Home»National»ماذا يجب على كل حكومة ذات مرجعية إسلامية في بلاد الربيع العربي ؟

ماذا يجب على كل حكومة ذات مرجعية إسلامية في بلاد الربيع العربي ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

ماذا يجب  على كل حكومة ذات مرجعية إسلامية في بلاد الربيع العربي ؟

محمد شركي

من المعلوم أن كل مرجعية تلزم من ينتسب إليها من أجل أن يحصل تطابق بين شعار هذه المرجعية وبين ترجمته إلى واقع معيش  وملموس. فإذا ما اعتمدت بعض الحكومات في بلاد الربيع العربي  المرجعية الإسلامية فإنها تلزمها بالضرورة لقول الله تعالى في محكم التنزيل  (( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)) ،ففي هذا النص القرآني يعد الله عز وجل بالنصر الذين إن مكنهم في الأرض  تميزوا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فالحكومات ذات المرجعية الإسلامية ملزمة بمضمون هذا النص القرآني لأنها استفادت من تمكين الله عز وجل لها في الأرض. فعندما نتأمل كيف مكن الله تعالى لها في الأرض ، نجد بعضها كان أفراده في السجون والمعتقلات لعقود ، والبعض الآخر كان أفراده في المنافي  لعقود أيضا ، وفريق ثالث كان أفراده  لا يحلمون مجرد الحلم بالتفكير في تكوين حزب  يكون سببا في وصولهم إلى خوض غمار السياسة  . وكانت السياسة محرمة على الجميع  بسبب طغيان  وفساد الأنظمة المستبدة .  والتمكين في سنة الله عز وجل هو أن  يصبح المستضعف قويا بقوة وقدرة الله عز وجل كما كان حال نبي الله يوسف عليه السلام الذي مكن له  ربه  بعد أن كان مستضعفا أو حال نبي الله موسى عليه السلام . ولا يخلو من مكن الله عز وجل له في الأرض من  أحد أمرين : إما أن  يلتزم  بثمن التمكين ، فيقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أو يتنكر لذلك  فلا يقيم صلاة ولا يؤتي زكاة ولا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر . ومعلوم أن  كل من يخل  بعهد الله عز وجل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر  يوشك أن يأخذه الله بعقاب كما جاء في الأثر، الشيء الذي يعني أن وعد الله عز وجل بالنصر للذين مكن لهم في الأرض  يزول  بزوال الإخلال بعهد أو ثمن التمكين. والملاحظ اليوم أن بلاد الربيع العربي  قد مكن الله عز وجل فيها  للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ، وهي مشمولة بوعده سبحانه بالنصر بعد التمكين لكن شريطة الوفاء بعهد الله عز وجل  على هذا التمكين . ولا يعقل  أن تظل الأوضاع في بلاد الربيع العربي كما كانت، وهي التي ثارت شعوبها ضد الفساد ، وما الفساد سوى المنكرات ، و ما المنكر سوى ما تنكره الفطرة البشرية السليمة ، وهي الفطرة المنسجمة والمتسقة مع شرع الخالق سبحانه وتعالى والمخالفة لشرائع الأهواء. والمتأمل للأوضاع في بلاد الربيع العربي  يلاحظ أن  أوكار المنكرات نشطت بشكل ملحوظ وغير مسبوق بعد تمكين الله عز وجل للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ، ولم  يكن  هذا الأمر محض صدفة بل هو أمر مقصود ومخطط له  في عواصم المنكرات الأجنبية . ففي بعض بلاد الربيع العربي عمد أصحاب المنكرات إلى  خطوات استباق  تولي الحكومات ذات المرجعية الإسلامية زمام الأمور، وحضروا برامج منكراتهم  لتكون  عبارة عن اختبار تختبر به هذه الحكومات .   وهكذا أعدت مهرجانات المنكرات في بعض بلاد الربيع العربي لحظة تولي بعض الحكومات ذات المرجعية الإسلامية تدبير الأمور ، وذلك من أجل إحراجها ،وحملها على الإخلال  بواجب التمكين الإلهي لها  وهو معارضة المنكرات والنهي عنها. واستمر مسلسل  مشاريع المنكرات بوتيرة غير مسبوقة  حيث ارتفعت صيحات  ودعوات المجاهرة بالمعاصي  بما فيها الكبائر من قبيل  المطالبة بالحق في الشذوذ الجنسي ، وبالإفطار العلني في رمضان ، والمطالبة بحق وحرية استباحة أعراض الأمهات والأخوات والبنات ، وبالمطالبة بحرية القبلات في الأماكن العمومية ، وبالمطالبة بكل أنواع الحريات في مجال الإخلال  بالقيم الأخلاقية الإسلامية عن طريق كل أنواع البرامج الإعلامية الساقطة والمتجاسرة على هذه القيم . والملاحظ أن الحكومات ذات المرجعية الإسلامية بدت وكأنها متراخية   في مواجهة  الدعوات إلى المنكرات متوجسة من  فقدان التمكين السياسي  الذي أنعم به الله عز وجل عليها ،علما بأنه تمكين مشروط بالنهي عن المنكرات ، وأنه لا نصر  بعد تمكين الله عز وجل  للخلق في الأرض إن لم  تقم فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولما علم أهل المنكرات بتوجس الحكومات الإسلامية من فقدان التمكين السياسي  مع وجود أعداء الخارج الذين يسوقون المنكرات عن طريق طوابيرهم الخامسة المبثوثة في بلاد الربيع العربي بالغوا في المطالبة بمشاريع المنكرات من أجل إحراج هذه الحكومات ليقول الناس عنهم : ما هكذا تكون الأمور في ظل حكم الحكومات الإسلامية .  