Home»National»تقييم المخطط الاستعجالي عبارة مشاريع سرابية مقابل إهدار أموال طائلة

تقييم المخطط الاستعجالي عبارة مشاريع سرابية مقابل إهدار أموال طائلة

0
Shares
PinterestGoogle+

تقييم المخطط الاستعجالي  عبارة مشاريع سرابية مقابل إهدار أموال طائلة

 

محمد شركي

 

أقدمت الوزارتان المسؤولتان عن التعليم المدرسي والعالي على عملية تقييم  رباعية الإصلاح المعروفة بالمخطط الاستعجالي في سنته الرابعة . ومع أن كل وزارة نهجت  أسلوبها في التقييم ، فالغاية واحدة ، وهي معرفة ماذا تحقق خلال رباعية أعقبت عشرية  فاشلة . والاعتقاد السائد في الأوساط التابعة للتعليمين العالي والمدرسي  أن الرباعية فاشلة أيضا على غرار العشرية إلا أن الفرق بين فشل العشرية ، وفشل الرباعية هو أن هذه الأخيرة جمعت بين الفشل المعنوي  والمادي. ويذكر الرأي العام أن أصحاب القرار السياسي عندما سألوا أصحاب القرار التربوي عن أسباب فشل العشرية قيل لهم إن السبب هو غياب الغلاف المالي ، فبادر أصحاب القرار السياسي إلى تدارك الرباعية بصبيب مالي ضخم  فاق كل التوقعات حرصا منهم  على إنجاح  هذه الرباعية من أجل تدارك فشل العشرية . ولقد جاء تقييم الرباعية في ظرف الربيع المغربي الذي كان سببه الثورة على الفساد  والمفسدين ، الشيء الذي اضطر أصحاب القرار السياسي إلى تعديل الدستور ، وإجراء الاستحقاقات البرلمانية التي أفرزت حكومة جديدة وعد أصحابها بتحقيق رغبة الشعب في محاربة الفساد  والكشف عن المفسدين . وبدأ الحديث عن ملفات الفساد في بعض القطاعات ، ومن ضمنها قطاع التعليم المدرسي والعالي . ولقد صرح وزير التعليم المدرسي للإعلام عقب توليه الوزارة بأنه قد وضع يده على ملف فساد خطير ، ولم راجعه الصحفي الذي كان يحاوره قال بالحرف الواحد : أنا أتحمل مسؤولية ما أقول . وبادر هذا الوزير إلى إلغاء مشاريع مرتبطة بالرباعية ومخططها الاستعجالي ، وكان من المفروض أن ينتظر انتهاء السنة الرابعة للمخطط ، وانتهاء التقييم لاتخاذ قرار الإلغاء ،ولكنه أصر على أن تسير العربة قبل الحصان . ولما عمدت وزارة التعليم المدرسي  إلى تكوين لجان النبش في  موضوع مشاريع المخطط الاستعجالي  ذهب البعض إلى أنها محاولة متأخرة لإعادة الحصانإلى مكانه قبل العربة من أجل تبرير القرارات الوزارية الاستعجالية  . وانطلقت في طول البلاد وعرضه اللجان الفاحصة لمشاريع المخطط الاستعجالي لتسويد تقارير ستتلى  في المجالس الإدارية للأكاديميات . وقد صدمت العديد من  هذه اللجان بسبب  انعدام العديد من مشاريع المخطط الاستعجالي ، والسر في  صدمتها هو أن المبالغ التي رصدت لهذا المشاريع الوهمية  قد صرفت بالفعل  ، وتم تبرير صرفها مع أنه  لا وجود لأثر هذه المشاريع على  أرض الواقع. وهذا يعني أن فشل الرباعية أدهى وأمر من فشل العشرية ، ذلك أن فشل العشرية كان بدون خسارة مادية ، في حين أن فشل الرباعية كان بخسارة مادية فادحة . ولقد كشف النقاب في بعض الجهات على سبيل المثال لا الحصر عن نفقات باهظة أنفقت على قنينات الغاز الذي طبخ به الطعام المخصص لحلقات التكوين المستمر الخاص ببيداغوديا الإدماج ، وبلغ  حجم الغاز المستهلك فيها ما يكفي لتسعير نار جهنم . وما قيل عن أسطوانات الغاز  يقال عن الطعام والشراب وعن الأدوات المستعملة في هذا التكوين ، وكل ما يتعلق به حيث بلغت الأسطر المالية المخصصة لهذه الأمور في بعض الجهات أرقاما مذهلة . ولقد كشفت لجان رصد مشاريع المخطط الاستعجالي عن وجود هوة سحيقة بين الذين كانوا يتصرفون في أموال المشاريع  ، وبين الذين كانوا يقومون بتنزيل هذه المشاريع التي لم ينزل منها الكثير ، ومع ذلك صرفت أموالها . ونتائج تقييم المخطط الاستعجالي  إذا ما كان التقييم صادقا وموضوعيا  ومحايدا يجب أن تتجه نحو استدعاء المجلس الأعلى للحسابات من أجل مساءلة الذين كانوا يشرفون على صرف مال المخطط الاستعجالي  ، وموازاة مع ذلك مساءلة الذين  كانوا يقومون بتنزيل المشاريع . فلا شك أن العابثين بأموال المخطط الاستعجالي كعادتهم يظنون بأنفسهم الشطارة والذكاء كما يظنون بغيرهم البلادة والغفلة ، وذلك حين يعمدون إلى حيل طمس معالم عبثهم عن طريق التبريرات الكاذبة للنفقات ، وهي تبريرات يفضحها واقع الحال . فعندما يصل سطر نفقات الغاز على سبيل المثال كما أسلفنا قدرا خياليا لا يقبله العقل ، فماذا يقال عن أسطر الترميمات والبناءات والتجهيزات ، والتنقلات … إلخ ؟  يمكن للمختلسين أن يبرروا الاختلاس بوثائق مزورة ، ولكن مصداقية هذه الوثائق يمحصها الواقع . ولو كان في نية المسؤولين عن الجانب المالي  في المخطط الاستعجالي  الشفافية  لما  أخفوا ما  كانوا يفعلون عن الذين كانوا معهم ينزلون مشاريع المخطط. فالرأي العام يذكر جيدا زخم التكوينات  حتى صار كل من هب ودب  ينصب لهذه التكوينات ، وكثرت تسمياتها وتبريراتها ، وكانت في الغالب أوقات الإطعام أطول من أوقات  هذه التكوينات ، كما يذكر زخم الترميمات  ، والتجهيزات  والتنقلات …. إلخ . كل ذلك الزخم كانت وراءه المال العام  الذي صار إلى أيدي العابثين ، فبذروه تبذير الشياطين . والمطلوب من الوزارة الوصية ، ومن ورائها الحكومة الوصية التي وعدت الشعب بمحاربة الفساد والمفسدين ألا تقف عند حد تقييم ما أنجز وما لم ينجز من مشاريع المخطط الاستعجالي ، بل لا بد من البحث والاستقصاء الدقيقين من طرف المجلس الأعلى للحسابات مع الجهات التي صرفت مال الرباعية ، ولا بد من أن يقعد هؤلاء على القنينات كما يقال من أجل الاعتراف  بما بذروه من مال عام . أما الرباعية فلن يقول بنجاحها إلا الذي لا يعرف الحي من اللي ، وهو الأحمق  فاسد الرأي . فالرباعية فاشلة  بواقع الحال ، وبكل المعايير والمؤشرات ،لهذا لا بد أن يتوجه التحقيق صوب المال العام الذي أهدر في هذه الرباعية الفاشلة . وكل سكوت عن إهدار المال العام مع الإقرار بفشل الرباعية يعتبر تواطؤا مكشوفا مع المسؤولين عنه . ولا بد أن تبرهن الحكومة الجديدة على أنها لا تقف عند  حد الإشارة إلى ملفات الفساد ، بل  لا بد من  توقيف المسؤولين عنها ومحاكمتهم  ، واسترجاع المال العام الذي نهب . فالشعب يريد محاربة الفساد ولا يريد مجرد الحديث عن الفساد. ولقد مرت عقود طويلة على هذا الشعب وهو يسمع الحديث عن الفساد ، ولا يرى عقابا للمفسدين . إن قطاع التعليم ككل القطاعات شمله الفساد ، وعلى رأس هذا الفساد هدر المال العام في صبيب هائل رصد لرباعية إصلاح انتهت بالفشل على غرار فشل العشرية . فإذا كان وزير التعليم العالي قد  رصد لوائح للمستفيدين بطرق ملتوية وغير مشروعة من مال المخطط الاستعجالي ، فلا بد أن يرصد وزير التعليم المدرسي أيضا لوائح العابثين بمال الرباعية الذين يظنون بأنفسهم الشطارة حين يبررون الصرف الكاذب عن طريق العبث بأسطر الميزانيات التي تجعل على سبيل المثال  أسطوانات غاز الطهي التي في مستوى تسعير نار جهنم كما أسلفنا مبررا للصرف ليس غير ، لأن العابثين  يحولون سطرا إلى آخر كأن يصرف المال العام على تنقلات وهمية مقابل مهام  لا تتوفر على مبررات للصرف ، وقد تكون هي الأخرى وهمية . ولا بد من التمييز بين كبار العابثين بالمال العام المتحايلين على القانون ، وبين ضحايا هؤلاء العابثين الكبار من المصابين بداء طاعون الطمع   الذين صرف لهم القليل من المال العام  ، واستعملوا كدروع بشرية لتبرير عمليات السطو الكبرى على المال العام  من طرف  كبار المفسدين. والرأي العام في قطاع التعليم وغير قطاع التعليم في انتظار نتائج لجان البحث في مشاريع المخطط الاستعجالي التي لا يمكن أن تذكر دون أن يذكر ما أنفق عليها من مال عام،  أو بالأحرى ما أهدر عليها من مال عام. فإذا كانت بيداغوجيا الإدماج  على سبيل المثال عبارة عن إجراء إصلاحي فاشل ضمن إجراءات رباعية الإصلاح  كما صرح بذلك وزير التعليم المدرسي ، فلا بد أن يحاسب الذين استوردوا هذه البيداغوجيا  ، ولا بد أن يحاكم الذين أهدروا  عليها المال العام . وما قيل عن بيداغوجيا الإدماج يقال عن كل  مشاريع المخطط الاستعجالي بما فيها التي لم تر النور أصلا ،ومع ذلك تم تبرير الإنفاق عليها بطرق كاذبة وملتوية ومكشوفة  .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. المكي قاسمي
    21/06/2012 at 15:15

    رغم كل تلك المؤاخذات على السيد وزير التربية الوطنية في بداية مشواره حول التسرع في اتخاذ قرارات تخص جوانب استراتيجية، كثانويات التميز، إلا أن السيد الوزير ما فتئ يتخذ مبادرات وقرارات تعد بمثابة مؤشرات قوية عن تحليه بالنزاهة وروح المسئولية.وسياق اللحظة يعد فرصة لأن تترجم الوزارة تلك المؤشرات إلى أفعال وإجراءات تضع حدا لنزيف المال العام الذي لم يعد البعض يميز ولو نسبيا بينه وبين ماله الخاص، بل مال أهله وذويه ومتملقيه والساكتين عن فعله الحرام.والسياق المتحدث عنه هو العمل المحترم الذي قامت به لجان الافتحاص المكلفة من طرف الوزارة بافتحاص كيفيات تطبيق المخطط الاستعجالي، وبعض الحقائق المرعبة التي وقفت عليها والمتصلة بالطرق العجيبة والناطقة، بل الصارخة بالفساد، التي تم من خلالها صرف الاعتمادات المالية المرصودة للمخطط إياه، في البعض من الحالات على الأقل. ولعل الحالات التي أوردها المقال لا تعدو عن أن تكون جزيئ من ذاك الجزء الظاهر من جبل الجليد الموجود معظمه تحت الماء، وبالتالي تتطلب رؤيته الغوص.هي فرصة إذن لكي نطمإن كرأي عام عموما، وكرأي عام تربوي على الخصوص أن المؤشرات القوية المشار إليها أعلاه ليست مجرد مهدئات لتسكين النفوس، بل تعبر عن إرادة صادقة في ألإصلاح

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *