نقابة المفتشين الصيف ضيعت اللبن
على إثر نشر المكتب الوطني لبيانه الأخير بدأت ردود الأفعال عليه في أوساط هيئة التفتيش التي ظلت تنتظر ميلاد فأر بعد مخاض جمل . وصدق من قال لقد عادت النقابة من حوارها مع الوزارة بخفي حنين ، وما أعقتد أنها عادت حتى بالخفين بل أقول الصيف ضيعت اللبن ولأمر ما قالت العرب : » عند الغاية يعرف السبق » . وعندما اطلعت على بيان النقابة لم أستغرب ما جاء فيه ، وكان أكثر من المنتظر وفوق المتوقع لأن الانطلاقة الخاطئة حصادها الخيبة ، وتذكرت يوم استنكر الجمع العام الجهوي بالجهة الشرقية نتيجة الحوار بين النقابة والوزارة الوصية الذي جاء بالتعويض التكميلي الهزيل السخيف المثير للسخرية مع تمرير مطالب فئوية على حساب الملف المطلبي للهيئة وكان رد المكتب الجهوي الناطق باسم المكتب الوطني هو أن قطار النضال له محطات فلنقبل بالهزيل من المكاسب في انتظار محطات أخرى . وكان هذا الرد مجرد ذر للرماد في العيون لصرفها عن سلوك تمر ير ملفات جزئية لفئات معينة على حساب الملف المطلبي الشامل ـ وهنا أود أن أقطع الطريق عن كل من يحاول ركوب عبارتي هذه للتشكيك في نضالي من خلال الاعتقاد باعتراضي على الملفات الجزئية التي سويت ـ وأذكر بما قلته يومئذ وهو بالحرف : إن الملف المطلبي لهيئة التفتيش لا يقبل التفتيت لأن الوزارة الوصية لا تناقش وإنما تناور من أجل الالتفاف على الملف المطلبي الشامل من خلال تصفية ملفات جزئية وفئوية. وبعد مرور أكثر من سنتين على ما نددنا به من قبول فتات مائدة الوزارة صار المكتب الوطني يردد مقولتنا بلا خجل ، ويقول إن نتائج الحوار مع الوزارة الوصية لا ترقى إلى طموح المطلب الإنصافي .
ولقد قلنا هذا الكلام من قبل والوقت صيف واللبن وافر، فلم يقبل منا وظن بنا القوم يومئذ الظنون وسفهوا أحلامنا، وحاولوا دغدغة المشاعر بحماس مكذوب ووعود بمحطات النضال ، وكانت البقرة قد أصابت اللقاح و صاحب العجل استرجع عجله كما يقول المثل العامي ، ووقع الضحك على قفا المنخرطين الذين ظلوا يركبون قطار النضال في انتظار محطة الوصول وهي أغر من سراب كما تقول العرب . وعرضت كاتبة الدول عرضها ولم تعرف القواعد كالعادة ما جاء في العرض لأن المكتب الوطني يفهم انتداب القواعد له على أنه بمثابة وصاية على قاصرين ، فيكفي أن يعرف المكتب الوطني العرض وهو المؤهل وحده لفهمه وتأويله وما يعلم تأويله إلا هو . وجاء التقييم بلا شيء باستثناء إدانة العملية الإرهابية التي استهدفت أمن وسلامة الوطن ، وما عدا ذلك محض رماد حاول البيان ذره في العيون كما فعل يوم التعويض التكميلي السخيف. وجاءت دغدغة المشاعر كالعادة من خلال الإشادة بالنضال والالتفاف حول النقابة والانخراط غير المشروط في مسلسل النضال وركوب قطاره الهندي الذي لا محطة نهائية له . وجاءت الدعوة للعمل من أجل إنقاذ الموسم الدراسي ، وقد كان بالأمس القريب معرضا للضياع بسبب مسلسل النضال. وكان من المفروض أن تأتي الدعوة للعمل بعد تحقيق نصر مبين كما كان حال مختلف الهيئات التابعة للحقل التربوي . وجاء تدمر النقابة من تقرير الوزارة حول انخراط الهيئة في تنزيل مشاريع البرنامج الاستعجالي ، وحق لها أن تغضب لأن انخراط بعض أعضاء مكاتب النقابة كان في كل مشروع يسيل اللعاب بتعويضاته ، وأرجو أن تستجيب الوزارة لمطلب النقابة الخاص بافتحاص شامل لمالية البرنامج الاستعجالي من أجل صيانة المال العام ، وهو مال ذهب بعضه إلى جيوب المنخرطين من بعض أعضاء مكاتب النقابة في مشاريع البرنامج ، وهو انخراط فضول فيما يفهمون وما لا يفهمون ، وما يجيدون وما لا يجيدون لأن عقيدتهم هي تسوية قوادم الطائر بخوافيه . وكالعادة احتفظ المكتب الوطني بالوصاية على القواعد وبتحديد المحطات النضالية لأنه المسؤول الوحيد عن توقف القطار الهندي أنى شاء ، وعلى القواعد السمع والطاعة ، وليس من قبيل الهزل كما كنت أعتقد أن يسمي بعض من يركب غروره في المكتب الوطني نفسه « بالجنرال » داخل النقابة لأنه يرى في النقابة مؤسسة عسكرية تنزل فيها الأوامر من الأعلى إلى القواعد وليس العكس كما هو حال النقابات في الدنيا. لم تعد النقابة بخفي حنين كما قال أحد الفضلاء ـ الذي لم يسلم من ألسنة السوء بتعليقات مجرحة من كل كراع صار ذراعا ولا ينتصف الحليم من جهول ـ وإنما الصيف ضيعت اللبن يوم كانت العناصر الانتهازية تناور خفية لتمرير مطالبها المصلحية الفئوية على حساب الملف المطلبي المقدس. وصدق من قال من كثرة الملاحين غرقت السفينة. وأنى للوزارة أن تهتم بمن يدوس على ملفه المقدس من أجل الملفات المصلحية ، ومن هانت عليه نفسه أو قضيته فهو على غيره أهون ، والهوان للئيم مرأمة كما يقال . ولقد صارت النقابة في نهج معالجة الكبد والإضرار بالطحال ، وما جلبته رياحها أخذته زوابعها . ولقد رضيت بالقليل وكان الأجدر بها حين تمنت أن تستكثر. ولم يضرها أن تضيع حقوق أصحاب الحقوق ولم تتعب في نسج لهذا سحبت وجرت . وجاءت النتيجة مخيبة للآمال ، وبئس العوض من جمل قيده كما تقول العرب ، وصارت النقابة بلا عير ولا نفير، وهي التي لبس بعض أعضاء مكاتبها جلد النمر للمنخرطين ، ونهج البعض الآخر نهج كلام لين وظلم بين إلى أن سقطت الأقنعة وتلاحت الخصوم وتسافهت الحلوم . والغريب في بعض أعضاء مكاتب النقابة أنهم يلدغون لدغ العقارب ويصيئون ، ومنهم من لو ألقمته عسلا لعض أصبعك .و لقد كان أولى بهم الاعتراف الذي يجب الاقتراف ، وكان عليهم أن يعطوا القوس لباريها ، عوض الاعتماد على من لا يعوي ولا ينبح ، وليس المتعلق كالمتأنق . والنقابة في حاجة إلى من تعلو همته ويطول همه . وها قد أوصل الانتهازيون النقابة إلى مشكل أعقد من ذنب الضب بعدما كلفت المفتشين مخ البعوض. ولهؤلاء الانتهازيين نقول ليست النقابة بعشكم فادرجوا . وللذين يريدون فرض الوصاية على القواعد نقول إنما العصا من العصية . وللذين يحلمون ببعث النقابة وقد دقت الانتهازية آخر مسمار في نعشها نقول اتسع الخرق على الرتق ، ولا عطر بعد عروس ،وقد تفرق القوم أيدي سبا ، وفسدت البطانة وصارت النقابة كمن غص الماء ، وفسا بين منخرطيها الضربان ، وعلق مفوزها الشنا البالي ، وقطعت جهيزة قول كل خطيب فيها لأن المطامع قطعت رقاب الانتهازيين ، ولن يستقيم ظل نقابة عودها أعوج . ولن تنفع بعد اليوم بيانات لأن الصباح يغني عن المصباح . وإذا كان بعض أعضاء المكاتب قد غربلوا المنخرطين ، فإن المنخرطين قد نخلوهم . وللذين يبسطون ألسنة السوء بالتعليقات النافقة أقول عندكم وهي فارقعوه
1 Comment
على المرء أن يتساءل و هو يطالع هذا النص ، أنحن في القرن الواحد و العشرين أم في الجاهلية الأولى نتواصل بالأمثال و ما فيها من لبن و جمل و ناقة و بعير ؟ إن مشكل المفتشين هو في أن في أوساطهم من يلعب على حبلين مرة و أمام الناس يلعب دور البطل و مرات كثيرة في الخفاء يتودد للمسؤولين و يعقد معهم الصفقات,إن المفتش يفترض فيه أن يكون حامل لواء الفكر التحليلي الرزين و الرؤية المستقبلية الواقعية أما أن نترك الوزارة و ننقلب إلى صراع فيما بيننا فهذا هو بالضبط ما تريده الوزارة
أنا مفتش ثانوي و قرأت البلاغ و لم أجد فيه ما يوحي بالفئوية كما أن الوزارة استجابت للمفتشين أكثر من غيرهم و تلك هي بداية الطريق
و من العيب أن لا نرى في الملف سوى الجانب المادي يا أستاذ