ولم يقف الأمر عند حد  مبالغة أصحاب مشاريع المنكرات في تسويقها بشكل غير مسبوق، بل  اتخذوا رؤساء الحكومات ذات المرجعية الإسلامية موضوع تندر وسخرية  حيث صور بعضهم وهو يستقبل  وفود الأمم الأجنبية من الإناث  مع التعليق على الصور بعبارات مسيئة  وساقطة  تصفهم بأنهم يأتون ما حرم الله عز وجل ، وهو أمر  لم يكن أحد يتحدث عنه  من قبل عندما كان على رأس الحكومات  ذات المرجعيات الأخرى  من لا يعنيه معروف أو منكر . وتوالت تحديات أصحاب المنكرات للحكومات ذات المرجعية الإسلامية، وستستمر بشكل لافت وغير مسبوق  من أجل إرغامها على قبول  مشاريع المنكرات ، ومن ثم جعلها في وضعية متناقضة مع مبادئها ، بل مع شرط التمكين لها في الأرض . وحكاية قبلة الطائرة دليل واضح على كيد أصحاب المنكرات للحكومات ذات المرجعية الإسلامية ، فلو أن أعضاء برلمان الحكومة المغربية المحسوبة على المرجعية الإسلامية  شاهدوا قبلة فيلم  الطائرة هم وأزواجهم دون إنكارها لقيل لهم : ما هكذا يكون الإسلام والالتزام به ؟  ولكنهم لما  أنكروا  هذه القبلة  باعتبارها منكرا من المنكرات، سخر منهم السفهاء ومرضى القلوب من أهل النفاق المبطن والصريح ، واتهموهم بأنهم خلقوا فتنة كادت الطائرة أن تهبط بسببها اضطراريا  ، وأن الأمر كاد أن يصبح أزمة سياسية  إلى غير ذلك مما أخرج إخراجا سينمائيا كما وصفه البعض . ومن المتوقع أنه مستقبلا  كلما  حاولت الحكومات ذات المرجعية الإسلامية إنكار منكر من المنكرات إلا  وواجهت المعارضة الشرسة من أوكار المنكرات . ولقد بدأ حديث بعض المنابر الإعلامية المحسوبة على تيار المنكرات الحديث عما يسمى الخطاب الأخلاقي للحكومات ذات المرجعية الإسلامية  واعتباره  مجرد حيلة سياسية تخدم  المصلحة السياسية لهذه الحكومات ،بل  هو خطاب  يخادع أو يدغدغ مشاعر الشعوب التي  راهنت عليها ، مع أن الأمر يتعلق  بشرط واجب مقابل  تمكين الله عز وجل لها في الأرض . ويحاول بعض  دعاة المنكرات إعطاء انطباع  مغلوط عن الوضع في بلاد الربيع العربي  ، وهو القبول  بالمنكرات كأمر واقع ، وفرضه على الحكومات ذات المرجعية الإسلامية  ، وذلك بسبب تساهل  هذه الحكومات مع دعاة المنكرات مخافة أن  تتهم  في عواصم الغرب المصدر للمنكرات إلى بلاد الإسلام  بأنها  ضد الديمقراطية والحريات العامة  وحقوق الإنسان حتى لو كانت هذه الحريات وهذه الحقوق على حساب القيم الإسلامية  التي هي  قبل كل شيء دين وعبادة وطاعة واجبة لا خيار لأحد في  رفضها  باعتبار الإسلام هو الدين الرسمي لدول الربيع العربي . فهل  ستحترم الحكومات  ذات المرجعية الإسلامية مرجعيتها وتلتزم بها في كل الأحوال  أم أنها ستمضي في مهادنة أصحاب المنكرات ؟ وهل ستحافظ على نصر الله عز وجل لها  بالشرط الذي وضعه سبحانه أم أنها  ستغامر بهذا بالنصر بعد التمكين لها في الأرض ، وتقدم على عقاب  وشيك من الله عز وجل  بسبب  ترك فريضة النهي عن المنكر والأمر بالمعروف ؟  وشر عقاب  يواجهها أن تزول وتعود كما كانت قبل التمكين لها في الأرض .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عبد الحفيظ كورجيت
    06/02/2013 at 11:26

    أظن أن من بعض ما يجب أن تقوم به وخاصة عندنا هو أن تقرأ بعض فصول الأخطاء الستة للحركة الإسلامية للمرحوم الدكتور فريد الأنصاري. ثم تدرس فكر المجذد فتح الله كولن وتستلهم منه فلسفة تكوين الإنسان وتربيته على العمل ليكون مغناطيسا ينجذب إليه حتى خصومه عندما يرون منه الإستقامة والنزاهة والإخلاص في العمل والتضحية بالتطوع. لا يمكن أن تبني وطنا وتغير نصف قرن أو يزيد من الفساد ببضعة آلاف من المنتمين إلى الحزب نسبة مهمة منهم تحرص على حف الشارب أكثر مما تحرص على أداء الواجب

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *