مستقبل التقويم التربوي في عصر الذكاء الاصطناعي

عبد الكريم بن رزوق
شهد العالم تطورا هائلا في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية، حيث أصبحت برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على حل المسائل المعقدة والتفاعل مع النصوص والصور والملفات الصوتية بدقة كبيرة. ومع تطور وسائل الاتصال الحديثة، أصبح من الصعب ضمان نزاهة وموضوعية الامتحانات، خاصة مع انتشار الأجهزة الإلكترونية المتطورة، والتي يمكن استخدامها في الغش، مثل الساعات الذكية، والعدسات، والهواتف، وتقنيات البلوتوث.
في ظل هذا الواقع، أصبح من الضروري البحث عن مستقبل جديد لعملية التقويم التربوي، بحيث يواكب التطور التكنولوجي ويضمن تقييمًا عادلًا لمهارات المتعلمين. فما هي البدائل الممكنة لضمان موضوعية الامتحانات في عصر الذكاء الاصطناعي؟
الحلول المقترحة لضمان نزاهة وفعالية التقويم التربوي:
- التقويم الكتابي مع المراقبة الصارمة والتشويش على الانترنت:
يبقى الامتحان الكتابي أكثر طرق التقييم شيوعا نظرا لقدرته على اختبار عدد كبير من التلاميذ أو الطلبة في وقت وجيز.
لضمان نزاهته، يمكن حجب النترنت داخل قاعات الامتحان، وتشديد المراقبة لمنع إدخال أي وسائل مساعدة، سواء ورقية أو إلكترونية.
- الامتحانات الشفوية:
الامتحان الشفوي يجعل من المستحيل تقريبا استخدام وسائل الغش التقليدية أو الإلكترونية.
إلا أن هذا النوع من التقويم يطرح تحديات، مثل:
– الوقت الطويل الذي يتطلبه مقارنة بالاختبارات الكتابية؛
– المجهود الكبير المطلوب من الأساتذة والمكونين؛
– صعوبة ضمان تكافؤ الفرص بين الممتحنين من حيث طبيعة الأسئلة ودرجة صعوبتها والوقت الممنوح لكل فرد.
- التقويم عبر الروائز المعلوماتية (بالحاسوب):
يمكن استخدام امتحانات رقمية تُجرى عبر الحاسوب، مع كاميرات مراقبة وأنظمة تسجل كل خطوة يقوم بها الطالب أثناء الامتحان.
إلا أن هذا النظام يواجه تحديات مثل:
– إعداد الروائز بطريقة علمية دقيقة بحيث تكون متنوعة وغير قابلة للتوقع بسهولة؛
– مشكلة التسريب، حيث إن تسريب الأسئلة يفقد التقويم مصداقيته ويمس بمبدأ تكافؤ الفرص.
- تعزيز المراقبة المستمرة وتبني أساليب تقييم متنوعة:
يمكن تخفيف التركيز على الامتحانات النهائية (الإشهادية) وإعطاء أهمية أكبر للمراقبة المستمرة، بحيث تشمل:
– اختبارات كتابية وشفوية؛
– روائز معلوماتية كجزء من التقويم الرقمي
– عروض وبحوث ومشاريع تطبيقية، حيث يتمكن الطالب من إبراز قدراته المعرفية والمهارات التي اكتسبها؛
– تقويم مدى اكتساب التلاميذ والطلبة والمتدرلين للمهارات الناعمة (Soft Skills) مثل التواصل، والعمل الجماعي، والتفكير النقدي، وحل المشكلات، مما يضمن تقويما شاملا لمهارات المتعلم.
هكذا يتضح أنه مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية، أصبح من الضروري إعادة النظر في أساليب التقويم التربوي لضمان نزاهتها وفعاليتها. لا يمكن الاعتماد على الطرق التقليدية وحدها، بل يجب تبني نظام تقويم متكامل ومتطور يشمل المراقبة الصارمة، والتقويم الشفوي، والروائز المعلوماتية، والمراقبة المستمرة. بهذا الشكل، يمكن تحقيق تقييم موضوعي وعادل يواكب متطلبات العصر، ويضمن أن يكون التقويم أداة حقيقية لقياس تمكن التلاميذ والطلبة والمتدربين من اكتساب المعارف والمهارات، وليس مجرد اختبار يمكن تجاوزه بأبسط وسائل الغش.
عبد الكريم بن رزوق
مفتش في التوجيه التربوي
Aucun commentaire