كلمة تأبينية في حق المرحوم الأستاذ السيد محمد حرفي تغمده الله بواسع رحمته
كلمة تأبينية في حق المرحوم الأستاذ السيد محمد حرفي تغمده الله بواسع رحمته
محمد شركي
دأب موقع وجدة سيتي على نعي وتأبين من يلتحقون بالرفيق الأعلى من أبناء مدينة الألفية ، واليوم ننعى أولا لساكنتها رحيل المرحوم الأستاذ السيد محمد حرفي ، وهو غني عن التعريف، لأنه شخصية وازنة ، وذائعة الصيت على الصعيد الوطني والقومي ، وله حضور ومكانة ريادية مرموقة في أكثر من مجال وميدان ، فهو المناضل الوطني، والسياسي المحنك ، والمناضل النقابي البارز ، والمناضل الحقوقي الذي لا هوادة في نضاله ، وهو المثقف ، والكاتب ،والمحاضر الألمعي والعصامي ، وهو الناشط الجمعوي البارز والمتميز في العديد من الجمعيات الأدبية ،والثقافية، والفنية، والرياضية ، والإحسانية ،وهو المفوه في التجمعات الخطابية في كل المناسبات الوطنية ، والقومية ، وهو علم بارزفي نصرة القضية الفلسطينية .
ولو أراد أحد سرد مناقبه لعدد منها دون أن يحصيها ، فهو صاحب ملكات ، ومواهب حباه بها الله عز وجل . وقد يعجب الإنسان من قدراته وملكاته ، ولكنه حين يعرف محتده ونشأته ،لا يستغرب منه ذلك ،لأنه سليل بيت نضال ووطنية ، وتضحية إذ كان والده رحمة الله عليه مناضلا وطنيا متميزا، احتار المحتل الفرنسي في نضاله من أجل حرية وطنه وكرامته ، واحتار في نضال نجله الذي نهل من نضاله، ومن وطنيته . ولقد حاز شرف الاعتقال مع والده في سجون المحتل ، كما حازه في سنوات الرصاص، ولم تفتر له عزيمة ، ولم تلن له قناة أو شكيمة ، وظل صامدا شامخا، وعاش عزيز النفس ، محبوبا لدى الجميع، وقورا، مهيبا ،آية في دماثة الأخلاق جم التواضع ، خافض جناح الرحمة للكبير والصغير، طيب القلب ، مرهف الشعور.
ونظرا لكثرة مناقبه التي يطول فيها وعنها الحديث، سأقتصر على الوقوف عند محطتين فارقتين في حياته الحافلة بالمنجزات الوازنة وهما :
ـ أولا محطة خدمة اللسان العربي المبين الذي شرفه الله تعالى بنقل رسالته الخاتمة إلى العالمين :
لقد كان لقائي به أول مرة رحمة الله عليه يوم فكرت مع بعض الأفاضل من مدرسي وخدام اللغة العربية في تأسيس جمعية مدرسي اللغة العربية بمدينة وجدة على غرار بعض الجمعيات الناشطة فيها ، وذلك في بداية الثمانينات من القرن الماضي . وكان حضوره الشرفي دعما لها ، وكما كانت المفاجأة كبيرة لأنه كان سباقا إلى تأسيسها قبلنا سنة بعد استقلال المغرب ، وهو عشيق متيم باللسان العربي، تعلمه في كتاتيب مدينة فجيج المناضلة ، واستكمل تعلمه بمدينة زيري بن عطية ، وحببه للمتعلمين في كل أسلاك التعليم ، وختم بتحبيبه للمدرسين في مراكز التكوين . ولقد صال وجال تفننا في تعابيره ، وذلك في كل ما خلف من مؤلفات ، وفي كل ما لاكه لسانه من دروس، ومحاضرات ، ومهرجانات خطابية. ولقد ظل العضو الشرفي لجمعية مدرسي اللغة العربية إلى أن وافته المنية، تحمد أياديه البيضاء في خدمتها .
2 ـ ثانيا محطة خدمة أهل البلاء الذين ابتلاهم الله عز وجل بداء السرطان :
وكان لي معه لقاء آخر في حفل لجمعية بلسم لدعم مرضى السرطان بجهة الشرق التي يعتبر رئيسها الشرفي المساهم في تأسيسها مع رئيسها الفعلي والمؤسس السيد الفاضل اقويدر الزهراوي أطال الله عمره ، إلى جانب نخبة من السيدات الطبيبات الفضليات ، والسادة الأطباء الأفاضل ، وغيرهم من أفاضل الأطر الطبية ، والسادة والسيدات من أفاضل أهل الإحسان ، وكان المرحوم السيد حرفي الداعم المعنوي الكبير لهذه الجمعية ولأعضائها بنصائحه وتوجيهاته النيرة التي كان لها كبير الأثر في بذلهم قصارى الجهود المحمودة من أجل رسم الابتسامة على وجوه المبتلين ، وبث السرور والسعادة في نفوسهم، وإحياء الأمل العريض في الحياة لدى من ابتلاهم الله تعالى بالداء العضال .
هاتان محطتان شهدت بلاء المرحوم فيهما البلاء الحسن عن كثب، شهادة لله تعالى وللتاريخ . والله عز وجل أسأل أن يتغمد فقيدنا العزيز بواسع رحمته ، ويشمله بجميل عفوه وكرمه ، ويسكنه الفردوس الأعلى بجوار حبيب الأمة وشفيعها يوم الحشرالأعظم ، ويسقيه من يده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا يظمأ بعدها أبدا . وأسأله تعالى أن يلهم أهله جميعا ، ومحبيه جميل الصبر والسلوان .
وإنا لله وإنا إليه راجعون .
Aucun commentaire