ما الذي نقصده بالكوميديا الصادمة؟ وبأي معنى يمكن اعتبارها كوميديا للإنسان المقهور؟
الكوميديا الصادمة هي أولا وقبل كل شيء كوميديا، أي نوع من المسرح يجعل من الضحك والتفكه قناته النموذجية لمد جسور التواصل الفني مع المتلقي.. وينظر إلى السخرية باعتبارها أبلغ الطرق لقول الحقيقة، وتداول الخطاب المسرحي بين الخشبة والقاعة تداولا يتحدد بمقتضاه كبناء من الأفكار يحمل وجهة نظر معينة مصوغة على شكل جمالي يختلط فيه الجد بالهزل والمتعة بالفائدة، ومعنى هذا أن الضحك في هذا النوع من الكوميديا ليس مجانيا، ليس « بلا سبب »، وبالتالي فهو ليس مجرد ضحك من أجل الضحك، لأن غاية الضحك في مثل هذا النوع من المسرح الهزلي تتحدد خارج ذاته، أي في مدى تعالقه مع الوضع البشري في مختلف أشكاله ومظاهره وتجلياته، ومع حياة الناس بأفراحها وأتراحها، ومسراتها وأحزانها، وهمومها وانشغالاتها، ودموعها، وابتساماتها، فالضحك في الكوميديا الصادمة هو من حيث الطبيعة والمبدأ ضحك، لكنه يختلف عن الضحك الخالص الذي قد يحدث مثلا كمجرد نتيجة للدغدغة، لأن هذا الضحك هو ضحك مصطنع مفتعل متولد عن استثارة موجهة قسرا لبعض المناطق الشديدة الحساسية في الجسم، وبالتالي فهو ليس تلقائيا عفويا، كما هو الأمر بالنسبة للضحك في الكوميديا الصادمة، على اعتبار أن العفوية والتلقائية هي ما ينقل الضحك من كونه مجرد استجابة فيزيولوجية مشروطة عضويا، إلى كونه استجابة جمالية محددة اجتماعيا، أضف إلى ذلك أن الضحك في الكوميديا الصادمة لا يتولد عن استثارة موجهة للجسم، بل عن استثارة موجهة للوعي، وهنا يأتي دور مفهوم الصدمة كمحدد جوهري لهذا النوع من الكوميديا.