Home»International»الاتحاد المغاربي.. حلم قد يتحقق

الاتحاد المغاربي.. حلم قد يتحقق

0
Shares
PinterestGoogle+

سليمة لبّال
يعاني اتحاد المغرب العربي منذ تأسيسه قبل 23 عاماً، أي في السابع عشر من فبراير 1989 في مدينة مراكش المغربية، حالة من الشلل، حالت دون أن يحقق أهداف التكامل الاقتصادي والاجتماعي، التي أسس من أجلها لتوفير الرخاء وضمان الازدهار لشعوب دوله الخمس.

أسباب الفشل عديدة، أبرزها الخلاف الحدودي المغربي الجزائري ومشكلة الصحراء الغربية، فهل ستغير مخرجات الربيع العربي في كل من ليبيا وتونس وحتى المغرب، بعد فوز الإسلاميين في الانتخابات التشريعية، هل ستغير واقع الاتحاد فتفعّل هيئاته المجمدة منذ سنوات، أم ستتعقد الأمور أكثر فأكثر، وتتعمق الخلافات بين دول الاتحاد، فيصبح مجرد حلم يعيش في أذهان الشعوب المغاربية، التي تعد في الواقع شعباً واحداً؟

مؤشرات إيجابية
تأمل الشعوب المغاربية أن يمهد اجتماع وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي، الذي تختتم أعماله اليوم (السبت) في الرباط المغربية لعقد القمة المغاربية التي دعا الرئيس التونسي المنصف المرزوقي إلى التئامها، قبل نهاية السنة الجارية، خصوصاً أن آخر مرة اجتمع فيها القادة المغاربة تعود إلى عام 1994، أي قبل 18 عاماً، وتأمل الشعوب المغاربية أيضاً أن تنتهي هذه القمة، إذا ما تمت، إلى إقرار خطة عمل، تسمح ببناء كتلة اقتصادية مغاربية، يكون في مقدورها التأثير في المنطقة المتوسطية التي تشهد تجاذبات كبيرة، كما سيكون في إمكانها أيضاً مواجهة التكتل الأوروبي في الشمال.
تعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المغربي سعد الدين عثماني وهو أحد أبرز قيادات حزب العدالة والتنمية المغربي إلى الجزائر في يناير الماضي أول زيارة لوزير خارجية مغربي إلى الجزائر منذ عام 1989، بعد أن توترت العلاقات بين البلدين بسبب نزاع الصحراء الغربية، حيث تأخذ الرباط على الجزائر دعمها لجبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية، التي ضمها المغرب في عام 1975، كما تعد زيارة رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران إلى الجزائر في ديسمبر الماضي، الأولى من نوعها منذ عشرين عاماً.
تبادل الزيارات وعلى اعلى مستوى بين المغرب والجزائر، يدل على نية البلدين في التصالح بعد سنوات من القطيعة التي يُراد لها من الجانب المغربي، ان تنتهي بفتح الحدود، وقد أكد بن كيران قبل زيارته الجزائر ان تسوية الخلافات الحدودية، ستحل مشكلة الصحراء المغربية، فيما ردت الجزائر بالقول ان اغلاق الحدود البرية بين الجزائر والمغرب «لم يكن ابدا قرارا لا رجعة فيه» وأن «المصالحة مع المغرب ستتعزز مع الحكومة المغربية الجديدة». وهذا المؤشر الايجابي قد يضع حدا لقضية الحدود البرية بين البلدين، والتي اغلقت في عام 1994.

مؤشرات سلبية
رغم ان المغرب طالب الجزائر في عدة مناسبات بفتح الحدود، الا ان الجزائر متمسكة بالغلق، ويبدو ان الامر سيطول الى اجل غير مسمى، ذلك ان المباحثات التي جمعت رئيس الحكومة المغربية بالقيادات الجزائرية لم تتضمن هذه القضية الجوهرية.
لقد شكّلت القضايا الثنائية وخاصة بين المغرب والجزائر منذ عقدين من الزمن، عمق ازمة الاتحاد المغاربي، وابرز ما يعطّل هياكله، لكن مع سقوط النظام السياسي في كل من ليبيا وتونس، والازمة السورية، تبدو الخلافات اعمق بكثير، فالجزائر كانت ضد التدخل الاجنبي في ليبيا، وتقف الآن ضد اي تدخل اجنبي محتمل في سوريا، وعبرت ايضا عن رفضها لقرار طرد السفير السوري، وهو القرار الذي تبنته كل من تونس وليبيا وينتظر ان يتبناه المغرب كذلك.
كما كانت الجزائر دوما ضد اقامة اي قاعدة عسكرية اجنبية في منطقة الساحل، فقد رفضت في عام 2004 أن تنتشر القيادة الاميركية لأفريقيا (أفريكوم) على اراضيها، كما رفضت اي مساعدة عسكرية اجنبية لمحاربة الارهاب في هذه المنطقة.
رفض الجزائر التدخل العسكري سيصطدم بالضرورة بما سيفرزه التدخل العسكري في ليبيا، ففرنسا لن تتنازل عن فكرة بناء قاعدة عسكرية في ليبيا، تعزز تواجدها في افريقيا الى جانب قواتها العاملة في كل من ساحل العاج والسنغال والصومال وافريقيا الوسطى، وهذا يعني ان الخلافات ستتعمق ايضا مع ليبيا، ان سمحت هذه الاخيرة لفرنسا او قوات الناتو بتعزيز تواجدها العسكري في هذه المنطقة من البحر الابيض المتوسط. ولعل أكبر مشكلة تواجه الاتحاد المغاربي، هي اختلاف ايديولوجيات الأنظمة القائمة في كل من الجزائر وتونس وليبيا بعد الربيع العربي، فالنظام في تونس يافع، أفرزت صناديق الاقتراع فيه فوز الاسلاميين والنظام في ليبيا في طور البناء، وقد يقود الى حكم الاسلاميين، والأمر تحقق في المغرب بفوز العدالة والتنمية المعتدل، بينما النظام الجزائري لا يزال يحافظ على البنية ذاتها منذ 50 عاماً، وان كان يعتمد ظاهريا على التداول على السلطة.
هذا الاختلاف سيخلق لا محالة حساسية في تعامل أنظمة هذه الدول بعضها مع بعض، خصوصاً ان هناك تخوفات داخل النظام الجزائري من امتداد نجاح الاسلاميين في المنطقة، الى هذا البلد الذي عانى من الأصولية التي تسببت في مقتل الآلاف من الأبرياء.
يشكل عدم استقرار الأوضاع في ليبيا، أيضاً، هاجساً كبيراً بالنسبة للجزائر، التي تخشى من سيطرة المتطرفين في منطقة الساحل على السلاح، خصوصاً ان الحدود الجزائرية الليبية تصل الى ألف كيلومتر، وهي مسافة تحتاج مراقبتها لتكلفة مالية كبيرة جداً، ويبدو ان طريقة تعامل ليبيا والجزائر مع الملف سيكون العامل الرئيسي الذي يحدد العلاقات المستقبلية ومستقبل الاتحاد.

مستقبل مُعلق
قد يغير فوز الاسلاميين في الجزائر في الانتخابات التشريعية المقررة في العاشر من مايو المقبل، الوضع الداخلي هناك، وقد يلقي بظلاله على تشكيلة الحكومة، لكن الأمر لن ينعكس اطلاقاً، بنظر المراقبين على السياسة الخارجية التي تبقى وفية لعدد من المبادئ، التي يبدو ان التخلي عنها فقط، هو ما سيسمح ببعث الروح مجدداً في الاتحاد المغاربي.
تراهن الشعوب المغاربية على طي الصفحة، لكن هذه العملية تحتاج الى مجهودات كبيرة والى توافقات قد يصعب تحقيقها في هذه الظروف، التي تحاول فيها دول مثل تونس وليبيا بناء مؤسساتها الداخلية بعد سنوات من القمع والدكتاتورية، فيما يعمل النظام الجزائري على ايجاد وصفات فعالة تحول دون أي تغيير يطاله مثلما طال جارتيه، فيما سمي بالربيع العربي.
صحيفة القبس

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *