لبناء شمال إفريقيا موحد من الناحية الإقتصادية حيت جاء في الصحيفة اليومية:( بنظر أن المغرب كشريك اقتصادي متميزلأمريكا في القارة الأفريقية، واستندت الصحيفة في تحليلها كون أكبر البنوك و الشركات الأفريقية توجد في جنوب الصحراء الكبرى ومن منطلق زعامة محمد السادس في المنطقة من خلال مبادراته مند توليه العرش الرامية إلى تعزيز تعاون جنوب جنوب، تقول الصحيفة أن هذه الزيارة الرسمية من شأنها تعزيز العلاقات السياسية و الإقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية و المغرب وفتح فرص جديدة للمستثمرينفي الولايات المتحدة الأمريكية). وليس مفاجئا أن يحقق الملك محمد السادس، انتصارا ديبلوماسيا مزدوجا من قلب الولايات المتحدة الأمريكية واشنطن بالنظر إلى عبقريته الديبلوماسية و تكوينه السياسي ورصيده كقائد أممي أبهر العالم بتدخلاته الإنسانية الدولية
و بالنظر أيضا إلى الصداقة العريقة التي تربط أمريكا بالمغرب الذي كان سباقا إلى الاعتراف باستقلالها على عهد السلطان العلوي سيدي محمد في 20 فبراير 1778 و بعدها بثمان سنوات13 جويي 1786 ستوقع الدولتين، أول إتفاقية صداقة بينهما بمدينة مراكش حول الملاحة البحرية و التجارة. وروابط الصداقة التاريخية المتينة ،هي التي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية من بين الدول الوحيدة التي لم تعترف بالحماية الفرنسية وجعلتها أيضا تقف بجانب المغرب في مواجهة الأطماع الاستعمارية نهاية القرن التاسع عشر
Aucun commentaire