Home»National»في تأبين الأخ الحبيب: عبد الرحمن وزغاري

في تأبين الأخ الحبيب: عبد الرحمن وزغاري

13
Shares
PinterestGoogle+

كمال الدين رحموني


في الشهر الحرام ذي الحجة، في الخامس عشر منه، ألف وأربعمائة وأربعين للهجرة النبوية، وفي الرابع من يوليوز ثلاث وعشرين وألفين.
تاريخ لكنه ليس كأي تاريخ من تواريخ المدينة الشاهدة لمن أعطى بلا مقابل، وبذل بلا مَنّ.
نعم أخي الحبيب نوقن ألا راد لقضاء الله، نعم يا أخي الحبيب نعتقد أن لكل بداية نهاية.
نعم يا أخي الحبيب نعلم أن كل نفس ذائقة الموت.
نعم أخي الحبيب: نعتقد أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه.
نعم أخي الحبيب: أكْبَرنا فيك أنك ابتُليت فصبرت، وأوذيت من بعض البشر فتجاوزت، ونالك ما نالك من السوء فعَفوْت.
نعم أخي الحبيب: ما زُرناك يوما إلا وجدناك عبدا شكورا لا متأففا بل صبورا.
نعم أخي الحبيب: نؤمن بأن ضيافة الله لعبده أفضل من ضيافة البشر، وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عَملا، وأن ربك إذا وعد أوفى، وإذا جازى وفّى، فلعله سبحانه علم صدق سريرتك فاختارك إلى جواره فنِعْمَ الجوار.
نعم أخي الحبيب: نستحضر زمن العافية، فترة العطاء، نحاول عَدَّها، وأنّى لنا أن نحيط بها علما أو عددا، لكنّها معدودةٌ مَحفوظة عند رب العالمين، ولسنا نزكيك على الله تعالى.
وأنّى لمن شرَّفه ربّ العالمين فجَمع له خصالا ظل يُصرّفها في مواقف العطاء والسخاء.
أخي الحبيب: عرفناك وعرفَك مُحبوك َمُعلّما تُعلِم العلم، « وإن الملائكة لتصلي على معلم الناس الخير » كما أخبر الحبيب يا حبيب.
وعرفناك مفتشا لا يعنيك التفتيش عن العيوب والمثالب، ولكنك كنت مرافقا مصاحبا لمن يتلمس سبيل التربية الأقوم، فحَفِظَ لك أهلُ التربية بصماتِك الناصحة الهادية، فكانت سمعتك الطيبة تسبق حضورك الجسدي، وظل اسمك يتردَّدُ كلما ذُكر الطيبون.
أخي الحبيب: وإن كان للمنابر أن تنطق فهل ستجحد عطاءك َمن فوقها ؟ أم إنَّ منابر المدينة ستشهد لك بأنك بلّغت فأوْفيت، وذكّرت فأبْلَيت، ووازنت بين المصالح والمفاسد فوُفِّقت.
أخي الحبيب: أذكر ذات يوم حين سألتك: لماذا تبذل جزء من وقتك متعاونا مع بعض المؤسسات، فأجبتني إجابة المتطلّع إلى ما عند الله قائلا:  » لعل الله سبحانه يتجاوز عنّا ما نحن فيه من التقصير فازداد مقامك علوا وسُموا.
أخي الحبيب: لعل من حُبّ الله لك -ولا نزكيك على الله- أن شرّفك بخدمة كتابه، فكنت جبلا شامخا بجمعية الإمام ورش عضوا فاعلا، وأستاذا مدرّسا، وأبا عطوفا لكل طالب يأوي إلى ورش يتلمس أفقا مشرقا، فظللت كما عهدناك لم تُبدّل ولم تُغيّر، وظلت الجمعية في وجدانك حتى في مصابك الطويل، فلم تبخل بنصح، ولم تتوان عن الصَّدع بالحق بأسلوب الرجل الحكيم، صاحب الخلق الكريم.
فيا لفجيعة « ورش » بموتك، ويا لفداحة الخطب لدى إخوانك وخِلاّنك في رحيلك.
خِلّانُك الذين قال فيهم رنا عزوجل: » الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ».
ولكن حسبنا أن ما يخفف اللوعة، ويبدد الأسى أنك رحلت إلى ربّ أرحمَ بك وبنا من أمهاتنا، وهنا أستحضر أبيات حسان بن ثابت:
أخلاءُ الرخاءِ همُ كثيرٌ  ***  وَلكنْ في البَلاءِ هُمُ قَلِيلُ
فلا يغرُرْكَ خُلَّةُ من تُؤاخي  ***  فما لك عندَ نائبَةٍ خليلُ
وكُلُّ أخٍ يقول : أنا وَفيٌّ  ***  ولكنْ ليسَ يفعَلُ ما يَقُول
سوى خِلٍّ لهُ حَسَبٌ ودِينٌ  ***  فذاكَ لِما يقولُ هو الفَعول
فنم قرير العين، يا أخي، رجاء أن يكرمك ربك بمغفرة للذنوب، وستر للعيوب، وجنات ونعيم، مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين. وحسن أولئك رفيقا.

أخوك: كمال الدين رحموني

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *