هل سيصمد محمد الوفا وزيرالتربية و التعليم في وجه شباط ؟
لم يسبق للمغرب أن شهد مثل هذه الأزمة الحكومية التي ألمت به من جراء إعلان السيد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال , الانسحاب من حكومة الأغلبية,متضرعا بالكثير من الحجج التي يراها مقنعة, ويراها غيره واهية.
ولم يسبق لحزب الاستقلال أن كان ضعيفا بهذا الشكل من جراء أمين عام يعربد كيف يشاء ويفعل ما يشاء ويقرر كيف يشاء.
ولم يسبق لمناضلي حزب الاستقلال أن كانوا لقمة سائغة بين يدي أمين عام استطاع بسط سلطته وغطرسته وغروره وكبريائه على رجال كنا نعدهم من الرجال,ليصبحوا تابعين متتبعين خانعين غير مقاومين.
قد يتساءل قارئ كريم :
– أن حزب الاستقلال حزب مهيكل منظم ,اصطنع خطة مدروسة وسياسة محروسة , لوضع حكومة السيد بنكيران أمام الأمر الواقع.
– وأن الوزراء لم ينسحبوا الى وقتنا هذا ,إلا بتدخل من عاهل البلاد ,الذي هاتف السيد شباط ,للتروي وضرورة استمرارية الحكومة الى أن تحل الأزمة بشكل من الأشكال.
– وأن المجلس الوطني لحزب الاستقلال بصفته يملك سلطة تشريعية وسلطة تمثيلية لكل جهات المملكة ,قد صادق بالإجماع على الانسحاب من الحكومة الحالية لعدم قدرتها على تدبير الأزمة.
– وأن وزراء حزب الاستقلال المشاركون في الحكومة الحالية, قد أعلنوا أخيرا قرار انسحابهم خلال الأيام القادمة…. لكن :
عندما جرت الانتخابات التشريعية وحصل حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى متبوعا بحزب الاستقلال . وبناء على نص الدستور الجديد , فإن رئاسة الحكومة تسند للحزب الذي احتل المتربة الأولى . وقته جرت مفاوضات لتشكيل إتلاف حكومي من تحالف بعض الأحزاب لتكوين أغلبية. وقتها أيضا لم تتفاوض جل الأحزاب بناء على قناعتها اختيار الأنسب لاختياراتها سواء على مستوى الدخول في الحكومة , أو على مستوى نوعية الوزراء الذي سيمثلون الحزب ومدى الكفاءة التي يتمتعون بها والقدرات التي يمتلكونها ودرجة صدقهم ووفائهم لحزبهم ولوطنهم ولضميرهم… كل هذا لم يطرح. ساومت الأحزاب من أجل الكوطا , واختارت الوزراء بناء على الزبونية والقرابة والتملق والبيع
والشراء .الحصيلة بعض الوزراء دون المستوى والبعض الآخر لا يمثلون إلا أنفسهم وآخرون تائهون بين هذا وذاك. خرج السيد عباس الفاسي بعد أن فعل فعلته … ودخل السيد شباط بعد أن فعل فعلته. داخل الحزب موالين له وآخرون اضطروا الى إعلان الولاء حفاظا على مكانتهم وتقربا من أمينهم ,لكسب وده والمضي مع لعبته.
السيد الوفا وزير التعليم الحالي رجل غريب وشأنه عجيب.لن أرجع الى كيفية دخوله الى الحكومة ,لأن حاله حال جل الوزراء من حزب الاستقلال وحزب الحركة وحزب التقدم والاشتراكية … كل شيء موجود إلا الكفاءة…. اللهم فئة قليلة من وزرائهم. بدليل أن بعضهم من غير وزراء حزب الاستقلال دخلوا اللعبة أملا في استمرارها واستمرار بقائهم وخوفهم من انقلاب حكومي قد ينقلب عليهم.
السيد الوفا خرج عن طاعة حزب الاستقلال , وقرر عدم تقديم استقالته,لأنه يملك تاريخا زاخرا من الخلافات مع السيد شباط بدءا بموالاته للسيد عباس الفاسي ,وانتهاء بالنقد اللاذع الذي نطق به السيد شباط في حقه في إحدى خرجاته الى درجة اتهامه له بعدم القدرة على التدبير وبالصبيانية وما الى ذلك.
السيد الوفا رجل غريب في أطواره وعجيب في لمساته, قد يهلل غربا ثم يعرج شرقا… حاول فرض نمط مختلف في تدبير شؤون التعليم مبني على الجرأة في القرار ,ولو أحيانا دون فهم مضامين القرار. لكنه يبقى من وزراء التربية الوطنية الذين اتخذوا قرارات فاصلة , منها توقيف العمل بالبرنامج الاستعجالي وبيداغوجية الإدماج والمذكرة 122 وتوقيت الزمن مدرسي الذي له ما له وعليه ما عليه …. جرأة في الحوار الى درجة الميوعة أحيانا والانحراف أحيانا أخرى.
السيد الوفا في وضع حرج :
– إما الانضباط لقرارات الحزب وتقديم استقالة ستكلفه لا محالة الخروج بصفة نهائية من الحكومة,على اعتبار الخلاف الدائر بينه وبين الأمين العام لحزب الاستقلال.
– وإما البقاء خارج سياق حزب الاستقلال وتقديمه استقالة من هذا الحزب,قد تضمن له البقاء في الحكومة على اعتبار تشبث السيد بنكيران بشخصه ومساندته لبعض قراراته.
في جميع الأحوال أعتقد أن السيد الوفا ليس في أحسن أحواله. اللهم إن حصل له ما حصل للسيد أخنوش وزير الفلاحة, على أساس خروجه من الحزب وبقائه كوزير مستقل . مما سيكلفه محو سنين من الوفاء لحزب قد يخرج من نافذته صغيرا بعد أن كان في وقت مضى كبيرا. لكنه لا بد من الإشارة بأن السيد شباط أخلط الكثير من الأوراق ولعب لعبا خارج النسق وحسابات لا يعلمها إلا هو وبعض متملقيه.كيف ستنتهي اللعبة و الله أعلم……
Aucun commentaire