سوريالية الجلادين العرب
محمد شحلال
لعل ما طبع مطلع الألفية الثالثة على مستوى وطننا العربي،هو السقوط السوريالي لعدد من الحكام العرب الذين استأسدوا على شعوبهم،وأذاقوهم من كل اشكال الذل والهوان،حتى أصبح المواطن في هذه البلدان يعتبر مجرد البقاء على قيد الحياة،نعمة يحسد عليها.
لقد تفنن هؤلاء الزعماء الدمويون في تمجيد شخصياتهم،عبر نشر تماثيلهم في كل ربوع البلاد،بل إن منهم من انفرد بلائحة من ألقاب العظمة التي كانت وسائل الإعلام تشنف بها أسماع المواطنين الذين لا يملكون إلا قبول الأمر الواقع، لعلهم يفلتون من الدهاليز المرعبة التي أعدها الحكام لمن حامت حوله أدنى شبهة.
لقد كان مقتل الديكتاتور الروماني،،نيكولاي تشاوسيسكو،،اخر حالة في دول الغرب،قبل أن تنتقل نزعة الانتقام الى البلدان العربية، حيث يغادر بعض الزعماء العرب كراسي الحكم، عبر الهروب بجلدهم كما حصل للرئيس بنعلي في تونس،أو تجرع النهاية الأليمة والمذلة،كما حصل للرئيس العراقي صدام حسين،والليبي معمر القذافي واليمني علي عبد الله صالح،قبل أن يأتي الدور على الرئيس السوري بشار الأسد الذي ضاقت عليه الأرض بما رحبت لولا منة روسية جعلته يترك أرض الشام الطيبة مكرها.
إن النهايات المروعة التي عرفها كثير من الزعماء العرب،لم تفتح عيون نظرائهم ،،الممارسين ،، على الواقع ليعتبروا وينسحبوا قبل أن تتألب عليهم الشعوب المقهورة كما هو الحال في الجارة الشرقية، التي عاث فيها الحكم العسكري فسادا وتدجينا فريدا لشعب لم يعد له من رصيد إلا تمجيد الثورة والشهداء الى درجة الابتذال.
تؤكد وقائع التاريخ،بأن الحاكم العربي قد يبدأ مساره ثائرا متشبعا ببعض النظريات السياسية المعاصرة،لكن استمراء الكرسي،سرعان ما يخرجه عن قيم المسؤولية، لينشغل بمقومات العظمة التي يجسدها عبر القصور الرئاسية والاستفراد بالسلطة، ليصبح حاكما وحيدا يقرر في كل شيء ولو تطلب الأمر ملاءمة الدستور لرغباته كما حصل مع الرئيس بشار الأسد.
ليس من المروءة أن نتشفى في مصير أي زعيم عربي وهو يواجه نهاية مأساوية،غير أن بلاد الشام التي قادها رجل من طينة معاوية بن أبي سفيان،وما خلفه من إرث في الدهاء السياسي ومنجزات خالدة،هذا الشام يستحق رجلا كفءا من صلب الشعب واختياره، يحافظ على حضارة سورية ،ويبني دولة يمتلك شعبها مقومات التنمية ،ليس أقلها أن يكون هذا البلد العربي،أول بلد يدرس فيه الطب بالعربية منذ عقود طويلة.
لم يتمثل بشار الأسد وقبله والده،فكر ،،ميشيل عفلق،،مؤسس حزب البعث،ولا دهاء معاوية،بل ارتمى في أحضان الفرس ،وكأني به نسي مافعل ،،أبو مسلم الخراساني،،بأجداده حتى سقط الحكم الأموي .
أملنا أن يلملم الشعب السوري جراحه،ويمضي نحو بناء المستقبل بعيدا عن نزعات الانتقام والعرقية.
Aucun commentaire