أدعياء الديمقراطية وشبهة الولاء للخارج
اتهم عزيز بنعزوز، قيادي حزب « الأصالة والمعاصرة » قيادات حزب « العدالة والتنمية » بالولاء لجهات خارجية بدل الولاء للوطن. وجاء هذا الاتهام ضمن برنامج « مباشرة معكم » الذي بثته « القناة الثانية » مساء الأربعاء 4 شتنبر2013، مع غياب غير مفهوم للطرف المُتهم وهو حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية. وسبق لقيادية أخرى في الأصالة والمعاصرة أن وجهت نفس التهمة لنائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، وقبل ذلك اتهم بنشماس رئيس الحكومة ب »خونجة » المغرب في كلمة له بمناسبة المؤتمر الجهوي لحزبه بوجدة السنة الماضية.
و المقصود بالجهات الخارجية هنا حزب « الحرية والعدالة » المصري الذي فاز في الانتخابات وحصل على منصب الرئاسة ولكن سرعان ما انقلب عليه الجيش وأدخله السجن، ثم نفَذ مجزرة في حق مؤيدي الشرعية في ميادين رابعة العدوية والنهضة راح ضحيتها آلاف المصريين، وقتل الأطفال والنساء وأحرق جثث المصابين وأجهز على حرية الصحافة بإغلاق العديد من القنوات التلفزية المؤيدة للرئيس المخلوع واعتقل أغلب رموز ومناضلي الحزب الفائز في الانتخابات…
وأمام هذه المذبحة الديمقراطية التي تقع في قلب الأمة العربية، في لحظة مفصلية من ربيعنا الديمقراطي الذي أطاح بعدد من الأنظمة العسكرية البوليسية في المنطقة، خرج كل أحرار العالم للتنديد بالانقلاب على الديمقراطية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مما اعتبره بابا الكنيسة جرائم ضد الإنسانية، مطالبين بمحاكمة دولية للجناة.
وكنا في المغرب ننتظر انتفاضة كبيرة للقوى الحية في البلاد من ديمقراطيين وحداثيين وحقوقيين من جميع الأطياف و الحساسيات ، وخاصة تلك التي تصطفَ اليوم في المعارضة مثل حزب « الأصالة والمعاصرة » الذي بدأ ك « حركة لكل الديمقراطيين » قبل أن يتحول إلى حزب سياسي بقيادة كاتب الدولة في الداخلية، يرفع شعارات كبيرة من قبيل الحداثة وحقوق الإنسان والحريات الفردية. لكن مع الأسف الشديد، لم يخرج أدعياء الديمقراطية للتنديد بالمجازر وتركوا الحركات الإسلامية وحدها في الساحة. بل أكثر من ذلك، راح هؤلاء ينشرون خطاب الكراهية والإقصاء ضد المخالفين ويستعدون الأنظمة ضدها، بعدما فشلوا في مواجهتها في النزال الديمقراطي.
ورغم التزام وزير الخارجية الدكتور سعد الدين العثماني بالموقف الرسمي واكتفائه ببلاغ متواضع يُعبر فيه عن « انزعاجه »من الأحداث التي تقع في مصر ورغم الانتقادات الواسعة من الشعب وخصوصا الشباب… رغم كل ذلك تعرض الوزير لوابل من الانتقادات من قوى محسوبة على الديمقراطية وحقوق الإنسان ومن مراكز بحث « إستراتيجية » في حلقة خصصت للدبلوماسية المغربية في القناة الأولى !!.
و الحقيقة أن تُهمة الولاء للخارج التي يُروجها خصوم العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، تستدعي الآن نقاشا هادئا بعيدا عن الغوغائية التي تهدف فقط إلى التشويش وخلط الأوراق وكيل التهم لتصفية حسابات سياسية كان آخرها هزائم رموز البام وفضح شعبيته المصنوعة في الانتخابات الجزئية الأخيرة. وعلى فرض أن نائب رئيس الحركة زار تركيا وحضر مؤتمرا لأحزاب وجمعيات عربية وإسلامية للدفاع على الديمقراطية في مصر وبحث سبل نصرة الحزب المظلوم بالطرق الشرعية والسلمية، ما العيب في ذلك أيها الديمقراطيون؟ أليس هذا واجب إنساني قبل أن يكون شرعي؟ لكن في المقابل، هل هناك تعارض بين الولاء للوطن و مناصرة القضايا العادلة في العالم؟ و ارتباطا بالموضوع، هذه بعض الإشكالات للدراسة نقترحها على مراكزنا « الاستراتيجية » لتنوير المواطن البسيط: ألم يشارك الاتحاد الاشتراكي في مؤتمرات دولية في إطار الأممية الاشتراكية؟ ألا يرتبط الأمازيغيون المغاربة بالكونغرس الأمازيغي العالمي؟ وما حقيقة الوفد الإسرائيلي الذي اجتمع مع عصيد مؤخرا في المغرب؟ ألا يتلقى الحقوقيون تمويلات من منظمات دولية مع فرض توجهات وأجندات معينة؟ أليست هذه ولاءات لجهات خارجية؟ أما موضوع المنظمات الخفية والتطبيع مع إسرائيل، فهذا أكبر من هذه المراكز البحثية المعلومة ومن تلك الكراكيز « الديمقراطية » المصنوعة.
Aucun commentaire