Home»Enseignement»المفتش-فوبيا (الفصل الرابع)؛؛؛

المفتش-فوبيا (الفصل الرابع)؛؛؛

0
Shares
PinterestGoogle+

المفتش- فوبيا (الفصل الرابع)

بقلم: نهاري امبارك، مفتش التوجيه التربوي، مكناس؛ في 17 مارس 2012.

 

من    المعلوم    أن      مجتمع النحل، على    سبيل    المثال، نورده    عبرة لمن    يعتبر، تتعايش  ساكنته  وفق نظام خاص ومضبوط، تنظم في  إطاره  العلاقات أحسن تنظيم، وتوزع فيه الأدوار  بدقة متناهية، دون  تدخل أي عقل  بشري، فكل  يؤدي واجبه بإتقان وإخلاص  وتفان  في العمل، ولا  يرضون أن يعيش بينهم  كسول متخاذل أو منتهز أو مستغل لمجهودات رفاقه، وكل من تقاعس أو تهاون  يطرد ويتشرد، لتنقضي حياته من شدة الوحدة، لأنه يصبح عبء على الخلية يستنزف جهودها، ويتلف  مردودها، ليس  كالعنصر البشري المنحط الأخلاق الذي يفسد ولا يصلح، ولا يستحيي أن يعيش كالقراد على قفى الشرفاء من زملائه دون جهد ولا إنتاج، حيث  يحضر في  اللحظات الأخيرة  لفض  اجتماع  عمل  كان  محددا  موعده، استمر  ساعات طوالا، ليتبجح أنه  شارك وقال وعارض واقترح…، بل الأنكى من ذلك لا يتردد في كتابة اسمه  في أي حيز فارغ في  مقدمة لائحة الحضور.  كما لا يشعر  بأي  خزي  ولا  عار، ولا  تؤنبه  نفسه، ولا يهتز  ضميره، حين  تجده  يسارع إلى دس  اسمه  ضمن  لائحة الجادين  العاملين الذين أنفقوا  من وقتهم  وجهدهم الكثير في إعداد  بحث أو دراسة أو إنجاز عمل ولم يحضر لحظة، ولا أدلى بفكرة واحدة تنسب إليه: إن فرد النحل يؤدي دوره لضمان مكانته داخل مجتمعه، أما الفرد البشري  فيتحين  الفرص  ويستعمل  ذكاءه  في أدنى درجات الغباوة والانحطاط والانتهازية في أبشع صورها، ولسان  حال  كل المتتبعين  يقول: ماذا ينتظر من هذا الشخص وأمثاله؟ هل يتحمل مسؤولية ويسير بها نحو شط الأمان وقطف  الثمار جماعيا ويخدم الصالح العام؟

إن مجتمع النحل  يعيش  متماسكا  ومنسجما، بالرغم من أن لكل فرد منها دورا خاصا، بدون تواكل ولا تقاعس، ينجز مختلف  محتويات  برنامجه  ليحقق  مشروعه  ومشروع  الخلية جمعاء: العمل الدؤوب، ألإنتاج، العيش في أمان، التكافل…؛ وليبدي لزملائه أن  العمل  المنوط به  ينجز بتفان وإخلاص لتحقيق ما يحققه الجميع، الإنتاج المرجو الضامن  لوجوده  وحياته واستمراره، حتى لا ينبذ ولا يلقى به خارج الخلية.

ولما أوردنا سابقا ثلاثية متماسكة منسجمة نابعة من تجارب متواضعة تتجلى في: من لا برنامج له لا مشروع له، ومن لا مشروع له لا عمل له، ومن لا عمل له لا إنتاج له، لم ترم هذه الثلاثية على عواهنها ولم  يتم  قولها عبثا، بل يمكن أن يضاف إليها الآن عبرة بحياة النحل: من لا إنتاج له لا حياة له، وبالتالي لن  يعد تقرير عمل؛ وهذا أمر لن يدعو للاستغراب، فمن لا ينتج غائب عن مجال  عمله، أو مستهتر ومتسيب ولا  إحساس  له  بالمسؤولية وتقدير الواجب  المهني. فهل  ينتظر إنتاج إزاء التلاميذ والفرقاء التربويين من طرف من يبدي تعصبا لتسطير برنامج عمل ووضع خطة لتنفيذه وفق  ما تمليه النصوص المنظمة؛ ولو كان هذا الشخص المتقاعس نحلة لمرمى به النحل خارج الخلية وشردوه.

وبالعود لمجال التوجيه التربوي، صراحة، فهل  يعتبر توزيع بطاقات  الرغبات  وجمعها إنتاجا دالا  على السير العادي للقطاعات المدرسية ومؤشرا على التفاني والإخلاص في العمل؟. فأي  كان  يمكن  أن  يسلم التلميذ بطاقة ليعبئ الفارغ فيها، لكن كيف؟ وبماذا؟ ولماذا؟ فهل  سبق  تعبئة الورقة وإرجاعاها لقاءات جماعية وفردية إعلامية وتأطيرية؟، تتناول الأسئلة المحرجة؟، والأجوبة المناسبة؟، وتتناول منهجية الاختيار واتخاذ والقرار، وتتناول الإجراءلت المتعلقة بالشعب الخاصة وكيفية معالجة الحالات الخاصة؟

وخلاصة القول، فتوزيع  بطاقات  وجمعها في  يومين، كما يعلم الجميع، لا يعتبر بأي حال من الأحوال عملا في مجال التوجيه التربوي، ومن العار نعته بالتفاني في العمل والجميع  يعلم أن التوجيه التربوي  عمل  شاق ومستمر وليس  بالمرة موسميا أو ظرفيا، ولم يعد كذلك من زمان، لكن البعض لازال يعيش العهود البائدة، حتى إنه لم يزر المؤسسة التعليمية إلا يوم توزيع البطاقة وجمعها  وليختزل عملا أيام طوال في يوم واحد أو يومين.

وبالإضافة إلى اختلالات بالجملة، يضاف نوع التعامل والمعاملات، يغلب عليها طابع الاستهتار والرعونة، وانتهاج أسلوب خالف تعرف، ليعرف الجميع جملة من المساوئ ليس إلا، حيث لا علاقة بما هو إيجابي،

فعلى سبيل المثال لا الحصر:

ü    ما معنى تصريح  بعضهم  بالرفض  الصريح  بتطبيق  توصيات  المذكرات  الوزارية  المنظمة منها: 113 و 117 و19؟

ü    وما معنى التصريح علانية  برفض  تسطير أي برنامج عمل وتقديمه للجهات المسؤولة كما ورد خصوصا في المذكرة 19 وعلى الأخص بالفقرة الثانية منها؟

ü    وما معنى  رفض  بعضهم اطلاع المفتشين المنسقين على هذه البرامج وتسليمها إلى الجهة المسؤولة في شكل تقارير تجسد عملا إيجابيا موثقا  يتم  استغلاله  جهويا  ووطنيا  عند الحاجة، في حين أن هذه العملية رحب بها جميع أطرنا على الصعيد الوطني تنظيما للعمل والسير به نحو الأفضل؟

ü    وما معنى رفض هذا البعض خلاصات الاجتماعات، تجسيدا لعقلية المخالفة السلبية الهدامة، بعد الإجماع  المطلق عليها والانطلاق نحو  تنفيذ محتوياتها، فتجده  بعد ذلك  رافضا ومعبرا بأحط المفردات وأكثرها بذاءة؟

ü    وما معنى النفي والنكران  بالمرة انتداب مفتشين منسقين منذ 12 دجنبر 2011، في جو تسوده الديموقراطية والتراضي، بعد عمليات الترشيح والتصويت أسفرت عن انتداب أربعة من بين ستة مترشحسن. ومن ثم انطلق المفتشون المنسقون في تنفيذ المهام الموكولة إليهم إسوة بجميع زملائهم على الصعيد الوطني. وأعود لأطرح نفس السؤال الذي طرح مشكورا أحد زملائنا المتدخلين في مجريات هذا الوضوع: ماذا حدث؟ وأعتقد أن تفسير الواضحات من المفضحات، حيث أتت الفصول  والفقرات السابقة بما يشفي الغليل حول هذا السؤال، وبما لا يدعو لمزيد من التساؤلات. وسأستمر في سرد أحداث محتويات فصول عدة تترجم ما آل إليه هذا المجال، تضحية من أجل الرقي به، وغيرة على مصلحة تلامذتنا والمنظومة التربوية.

ولنعد لنعتبر من مجتمع النحل، فخلية النحل، بالرغم  من  أنها حشرات  صغيرة الجسم، عقلها أقل حجما من رأس إبرة، لا تحكمها قوانين وضعية ولا نصوص تشريعية، ولا يفكر أي فرد منها  في »مفتش » أو مراقب، -حيث التفكير في « مفتش يراقب يضبط » لا يعشعش إلا في عقول المتقاعسين الرافضين للدور المهم الذي يلعبه هذا الإطار ضمن المنظومة- فإن  مجتمع  النحل  يعيش  عيشة  جسم  واحد  وموحد  ينبض  بالحياة. أما « المفتش الذي يدعون أنه يعطي نقطة، يفتش، يراقب »  فمر هذا العهد، وبدا جليا أنه يسعى بمحض إرادته ورغبته، لتحمل مشاق إضافية، هو في غنى عنها، تكليفا لا تشريفا، دافعه غيرة التنظيم والتنسيق وتشخيص الوضعيات  وإعداد تقارير وتقديم مقترحات وتسهيل تواصل مجموعة موظفين مع مسئول إداري، خدمة للصالح العام ، ورغبة في العمل نحو الارتقاء بجودة خدمات التوجيه التربوي، فقد رماه  الفرد الإنسان المتحامل المتقاعس، الذي يضاعف جسمه آلاف الأطنان جسم نحلة، لا تتعب ولا تكل ولا تتفوه بأبسط  كلمة  في  حق أي فرد من الخلية لتنعته بالمراقب، أقول  رماه  ولا  يتواني في رميه بأحط النعوت ظلما وعدوانا، وهو يعرف هذا حق المعرفة وينكرها تخاذلا وجحودا، لا لشيء إلا تسترا وراء مبررات ذاتية وخلفيات واهية، عشناها مرارا كشفها الزمان للعيان،  فصار صاحبها أضحوكة؛ هذا من جهة،  ومن جهة أخرى، حبا في تحقيق نزوات وإرضاء مزاج متقلب وأعصاب متشنجة تجاه المصلحة العامة وتجاه العمل وتجاه الإنتاج وخدمة التلاميذ ودرء التلاعب بمصالحهم التي  تقض  مضاجعهم  وأولياء  أمورهم، وتنفق الدولة أموالا  طائلة  من  أجل  الارتقاء بهذا المجال  الحيوي ضمن المنظومة التربوية.

نهاري امبارك، مفتش التوجيه التربوي، مكناس؛

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *