Home»National»دور الأعلام العنكبوتي في الكشف عن مختلف مظاهر الفساد وإحراج المفسدين

دور الأعلام العنكبوتي في الكشف عن مختلف مظاهر الفساد وإحراج المفسدين

0
Shares
PinterestGoogle+

دور الأعلام العنكبوتي في الكشف عن مختلف مظاهر الفساد وإحراج المفسدين

محمد شركي

قبل  الثورة المعلوماتية كان الإعلام الورقي والسمعي البصري مستبدا بالمعلومات يتصرف فيها وفق مصالح الجهات المستعملة له ،حيث كان الإعلام الورقي يخدم الأحزاب السياسية ويقوم بدور الإشهار الخاص بها ، في حين كان الإعلام السمعي البصري يخدم  الدولة أو النظام . وكان المواطن العادي محروما من أية وسيلة إعلامية باستثناء ما كان يسمح به من نشر لبعض التعازي أو التهاني أو الإعلانات التجارية على مستوى الإعلام الورقي . أما على مستوى الإعلام السمعي فكان حظ المواطن العادي هو  برامج محدودة  على غرار برنامج ما يطلبه المستمعون أو ركن المتغيبين . وكان  المواطن العادي في الغالب  موضوع استهلاك الإعلام الورقي خصوصا عندما يتعلق الأمر  بجرائم أخلاقية. أما الكشف عن مختلف  مظاهر الفساد  فكان الأمر يتعلق  بالصراعات الحزبية  حيث لا تنشر أخبار الفساد إلا في إطار هذه الصراعات، الشيء  الذي  يجعلها موضوع شك وريب لدى الرأي العام . وبعد الثورة المعلوماتية انتشر الإعلام العنكبوتي ، وصار بإمكان المواطن العادي أن  يفرض وجوده عبر هذا الإعلام. وانبرى  الإعلام العنكبوتي لمظاهر الفساد بعيدا عن المزايدات والصراعات السياسية والحزبية وبشكل محايد . وأصبح بإمكان المواطن العادي أن يبلغ عن كل مظاهر الفساد عبر الإعلام العنكبوتي الذي صار مصدر تهديد  المفسدين مهما كانت طبيعة فسادهم. وأصبح للإعلام العنكبوتي دور مهم  في  الكشف  عن مظاهر الفساد وعن  ضحاياه . فكم من  مظلمة يعود الفضل في الكشف عنها إلى الإعلام العنكبوتي . ولأول مرة صار بإمكان مختلف الشرائح الاجتماعية التعبير عن همومها خصوصا عندما تكون ضحية الفساد والمفسدين . وسرعان ما يقبل  الناس على المواقع العنكبوتية  التي  تميط الستار عن قضايا الفساد  والمفسدين  ، وسرعان ما يتعاطف الرأي العام مع ضحايا الفساد .أما المفسدون فقد صار الإعلام العنكبوتي مصدر قلق كبير بالنسبة إليهم  ، وصار موقفهم منه يتراوح بين محاولة اتقاء شره عن طريق تملقه والتقرب منه  أو محاولة  التلويح  بمقاضاته  ومتابعته بتهمة الكشف عنهم ، وهو ما يعتبرونه تشهيرا بهم . ولقد صارت المواقع العنكبوتية  تطرق  على رأس  كل ساعة من طرف  أصحاب الفز من المفسدين  من أجل معرفة مدى كشف الستار عن فضائحهم ومخازيهم . وقد  يتعرض بعض أصحاب المواقع العنكبوتية إلى أنواع من التهديد من قبل القافزين من أصحاب الفز من فضائح الفساد . وقد يطالبون بحذف ما كشف عنه الستار من فضائحهم ، وربما  قد يذهبون  بعيدا إلى حد التفكير في افتداء فضائحهم بمحاولة ارتشاء أصحاب  المواقع العنكبوتية بشكل أو بآخر . وبسبب ما يشكله الإعلام العنكبوتي من تهديد للفساد والمفسدين شاعت ظاهرة تقرب البعض خصوصا في بعض  المواقع المسؤولة من  الإعلام العنكبوتي مخافة أن  ينالهم  يوما ما كشفه لما قد  يسجل عنهم من فضائح الفساد ، لهذا نجد أحيانا أرباب المواقع