دائما أسائل نفسي: ما الذي يجب أن يتغير، وما الذي يجب أن يبقى ثابتا في معادلة الحياة والرقي والتقدم؟ فكنت أضيع في ايجاد الحلول، بين تجارب الاقوام الذين سبقونا، رغم اقتناعي أن العصافير تعود لاعشاشها كل ربيع بعدما قضت سنة من الترحال هنا وهناك، تعود كي ترمم ما فسد من أوكارها لتعيش حميمية اللقاء من جديد، وتنخرط بعفوية في حلزونية الحياة، مضيفة حلقة أخرى إلى حلقاتها؛ لكني لم أشهد يوما أحد هذه العصافير العائدة، يتمرد على العش الذي شهد أول نفس له في هذه الدنيا، لم أر منها ما يدل على أنها تكن لهذا العش غير الحب و الحنين؛ ورغم اقتناعي أن جدي وجدتي هما البذرة والأرض التي نبت فيها أبي، وأن جدي علمني كيف أصلي وكيف أكون خلوقا، وأن أبي ضرب أمي في لحظة غضب لكن أمي صبرت، فتعلمت منها الصبر وتعلمت منه أن إيلام الاخرين لايجعلهم يخضعون ويركعون؛ رغم اقتناعي أن الحقول تزين في فصل الربيع فتفوح منها روائح الأقحوان والياسمين الذكية، وأن العمارات العالية  وروائح عوادم السيارات والحافلات والناقلات والشاحنات و…تشعرني بالغثيان.

اقتنعت أخيرا أن الثابت هو القيم والمبادئ والهوية لأنها تشكل كياننا كأفراد وجماعات…