موسم الهجرة إلى الجنوب
بدأ مغاربة المهجر يتوافدون على الوطن الأم،في مشهد يكرر نفسه مع إطلالة كل فصل صيف،ولعل توافدهم كل سنة كان له طعم خاص،على حركية الاقتصاد الوطني،من توفير للعملة الصعبة إلى انتعاش السوق الوطنية تجاريا،وهذا ما يفسر ذلك الاهتمام الزائد عن حده بعمال الخارج بمجرد أن تطأ أرجلهم تراب المملكة،وهو اهتمام لازال ساري المفعول،حيث تتجند مؤسسات الدولة للترحيب بهذا الزائر الخاص،أو عفوا بهذا الرصيد المالي الذي تراهن عليه الدولة لإنعاش مداخيل الخزينة العامة.
إلا أنه مع بروز الأزمة الاقتصادية لم تعد تلك المراهنة على مال المهاجر قائمة،ولعلنا شاهدنا كيف نقلت وسائل الإعلام تصريحات أولى الوافدين المغاربة والذين جسدوا بحق انعكاس الأزمة على أحوالهم الاقتصادية،حتى أن أحدهم صرح لدى نزوله من الباخرة،أنه لم يعد يوفر إلا ثمن تذكرة الرجوع إلى الوطن،وقد شاهدناه وكلماته مليئة بالحسرة والألم،وكاد يجهش بالبكاء،وهذه كما هو معلوم ليست حالة معزولة ،بل هو واقع يكادينسحب على جل عمال المهجر.وأنا أتساءل:إذا كان هذا التصريح يعني عاملا نشيطا يمارس عمله بانتظام،فما بالك بعامل آخر بل وبعمال يعانون من البطالة هناك على طول السنة،على غرار عمالنا بإسبانيا الذين أوصلتهم الأزمة الإقتصادية إلى مرحلة الإحباط،وأنا أعرف أن هناك من يعيش على الإعانات،ولم يعد يملك حتى تذكرة سفر يعود بها إلى وطنه.وأمام هذا الوضع القاتم والذي لم تعد تبرز أمامه أية بارقة أمل في عودة الأمورإلى سابق عهدها،فقد بدأنا فعلا نشهد مرحلة الهجرة العكسية،فبعدما عرف المغاربة انطلاقا من الستينات هجرة اليد العاملة بالآلاف نحو الشمال،هاهي إرهاصات هجرة نحو الجنوب بدأت تلوح في الأفق.
ومهما يكن من أمر فإن الأصل في العامل المغربي هوأن يشتغل في وطنه مع ضمان جميع حقوقه المادية والمعنوية،إسوة بالدول التي وضعت ضمن أولوياتها تكوين عنصرها البشري وتأهيله بما يحقق لها تنمية مستدامة.فلو حدث هذا ببلادنا لكفينا أنفسنا شر التعويل على عملة صعبة ليس لها قرار.وهي عملة محكومة مع الأسف بتقلبات أسواق العمل الخارجية
Aucun commentaire