العنكبوتية  على رأس  المدعوين في مختلف المناسبات  سعيا من أصحابها إلى التمويه على ما قد  ينسب إليهم من  فضائح الفساد ، وهم يستبقون ذلك  باستدعاء الإعلام العنكبوتي إلى مختلف  المناسبات التي يعتقدون أنها تحتاج إلى إشهار من شأنه أن يسدل الستار على ما قد يزاح عنه من فساد منسوب إليهم . وفي اعتقادي أن الإعلام العنكبوتي صار يساهم بشكل كبير في  نشر  القيم الأخلاقية من خلال فضح مظاهر الفساد ،ونشر ثقافة إدانتها لدى الرأي العام . وقبل الثورة المعلوماتية ، وتحديدا قبل دور الإعلام العنكبوتي في فضح الفساد  كان المفسدون  يتسترون على فضائح فسادهم  بسبب  صعوبة  وصول  الأعلام التقليدي إليها . وكم من  مفسدين وبسبب  الخوف من  رقابة الإعلام العنكبوتي  يقلعون عن نواياهم  لممارسة الفساد خوفا من التشهير بهم ، وافتضاح أسرار فسادهم ، وهو ما يعني اضطرارهم إلى التزام القيم الأخلاقية مكرهين لا مقتنعين  بها ، وهكذا  يكون الإعلام العنكبوتي قد أدى وظيفة  نشر  القيم الأخلاقية عن طريق  ملاحقة الفساد وإدانته وكذا إدانة كل ما يرتبط به من قيم فاسدة. ولقد أصبح الرأي العام  يلجأ إلى الإعلام العنكبوتي ويستنجد به من أجل الإبلاغ عن المفسدين ومظاهر فسادهم  ، ومن أجل الحد من مخاطرها في أقرب وقت ممكن. وإلى جانب ما يقدمه الإعلام العنكبوتي من خدمة للقيم الأخلاقية عن طريق فضح مظاهر الفساد،  يساهم هذا الإعلام في نشر الوعي واليقظة  بين أوساط الرأي العام من أجل الاحتراس من أخطارالفساد . فكم من مظاهر الفساد تم فضحها قبل أن  يقع ضحيتها العديد من الضحايا ، وهذا يعني أن الإعلام العنكبوتي صار يلعب دور وقاية وصيانة الرأي العام من  أخطار الفساد والمفسدين . وبقدر ما  تشتد وتيرة  كشف الإعلام العنكبوتي عن مظاهر الفساد بقدر ما يكون مستهدفا من طرف المفسدين بقوة وشدة  . وقد يلجأ المفسدون إلى وسائل التشكيك في مصداقية ما يقوم به  هذا الإعلام العنكبوتي من إزاحة الستار عن فسادهم . وربما  لجئوا  أحيانا إلى ردود  أ و تعليقات واهية على ما ينشر حول فسادهم طمعا في محو ما خلفه ذلك من آثار سلبية عنهم لدى الرأي العام الذي  يستطيع أن يميز بين الغث والسمين ، ويعرف  الفساد من الصلاح  ، ويعرف الحقيقة من الزيف  مهما حاول المفسدون التمويه عن فسادهم. وقد يبالغ المفسدون في الردود على ما ينشره الإعلام العنكبوتي عن فسادهم  ، ويكون ذلك دائما  من أجل  صرف أنظار الرأي العام عما سجل عن فضائح فسادهم ، أومن أجل  التشكيك في مصداقية ما نشر حولهم . وبقدر مبالغة المفسدين في الردود أو التعليقات على ما ينشر من فضائح فسادهم بقدر  ما يتأكد للرأي العام تورطهم في الفساد. وأخيرا أرى أن الإعلام  العنكبوتي  صار يسد مسد القصيدة الشعرية في العصور القديمة حيث  كانت الأشعار الكاشفة عن  الفساد تقلق  المفسدين، وكانوا  أحيانا ينفقون الغالي والنفيس من أجل تجنب  الذكر السيء في هذه الأشعار التي تشيع في الناس  شيوعا لا تنفع معه حيل ،وتورث من استهدفته بالكشف  خزيا وعارا لا يغسل أبدا .  وكم من مفسد لحقه العار والشنار بسبب فضح الإعلام العنكبوتي لفضائح فساده وإفساده .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *