مشكلات الحكم الذاتي في التطبيق- دراسة تطبيقة لحالة الصحراء
مشكلات الحكم الذاتي في التطبيق
مع دراسة تطبيقية لمشكلة الصحراء
محمد بوبوش: باحث في العلاقات الدولية – جامعة محمد الخامس- الرباط
يثير مفهوم الحكم الذاتي، في التطبيق، مشكلات عديدة، نظرا إلى غموضه وعدم تحدده، ونسبية مفهومه وافتقار نص واضح بشأنه يمكن الاحتكام إليه عند الضرورة، الأمر الذي يجعل من المفهوم موضوعا للتأثر بعلاقات القوى والرؤى الإيديولوجية.
ومن خلال تتبع بعض أنماطه، وتطبيقاته المتعددة، يمكننا استخلاص بعض المشكلات الهيكلية التي تصاحب تطبيقاته على أرض الواقع فيما يخص مشروع الحكم الذاتي.
1- صراع المصالح:
كثيرا ما ينشب نزاع في المصالح بين الوحدات المتمتعة بالحكم الذاتي، سواء أكانت أقاليم أم مناطق وبين الدول صاحبة السيادة، أو بين هذه الأقاليم وبين الدول المستعمرة. ففي حالة الأقاليم والمناطق والصراع بينها وبين الإدارة المركزية والدولة صاحبة السيادة، ينصب الصراع على تعارض المصالح الخاصة بالإقليم مع المصالح الوطنية العليا التي تحظى برعاية الدولة. وفي حالة الأقاليم الخاضعة للاستعمار ينصب هذا الصراع حول الاستقلال والأمن والعلاقات الخارجية وغيرها من القضايا ذات التأثير المباشر في مصالح الطرفين كما يراها كل منهما على حدة:
وتتخذ معالجة هذا الصراع أشكالا ثلاثة:
*حل سياسي: ويتم اللجوء على هذا الحل في حالة أن تكون الوحدة المتمتعة بالحكم الذاتي ذات وضعية دولية وتخضع لنظام دولي[1]، كما هو الحال بالنسبة إلى إقليم "السار" الذي منحته المعاهدة الألمانية-الفرنسية حكما ذاتيا مضمونا من ثماني دول، وهي اتحاد أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وكان اتحاد دول أوربا الغربية أصدر قرارا في 11 ماي 1955 ينص على أنه في حالة خرق وضع الإقليم من أية جهة، فإن للمفوض الأوربي أن يدعو إلى عقد جلسة طارئة لاتحاد دول غرب أوربا، وعليه اتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة، لمعالجة الموقف وبالمثل حالة إقليم تريست[2]، حيث نص على تسوية من طريق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
*حل قانوني: ويتم استخدام هذا الحل بكثرة في إطار الدولة الاتحادية، إذا ما نشب نزاع بين بعض الولايات الاتحادية، إذ إن المحكمة الاتحادية هي الجهة المختصة في الفصل في هذا النزاع.
*التحكيم: يقوم على أساس تشكيل مجلس تحكيم للبت في المشكلات المثارة على غرار المعاهدة الفرنسية التونسية التي أنشأت مجلس تحكيم من سبعة أعضاءه لاتخاذ القرارات اللازمة.
2- مشكلة الشخصية الدولية:
إن الدولة كوحدة للقانون الدولي تتمتع بالشخصية الدولية، مع مراعاة ما يرافق ذلك من حقوق والتزامات، فهي تتمتع بالسيادة على إقليمها، وتشارك في الأنشطة التي تهم الجماعة الدولية ككل، ولها الحق في تقرير سياستها الخارجية[3].ويقصد بالشخصية القانونية الدولية التمتع بصفة شخص للقانون Sujet de droit في نطاق القانون الدولي l’ordre juridique international فهي الفكرة التي تدل على الوضعية القانونية التي يتمتع بها أشخاص القانون الدولي، والتي تؤهلهم لاكتساب الحقوق والالتزامات الدولية[4].
ويترتب عن الاعتراف للدولة بالشخصية القانونية كل الآثار القانونية المرتبطة بالدولة من زاوية حقوقها والتزاماتها ومسؤولياتها عن الأفعال والتصرفات التي تقوم بها على المستوى الدولي[5]،
غير أن مختلف تطبيقات الحكم الذاتي سواء كان داخليا أم خارجيا، لم تتمتع الأقاليم الخاضعة له بالشخصية الدولية، فمثلا تونس في الإطار الاستعماري و "بورتوريكو" و"غرينلاند" ، لم تحظ، طبقا للحكم الذاتي، الممنوح لها، بحق تقرير الشؤون الخارجية والدفاع.فبورتوريكو ترتبط بالولايات المتحدة الأمريكية باتحاد حر، وتقوم هذه الأخيرة بتقرير شؤون الدفاع والخارجية.
وفي "غرينلاند" تقوم حكومة الدانمرك بتقرير سياستها الخارجية، مع استشارة "غرينلاند" عندما يتعلق الأمر بقضايا تخصها كالعلاقة مع دول الإتحاد الأوربي، أما تونس، فكانت فرنسا هي التي تتولى إدارة شؤونها الخارجية وتمثيلها على المستوى الدولي، أما اسبانيا، فلا يختلف الأمر،إذ تتمتع المناطق المحكومة ذاتيا بصلاحيات تشريعية وتنفيذية محدودة بنطاق الإقليم، بينما احتفظت السلطة المركزية في مدريد بتقرير السياسة الخارجية،، وشؤون الدفاع والأمن والخارجية، وتقرير السياسات المالية العامة والأنظمة المصرفية المعمول بها في البلاد، وكذلك عقد المعاهدات، سواء كانت اقتصادية أو عسكرية أو سياسية.
والنتيجة المترتبة على ذلك، أن وحدات الحكم الذاتي، سواء كانت في الإطار الداخلي أو الدولي، وسواء تعلق الأمر بالأقاليم أو الجماعات القومية، لا تحظى بالشخصية الدولية، ومن ثم فليست موضوعا للقانون الدولي وإنما موضوعا للقانون الداخلي وشخصا له[6].
وبالتالي يمكن القول أن منطقة الصحراء لن تتمتع بشخصية دولية على المستوى الدولي، كما لأن صلاحيات الرئيس التنفيذي لمنطقة الصحراء ستكون صلاحياته الدبلوماسية محدودة بنطاق خطة الحكم الذاتي، فهو لن يستطيع إقامة علاقات دبلوماسية مع الخارج أو توقيع اتفاقيات ومعاهدات سياسية، فهذه من صلاحيات السلطة المركزية في الرباء اللهم بعض الاتفاقيات ذات الطابع الاقتصادي والثقافي حيث يتم توقيعها باستشارة مع الحكومة المركزية في العاصمة.
ويمكن للحكومة المركزية في الرباط استشارة سلطة الحكم الذاتي في المسائل والقضايا الاقتصادية التي تهمها على المستوى الخارجي كالعلاقات مع الاتحاد الأوربي في مجال الصيد البحري او اتفاقيات الاستثمار الأجنبية مثلا.
3- استغلال الموارد الطبيعية:
تتفاوت سلطة الحكومات الذاتية على مواردها الطبيعية واستغلالها بتفاوت طبيعة ونوعية الحكم الذاتي ودرجته التي تتمتع بها ففي الحكومات الفيدرالية القوية نجد أنها تنزع إلى السيطرة على هذه الموارد واستغلالها، خصوصا في قطاع المناجم والمعادن، وتحظى كثير من الوحدات الذاتية بالسيطرة على مواردها الطبيعية، كإريتريا و"غرينلاند" نظرا لأهمية هذه الموارد الطبيعية في هذه الأخيرة، فقد تشكل مجلس مشترك بين حكومة الإقليم والحكومة الدانمركية للإشراف على هذه الموارد واستغلالها.
وفي حالة إقليم الصحراء، فإن للحكومة المركزية لها الصلاحية المطلقة فيما يتعلق بحق إصدار التشريعات الأساسية الخاصة بحماية البيئة، والأخشاب، وكذلك تنظيمات البحرية والصيد، وسلطة ضبط المياه ومصادرها وتصريحات التجهيزات الكهربائية عندما تؤثر طاقتها في الأقاليم الأخرى، إضافة إلى الطاقة والمعادن، في حين أن سلطة الحكم الذاتي للصحراء تحتفظ بمسؤولية عن الجبال والغابات والزراعة والصيد في المياه الداخلية ومصادر المياه الداخلية وقنوات الري وإنتاج وتوزيع ونقل الطاقة الداخلية، طالما ظلت هذه المسؤولية في الحدود التي لا تمس الأقاليم الأخرى، ويحتفظ إقليم الصحراء كذلك بمراقبة التخطيط المديني، والأشغال العامة، وبناء الطرق في الإقليم.
4- مشكلة توزيع الصلاحيات:
تسود هذه المشكلة في كافة نظم الحكم الذاتي، وتتلخص في كيفية توزيع الصلاحيات التنفيذية، والتشريعية، بين الأقاليم المحكومة ذاتيا، وبين السلطة المركزية، وهناك ثلاثة طرق لتوزيع هذه الصلاحيات، هي: أولا، تعيين الصلاحيات التشريعية والتنفيذية بين الوحدات الذاتية والسلطة المركزية، وتتمثل عيوب هذا الحل في وجود فجوات في الممارسة، نظرا إلى تداخل العديد من الصلاحيات والمجالات في التطبيق، فضلا عن أنه نظري أكثر منه عملي، ثانيا،الاقتصار على توزيع وتعيين صلاحيات الوحدات الذاتية في مجالات محددة، كما في إسبانيا وإيطاليا وكندا،ثالثا، الاكتفاء بتعيين الصلاحيات والمجالات التي تقتصر على الدولة والسلطة المركزية ذات السيادة[7]
5- مشكلة الإقليم:
تتوقف إثارة مشكلة الأراضي في الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي وفقا لطبيعة المشكلات المنوط به معالجتها، وكذلك طبقا للسياق التاريخي، بجوانبه القومية والثقافية. ففي حالات عديدة لا تمثل الأراضي مشكلة محورية، إذ غالبا ما يتقرر وضع الأراضي طبقا لما كانت عليه في السابق، أي قبل قيام سلطة الحكم الذاتي (تمثل الحالة الفلسطينية استثناء من ذلك)، أي أنها تمثل جزءاً لا تجزأ من إقليم الدولة، وإذا ما أثيرت فإنها تثار تحت صيغة تحويل أو تفويض سلطة الحكم الذاتي إدارة الأراضي الداخلة في نطاق الخدمات والنشاطات التي تمارسها.
وعلاوة على ذلك، غالبا ما يتم الإشارة أو النص في تقرير صيغة الحكم الذاتي حول المساواة بين مواطني إقليم المتمتع بالحكم الذاتي والمواطنين الآخرين في الأقاليم المختلفة للدولة المعنية في تملكها وشرائها والانتقال من الإقليم وإليه من دون حواجز ثقافية أو لغوية أو عنصرية، وذلك إعمالا للمساواة بين المواطنين التي تكفلها الدولة وتدخل ضمن صلاحياتها، وكذلك تأكيدا لسيادة الدولة على الأراضي والأقاليم كافة الخاضعة لها.
وهذا يعني أن المواطنين المغاربة المقيمين خارج حدود إقليم الصحراء متساوون في الحقوق والواجبات ويشكلون الأمة المغربية الواحدة تحت علم واحد وجنسية واحدة، ونجمعهم بأمير المؤمنين رابطة البيعة والتقاليد الإسلامية الضامنة لوحدة الأمة المغربية وتماسكها في الداخل والخارج.
6- المسائل الأمنية:
تقتصر المسائل الأمنية في تطبيقات الحكم الذاتي على الأمن الداخلي المحدود بنطاق الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي، ذلك أن قضايا الأمن القومي تدخل في عداد صلاحيات الأجهزة المركزية للدولة، وطبقا لذلك فإن معظم الوحدات المتمتعة بالحكم الذاتي لها صلاحية تشكيل قوة شرطة محلية، وتعتبر هذه القوة جزءا من سلطات الحكومة الذاتية. وحتى في المجالات التي لا ينص فيها على ذلك فإن الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي بإمكانه تشكيل قوة شرطة محلية تضمن تنفيذ التشريعات في مجال الضرائب والتجارة، وحماية البيئة، كما هو الحال في جزيرة غرينلاند وفي إقليم الباسك[8].
7- السياسة الاقتصادية والمالية العامة:
تمثل وحدات الحكم الذاتي ، بدرجات متفاوتة، جزءا من اقتصاد قومي موحد وسياسة مالية موحدة على الصعيد القومي، إذ تحتفظ الحكومة المركزية بحقوق وصلاحيات لا تقبل المنازعة في تقرير السياسة المالية، وسك النقود، وتحديد معدلات الصرف، والإشراف على نظام قومي للجمارك والضرائب،كذلك في وضع خطط التنمية الاقتصادية، وعقد الاتفاقيات المالية، والقروض مع الدول الأجنبية ومع ذلك، فقد تسمح الدولة في بعض الحالات للحكومات الذاتية، بفرض وتجميع بعض الضرائب المحلية، أو تفويضها في ذلك.
8- أصل السلطة في الوحدة المتمتعة بالحكم الذاتي:
إن الأصل في سلطة الحكم الذاتي أي المنشئ لها، لا يصدر عن الوحدة المتمتعة بالحكم الذاتي، بل عن سلطة خارجة عنها تنتمي لها، ويتميز هذا العمل بإنكار الحرية الدستورية للوحدة الذاتية، فسلطتها ليست ناشئة عن إرادتها. وتتفاوت أنماط هذا الوضع المفروض من حالة لأخرى، ففي بعض الحالات، قد يكون معاهدة دولية، والأمثلة على ذلك عديدة، كمدينة "دانزيغ Dantzig"، الحرة والتي حددت وضعيتها معاهدة "فرساي"[9]، وإقليم "السار" الذي حددت وضعيته المعاهدة الألمانية الفرنسية، ومدينة "كرا سوفي Cracovie" لمعاهدة فيينا[10]، وإقليم تريست Treiste طبقا لمعاهدة السلام مع إيطاليا في 10 فبراير عام 1947[11]، وتوصف هذه المدن والأقاليم في إطار أنماط الحكم الذاتي بأنها ذات نظام دولي.
إن سلطة الحكم الذاتي ليست سلطة ذات سيادة، وتتميز عن سلطة الدولة إذ هي سلطة أصلية، بينما تتميز سلطة الحكم الذاتي عن السلطة في الوحدة اللامركزية، فالأولى يمكنها إدارة شؤونها بنفسها، وتعتمد على صلاحياتها الخاصة، بينما لا تستطيع ذلك الثانية، بل لا تملك هذه السلطة.
وفضلا عن ذلك، فإن النظام القانوني في الوحدة المحكومة ذاتيا هو نظام تابع لنظام قانوني آخر، قد تشارك الوحدة الذاتية في السلطة صاحبة السيادة والمنشئة لصلاحياتها، ولكنها ليست سيدا مطلقا لوضعها، فالوحدة الذاتية تختلف عن الدولة، فهي ليست جهاز سيطرة وردع، ولا تملك قدرة على الاستقلال، في حين أن الدولة هي قوة رادعة وجهاز له القدرة على التنظيم الذاتي والسيطرة، وتملك الاستقلال ولا يغير من واقع وحدة الحكم الذاتي ممارستها للوظيفة التشريعية وذلك حتى لو امتلكت نظاما قانونيا مستقلا وقدرة قانونية منشأة ومستقلة، وإذا امتلكت هذه القدرة فإنها تفتقد لكامل الحرية الدستورية ذلك لأن وضعها ينبغي أن يتلاءم مع القاعدة العامة للنظام القانوني المعمول به في إقليم الدولة.
وإذا كان الفعل المنشئ للوحدة الذاتية في بعض الحالات يمكن أن يكون معاهدة دولية كالحالات التي أشرنا إليها وحالة تونس، فإن هذا الفعل في بعضها الآخر يكون قانونا كما في حالة إسبانيا وإيطاليا خاص بإنشاء أقاليم ومناطق محكومة ذاتيا وفي حالات أخرى يمكن أن يكون هذا الفعل تعديلا دستوريا تشارك الوحدة الذاتية في المطالبة به وصياغته.
هذه بعض الإشكاليات التي قد تصاحب تطبيق الحكم الذاتي على أرض الواقع، و على المغرب توخي الحذر والحيطة عند تطبيق مشروع الحكم الذاتي، فقد علمتنا التجارب السابقة لبعض البلدان العربية التي سبقتنا في هذا المجال أن الحكم الذاتي لم يكن سوى مجرد جرعة مسكنة قليلة الفعالية، ذاك أنه ثبت عمليا قصور هذا النظام على تحقيق الاستقرار السياسي والقضاء على مشكلة عدم التكامل.
[1] – ينبغي أن نفرق بين الحكم الذاتي الذي أوضحناه والمركز الدولي للإقليم الذي يرتكز على أربعة عناصر:
1-المسؤولية الدولية وتتمثل في كون الإقليم مسؤولية كاملة على التصرفات الملازمة لممارسته لسيادته الخارجية وما يناظرها من أعمال في إدارة الشؤون الداخلية.
2-الأهلية للعضوية في الأمم المتحدة -3- العلاقات الدولية العامة ويتمثل في قدرة الإقليم على إقامة علاقات مباشرة من أي نوع مع الحكومات الأخرى ومع المؤسسات الدولية وعلى الدخول في مفاوضات تتعلق بالوثائق الدولية وتوقيعها والمصادقة عليها.
4-الدفاع عن الوطن وتتمثل في الحق المطلق في تجهيز دفاعه الوطني، راجع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 742 (د-8).
[2] – يقع إقليم تريست Treiste في شمال إيطاليا، في منطقة بحر الأدرياتيك، قريبا من الحدود اليوغسلافية السابقة، يقدر عدد سكان الإقليم بـ 269544 نسمة، وكان أحد أقاليم الإمبراطورية الرومانية، ومنح عام 1382 للملك ليوبولد الثالث، من أسرة هابمبورغ دوق النمسا. وأصبح في عهد الإمبراطور شارل السادس ميناء حرا وذلك في عام 1719.
وفي عام 1918 ألحق الإقليم بإيطاليا. وقام "الأنصار" حركة المقاومة اليوغسلافية ضد النازية باحتلال الإقليم عام 1945، وفي عام 1947 جعلت معاهدة باريس من الإقليم إقليما حرا ومحايد تحت حماية الأمم المتحدة ومقسما لمنطقتين: يدير أولاهما الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة لبريطانيا والثانية يوغوسلافيا. وفي عام 1954 أعيدت المنطقة التي تضم مدينة تريست التي كانت إدارتها أمريكية إنجليزية إلى إيطاليا بعد موافقة يوغسلافيا، وقسمت المدينة تقسيما تقليديا تحت رعاية الولايات المتحدة والمملكة المتحدة البريطانية طبقا لمعاهدة لندن في 15 أكتوبر عام 1954 ولحق بهما الاتحاد السوفيتي وفرنسا.
[3] – اقتصرت الشخصية القانونية الدولية على الدول لفترة طويلة، وقد فرضت التطورات المتلاحقة للحياة الدولية والمجتمع الدولي وكذلك التغيرات إلي اعترت بنيته وتركيبته ضرورة الاعتراف بالشخصية القانونية الدولية للهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية حتى مكن من الإسهام في أنشطة المجتمع الدولي المختلفة والمتنامية.
[4] – Bincheng : Introduction dans droit international : Bilan et Perspectives, T1, Ed Pedone 1991, p : 25.
[5] – محمد عمرتي وعبد السلام سفيري: العلاقات الدولية، دار النشر الجسور، الطبعة الأولى، وجدة 1999، ص: 66.
[6] – استطاعت بعض الوحدات الإقليمية المتمتعة بالحكم الذاتي الدخول إلى المجال الدولي بصلاحيات محدودة، كتوقيع اتفاقيات دولية في المجال الاقتصادي والثقافي والأمور المشابهة، ولم تمتد هذه الاتفاقات لتطال أمور عسكرية. وفي حالات أخرى يمكن للوحدات المتمتعة بالحكم الذاتي أن تبدي رأيها في اتفاق تقترحه الحكومة المركزية مع إحدى الدول الأجنبية، عندما يتعلق الأمر بمسائل تهم هذه الوحدات وليس بإ مكانها استخدام حق الفيتو على مضمون الاتفاق. والأمثلة ذات الدلالة في هذا السياق، هو الدستور السويسري لعام 1848 ، والحكم الذاتي لغرينلاند والذي يتضمن إمكانية تشاور حكومة الدانمرك مع مؤسسات الجزيرة لدى توقيع اتفاقية م الإتحاد الأوربي أو مع إحدى دوله.
[7] – Vignes (Daniel) , sur la nation de l’autonomie en droit constitutionnel ; revue international et constitutionnel, PUF, Paris (sans date), p :29.
[8] – د.عبد العليم محمد: مفهوم الحكم الذاتي في القانون الدولي(دراسة مقارنة) لبعض الأنماط والمشكلات، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، الأهرام، القاهرة،1994 ص:165.
[9] – تقررت وضعية مدينة دانزيغ كمدينة حرة طبقا لمعاهدة فرساي عام 1919 وترتبط ببولندا باتحاد جمركي، وتحت رعاية عصبة الأمم آنذاك، وظلت هذه المدينة مصدر للصراع بين ألمانيا وبولندا. وفي عام 1939 احتلت ألمانيا المدينة التي تربط بولندا ببحر البلطيق وتحررت المدينة من الاحتلال الألماني عن طريق السوفيات عام 1945. وتدعى اليوم "جدانسك" وكانت هذه المدينة قد انفصلت عن ألمانيا حتى تكون ميناء لبولندا وتمتعت المدينة بوضعية المدينة الحرة بضمان عصبة الأمم، وخضعت المدينة لممثل أعلى للجماعة الدولية يمتلك صلاحيات دولية، وأصبحت المدينة مندمجة في بولندا بعد تحريرها.
[10] – تقع كراسوفي في جنوب بولندا، تعتبر مركزا ثقافيا وفنيا وصناعيا، وهي أول مركز روحي للديانة المسيحية في بولندا وكانت تعتبر عاصمة بولندا حتى عام 1795، ضمت المدينة للنمسا أثناء التقسيم الثالث لبولندا في عام 1795 واعتبرت جمهورية شبه محكومة ذاتيا من عام 1815 إلى عام 1846 والتحقت مرة ثانية بالنمسا، قامت ألمانيا النازية باحتلالها عام 1939، وأصبحت مقر الحكومة العامة تحت الوصاية الألمانية، وقد حررها السوفيات في عام 1945.
[11] – Daniel (Vignes), op.cit, p.p : 89-90.
Aucun commentaire