VIDEO فشل الانقلاب: بين قتْل السَاجدين و تضليل المُشاهدين
فشل الانقلاب: بين قتْل السَاجدين و تضليل المُشاهدين
مذهب ابن آدم الأول
من المعلوم من الدين بالضرورة أن قتل النفس التي حرَّم الله كبيرة من الكبائر وإحدى الموبقات السبع، ومن أفظع الأعمال جرمًا وأكبرها إثمًا، وقد توعد الله قاتل المؤمن عمدًا بأنواع العقوبات، كل واحدة أعظم من الأخرى، وأنزل غضبه عليه، قال جل شأنه: « وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ». إن قاتل المؤمن تنتظره هذه العقوبات الأربع: الخلود في نار جهنم، مع الغضب واللعن والطرد والإبعاد عن رحمة الله والعذاب العظيم.
فكيف إذا كان المقتول ساجدا لله تعالى، صابرا ، محتسبا، طالبا بعودة حق مغتصب مثل حالة معتصمي ميدان رابعة العدوية في القاهرة؟ و كيف سولت لك نفسك أيها الجندي قتل أخيك؟ و ماذا تقول لربك يوم القيامة؟
نعم، تم تنفيذ مؤامرة الانقلاب بدقة، وها هو حمدين صباحي يزور إسرائيل بتأريخ 18اغسطس بصحبة نجيب ساويرس وتم استقبالهم في مطار بن غورين رئيس الموساد وثلاثة أشخاص من الماسونية العالمية مصر، تقول بعض التسريبات، وهي نفسها التي أخبرتنا بقرب الإفراج عن مبارك وأبنائه !
لكن النتائج المتوقعة لم تتحقق كما خطط لها عملاء بني صهيون، بفضل النضج الذي حدث لدى أبناء الحركة الإسلامية في موضوع استعمال العنف من أجل التغيير. فالواضح أن الجميع استوعب الدروس السابقة ولم ينجر إلى فخاخ العنف المنصوبة هنا وهناك. ولهذا أعرب الأستاذ جودت سعيد عن سروره في مداخلة له على اليويتوب وهو الذي كرس حياته لدراسة مشكلة العنف لدى الحركات الإسلامية وكانت له الجرأة للقيام بالنقد الذاتي، في سؤال مهم و هو : ما الفرق بين الجهاد و الخروج ؟
و عند محاولة الإجابة عن هذا السؤال بين أن الجهاد – بمعناه الخاص – هو استخدام القوة بعد الوصول إلى الحكم برضا الناس حيث يستخدم من يمثل الأمة الجهاد لمنع الإكراه في الدين إن لم يمكن منعه بغير قتال . أما الخروج فهو استخدام القوة و العنف للوصول إلى الحكم .
و قد أوضح الأستاذ جودت أن بعض المسلمين اليوم يفكرون بطريقة الخوارج . فقد اختلط عندهم مفهوم الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام بالخروج الذي يجعل صاحبه يمرق من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية.
و قد كان الأستاذ جودت في طرحه للموضوع صريحاً مبسطاً يخاطب الشباب المتحمس المتعطش للتغيير و يحذرهم من مغبة الاستعجال و بذل الجهد في غير موضع البناء و العطاء.
و يتلخص طرحه لمذهب ابن آدم الأول في رفض العنف بكل أشكاله كوسيلة للدعوة أو وسيلة للتغيير ليبرز الأسلوب الذي زكَّـاه الله تعالى في موقف ابن آدم من أول نزاع حدث في مطلع البشرية. و يتناول الموضوع من منطلق العمل على تهيئة الجو الفكري النظيف الذي يسمح للفكر و الحوار بالعمل ، فهناك أزمة يواجهها الدعاة و رجال الإصلاح حيث يكون الاتهام بالعنف و ما يتصل به طريقاً لحرمان الداعية من راحة الضمير و الشعور بالاطمئنان الذي يشعر به صاحب الدعوة و حامل الفكرة و المدافع عن قضية عادلة ليجد نفسه أمام اتهامات لا تتعلق بما يحاوله من إصلاح بل تجعله في صف المجرمين و المفسدين. باختصار شديد: وجوب الصدع بالحق والجرأة في ذلك مع الصبر على الأذى وعدم الرد على العنف بالعنف.
فتحية لكل دعاة مصر على صبرهم وتحملهم للأذى دون الانجرار إلى العنف، بل أثبتوا للجميع أنهم أحرص على حماية المنشئات العمومية ودور العبادة.
هناك فتنة أشد من القتل
لكن الغريب في الأمر هو ما حدث بعد انتهاء القتلة من القتل والذبح والقنص. فعوض أن يجلس المصريون ليتأملوا فيما حدث ويترحموا على الشهداء، انطلقت أبواق الإعلام الفاسد في ذبح من نوع آخر: ذبح الحقيقة وترويج الأكاذيب والافتراءات وتشويه الشهداء كيل التهم للأبرياء. و هذا لعمري أشد فتكا من الرصاص الحي، لأن الله تعالى يقول: »و الفتنة أشد من القتل ».
و من مظاهر هذه الفتنة، تبرير القتل وشرعنته باسم الدين. ذلك أن علي جمعة مفتي الجمهورية هو الذي أفتى للضباط بجواز قنص معتصمي رابعة والنهضة باعتبارهم خوارج وأوباش وطغاة كما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي، فهذه طامة كبرى، ومصيبة أكبر من مصيبة القتل نفسها، لأنها تفتن الناس في دينهم، وتجعلهم يخوضون في آفة التكفير التي حذر منها العلماء قديما وحديثة. والذي لا يعلم هذا الموظف المسكين أنه هو نفسه على رأس لائحة الاغتيالات التي أعدتها خلية السيسي بعد نجاح الانقلاب لإلصاق التهمة بالإخوان !
ومن مظاهر فتنة أخرى، إلغاء بعض المواد في الدستور التي تجرم الإساءة للأنبياء والرسل وضرورة احترام الآداب العامة، وفيما يلي بعض المواد المحذوفة:
-المادة 11: « ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام، والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية، والحقائق العلمية، والثقافة العربية، والتراث التاريخى والحضارى للشعب؛ وذلك وفقا لما ينظمه القانون.
-المادة 12 : تحمى الدولة المقومات الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع، وتعمل على تعريب التعليم والعلوم والمعارف.
-المادة 25 : تلتزم الدولة بإحياء نظام الوقف الخيرى وتشجيعه. وينظم القانون الوقف، ويحدد طريقة إنشائه وإدارة أمواله، واستثمارها، وتوزيع عوائده على مستحقيها، وفقا لشروط الواقف.
-المادة 44 : تُحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة. »
ومن علامات هذه الفتنة في قنوات العار وفلول مبارك هي إظهار الفرح، والرقص، و التتشفي كما فعلت الممثلة إلهام شاهين التي اتهمت المغاربة بالتخلف وظهرت تغني « تفضل من غير مطرود »، في إشارة للرئيس المنتخب الدكتور مرسي. وها هي هالة سرحان تبكي من شدة الفرح بعد « انتصار » الجيش على الشعب وحرق الجرحى وتخريب البلاد ! وها هو عمرو أديب يصرخ ويهلل فرحا: (غمة وانزاحت يا مصريين)… فأين هي المهنية وأين هو الحياد المطلوب من الإعلاميين وخاصة في القنوات الحكومية؟
على من تكذبون؟
قامت « صحفيون ضد الانقلاب » بتوثيق العديد من المخالفات المهنية وانتهاك ميثاق الشرف الصحفي بل والتحريض الفج والواضح من جانب صحافة العهر والفجر « سواء الصحافة الحكومية أو الخاصة المؤيدة للانقلاب وبدا ان هذه الصحف ملكية أكثر من الملك حيث مهاجمة المتظاهرين والرافضين للانقلاب والحض علي قتلهم واعتقالهم بما فيهم زملائهم الصحفيين وأخرهم الزميل حامد البربري بجريدة الجمهورية الذي تم تحويله للنيابة بعد إصابته بمحافظة البحيرة وكان الزميل تامر عبد التواب قد لقي حتفه وهو بجوار زميله حامد كما استشهد الزميل احمد عبد الجواد بصحيفة الإخبار والزميلة حبيبة احمد عبد العزيز مصور شبكة رصد احمد الشامي ومن قبله احمد عاصم مصور جريدة الحرية والعدالة ليدفع الزملاء الصحفيين حياتهم ثمنا – قبل غيرهم – لتحريض قواد الانقلاب الذين ماتت ضمائرهم المهنية .
ففي هذا السياق أشار التقرير إلى ما نشرته جريدة الجمهورية حول واقعة إصابة مراسلها في البحيرة حام البربري في محاولة لتبرئة الجيش وإدانة مراسلها في سابقة ربما تعد الأولي من نوعها فالمتعارف عليه أن تدافع الصحيفة عن صحفييها وليس العكس ولكنه العهر الصحفي والمتاجرة بدماء الأبرياء حتي من أبناء المؤسسة الصحفية
وقال التقرير « ما حدث من جريدة « الجمهورية » في التعامل مع خبر إصابة مدير مكتبها في البحيرة حامد البربري في حادث إطلاق النار عليه من كمين للجيش بالقرب من مبنى المحافظة مساء الاثنين 19أغسطس 2013وانحيازها الكامل إلى رواية المتحدث العسكري للحادث، يكشف عن أن حياة الصحفي باتت رخيصة، ما دامت الجريدة تحظى برضى قادة الانقلاب العسكري.
وحول ما حدث بمسجد الفتح أشار التقرير إلى ما اسماه « »صحافة ضرب المآذن » بقوله:
عجيب أمر الصحافة المصرية، إذ بدلا من نقل الحقائق المجردة، وعدم ترديد الأكاذيب السلطوية، خرجت يوم الأحد 18 أغسطس 2013، وهي تبرر اقتحام مسجد الفتح، وترديد أكذوبة إطلاق نار من فوق مئذنته، دون الاستناد إلى دليل في ترويج هذا الاتهام.
وكان جاذبًا للانتباه أن جريدة « المصري اليوم » وصفت الاقتحام بأنه « تحرير »، كأنه احتلال، فقالت: « تحرير الفتح..الميليشيات الإخوانية أطلقت الرصاص على القوات من أعلى مئذنة المسجد والقبض على القناصة »..بينما اعتبرتها « اليوم السابع » موقعة، فقالت: « هزيمة الإخوان في موقعة الفتح »، في حين زعمت « الأخبار » أن « الإخوان أطلقوا النار على المواطنين من مئذنة الفتح »، وقالت « التحرير »: « إرهاب الإخوان يضرب من مئذنة الفتح »، في حين ذكرت جريدة الأهرام المسائي أن « عملية إخلاء مسجد الفتح تكشف عن وجود أسلحة مع المتظاهرين الذين تحصنوا بداخله »! في حين صدرت « الوفد » بعنوان يقول: معتصمون يطلقون النار على الجنود من فوق مآذن الفتح ». انتهى
لكن الحمد لله على نعمة الإعلام البديل، إعلام من لا إعلام له، إعلام كل مواطن عربي من المحيط إلى الخليج. حتى أصبح الصبية الآن في شبكات التواصل الاجتماعي يتهكمون على الصور المفبركة والكذب الرسمي المفضوح… و ها هم يشرحون ب »الخشيبات »كيف فبركت مخابرات السيسي واقعة مقتل 25 جندي في رفح واتهام الإخوان الذين يصرون لحد الآن على نبذ العنف والتمسك بسلمية المظاهرات!
وها هي شارة النصر التي أطلقها أردوغان يحملها 85 مليون مستخدم للفايسبوك خلال 24 ساعة فقط! وها نحن جميعا نتابع عن كثب حقيقة ما يقع فعلا على أرض الكنابة وننتظر النصر القريب إن شاء الله بعد ما فشل الانقلابيون في وقف المظاهرات اليومية في جميع المدن، رغم حظر التجول.
محمد السباعي
Aucun commentaire