عجبا لمن يتحدث عن قيم وافدة على المغرب وكأنها الأصل والقيم الاسلامية استثناء
عجبا لمن يتحدث عن قيم وافدة على المغرب وكأنها الأصل والقيم الاسلامية استثناء
محمد شركي
كالعادة نشر موقع هسبريس ذي التوجه العلماني مقالا حول ما سماه صراع القيم الأخلاقية في المجتمع المغربي على إثر زوبعة » القبلة » التي أثيرت مؤخرا، وهي مجرد ذريعة مكشوفة من أجل خلق شرذمة العلمانيين فرصا للنيل من الإسلام عن طريق التمويه عن هذا الهدف من خلال شد الأنظار إلى خلافهم مع الإسلاميين وليس مع الإسلام . ولا يملك موقع هسبريس عندما يتعلق الأمر بوجهة نظر شرذمة العلمانيين أكثر من مستوى الأمازيغي المتعصب عصيد المحسوب على الفكر والبحث والرجل في الحقيقة لا يعدو في أغلب كلامه عن كونه يسلح ويخلط كما يقول المغاربة ، ولا أكثر من مستوى الزمزمي الذي يتخذه هذا الموقع في الغالب مطية للتندر به وبفتاواه المثيرة للسخرية من قبيل فتوى الجزر والقنينة والمهراس ومضاجعة الهالكة وما شابه ، والرجل لا يعدو أن يكون راغبا في حب الظهور عن طريق خالف تعرف . وما نسبه موقع هسبريس للأمازيغي المتعصب عصيد بخصوص موضوع القيم الأخلاقية يوهم بأن القيم الأخلاقية الوافدة على المغرب وتحديدا المحسوبة على العلمانية هي الأصل الذي كان في هذا البلد منذ قرون ، وأن القيم الأخلاقية الإسلامية هي الوافدة . ولا يستغرب هذا الفهم المحسوب على عصيد الذي يرى أن الإسلام والعروبة والعربية إنما وفد ت على المغرب الذي أصله الأمازيغية ، وهي أمازيغية لا تنسجم عند عصيد مع الإسلام بقدر ما تنسجم مع العلمانية . ومعلوم أن عصيد ومن يمثلهم من العلمانيين يلعبون على فكرة الفصل بين الإسلاميين والإسلام ، ولا يترددون في التشكيك في فهم الإسلاميين للإسلام الفهم الصحيح . فالعلمانيون لهم فهمهم الخاص بهم للإسلام ، وهم يعتقدون أنه الفهم الصائب والصحيح ، بينما فهم الإسلاميين هو فهم خاطىء بل أكثر من ذلك الإسلاميون في نظر العلمانيين يستغلون الإسلام لأغراض سياسية أو سياسوية . فالفهم العلماني للإسلام هو تحييده من الحياة كهدف غير معلن وغير مصرح به تجنبا لإثارة الحساسية من العلمانية لدى سواد الأمة المسلمة ، وكهدف معلن يعتبر الإسلام عند العلمانية المغربية مجرد اختيار كباقي الاختيارات ، وليس ضرورة . وهذا الفهم ينطلق من اعتبار العلمانية عند أصحابها هي الأصل في المغرب ، وهي التي تتفضل على الإسلام بنوع من الاعتراف به ، وما بقي على العلمانية إلا فرض الجزية عليه وهو صاغر. والعلمانية لا تعني عندها عبارة الدستور : » الإسلام هو الدين الرسمي للدولة » شيئا ، ولا يتردد العلمانيون في المطالبة بشطب هذه العبارة من الدستور، لأن الأصل عندهم هو العلمانية والوافد هو الإسلام ، ولا يحق لوافد أن يتبوأ المكانة الرسمية في المجتمع . وبموجب هذه العبارة في ديباجة الدستور المغربي يعتبر العلمانيون في حالة شرود بلغة لعبة رياضة كرة القدم ، ومن المفروض أن تنالهم صفارة التحكيم مع ورقة صفراء أو حمراء في حالة الإصرار على الشرود . ولم يجد العلمانيون من يقول لهم بقوة قانون الدستور : « من أنتم حتى تقرروا مصير دين الدولة الرسمي ؟ ألا يكفيكم أنكم مرقتم من الدين مروقا مكشوفا وعبرتم عنه بعظمات ألسنتكم ، وأنتم تجهلون أو تتجاهلون حكم الإسلام في المروق من الدين ؟ » يبدو أن العلمانيين يعتمدون أسلوب : » أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم » حيث يهاجمون الدين قبل أن يقتحم عليهم مروقهم منه من خلال طريقة الفصل المتعمد بين الإسلام والإسلاميين ، وكأن هؤلاء يملكون الصلاحية للزيادة أو النقصان من ضوابط الدين وفي الشرع . ومعلوم أن القيم الأخلاقية التي جاء بها الإسلام واضحة المعالم ومحسوم في أمرها ، ولا تقبل تأويلا وحولها إجماع الأمة منذ قرون ، ولا مبرر لخوض العلمانية اليوم فيها لأنها من تشريع الخالق سبحانه وعلى الخلق الالتزام بها ضرورة لا اختيارا . ومن القيم الأخلاقية الإسلامية التي لا يمكن أن يتناطح فيها كبشان إلا أن يكونا كبشين علمانيين تربية وترويضا أن العلاقة الزوجية يحكمها قانون الستر والتستر بل حتى العلاقة غير الزوجية يلزمها التستر حفاظا على مشاعر الأمة ، وتجنبا لإشاعة الفاحشة في مجتمع إسلامي . ولا يمكن أن يتجاهل العلمانيون أو غيرهم أن إفضاء الزوجين إلى بعضهما تقبيلا أو مداعبة أو مباشرة جنسية والحديث عن ذلك أمر ممنوع في الإسلام بنص الحديث الذي أوجب اللعنة لمن يفعل ذلك . فهذا قانون الإسلام وليس قانون الإسلاميين كما يروج لذلك العلمانيون .فالمقبل لزوجته جهارا وعلنا أمام الناس أكثر من المحدث بما كان بينه وبينها وهما في خلوتهما ، وهما في حكم الملعونين شرعا ، في حين هما عند العلمانيين يمارسان حريتهما . وهذا الموقف من العلمانيين يؤكد أنهم يعتقدون أن علمانيتهم الوافدة على المجتمع المغربي هي الأصل ، وأن الإسلام هو الوافد . وهذا الموقف يعتبر نفيا ورفضا واضحا لقيم الإسلام الأخلاقية ، ولا مبرر للف والدوران من خلال اتهام الإسلاميين . فإذا جاز للإنسان أن يقبل في العلن جاز له أيضا أن يضاجع وأن يشرب الخمر وأن يأكل ما حرم من طعام ، وأن يأتي كل ما نهى عنه الإسلام بدعوى ممارسة الحرية ،الشيء الذي يعني أن المغرب قد تحول دون علم سواد المغاربة من بلد إسلامي إلى بلد علماني لأن شرذمة من العلمانيين تريد ذلك ضد إرادة سواد الأمة ، وهو منطق غير سليم ، وغير مقبول حتى في العرف العلماني الذي يحترم قواعد اللعبة الديمقراطية ، وهي لعبة احترام إرادة الأغلبية سياسيا ولا يعقل أن تحترم إرادة الأغلبية سياسيا ، ولا تحترم إرادتها دينيا ، والدين عبارة عن منهاج حياة ، وليس مجرد خضر فوق كسكس كما يقول المغاربة . فكيف ترفض أغلبية الشعب المغربي الإخلال بالقيم الأخلاقية الإسلامية ، ولا يحترم رأيها ، في حين تريد الأقلية العلمانية أن تفرض قيمها الأخلاقية المنحطة على هذه الأغلبية ؟ وواضح أن العلمانية بالنكهة العصيدية الفجة إنما تهدف إلى إدارة الصراع السياسوي أو الحزبوي كما يسمى مع خصومها الإسلاميين على حساب القيم الأخلاقية الإسلامية . ولو فعلت فقرة الدستور التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي لفعلت معها كل الإجراءات المانعة من التجاسر على القيم الأخلاقية الإسلامية بما في ذلك وجود محتسب أو شرطة أخلاقية تقتاد المتعمد تقبيل زوجته في مكان عمومي أمام الناس إلى إصلاحية لتقويم اعوجاجه وانحرافه الأخلاقي عن القيم الأخلاقية السائدة في الوطن . وكان من المفروض أن يستتاب صاحب هذه التجاسر على القيم الأخلاقية الإسلامية ، هو ومن يدافع عنه أو يبرر انحلاله الخلقي ، فإن أبوا وأصروا على ذلك نفذ فيهم حكم الله عز وجل . وفي غياب من يكبح جماح هؤلاء المتجاسرين على القيم الأخلاقية الإسلامية يخشى أن يدفع استفزازهم للمشاعر الدينية للإمة إلى سلوكات متطرفة ردا على سفاهتهم وقلة حيائهم .
Aucun commentaire