دعاة » تمغربيت » يقدّون تهما لمن يعترضون على دعوتهم المشبوهة
دعاة » تمغربيت » يقدّون تهما لمن يعترضون على دعوتهم المشبوهة
محمد شركي
لم يكتف موقع هسبريس بنشر مقالين عن التسويق لما بات يسمى » تمغربيت « على صفحته الرئيسية بل عزز ذلك بنشر مقال آخر تحت عمود كتّاب وآراء للمدعو عبد الله حتوش تحت عنوان : » تمغربيت في مواجهة حملات الرفض والتشكيك « ، وهو مقال يزكي أطروحة المقالين المنشورين على الصفحة الرئيسية ، وهو أيضا عبارة عن تسويق وإشهار لدعوة تمغربيت ، و قد تضمن توزيع التهم على من سماهم الإخوان المسلمين أو الأردوغانيين ـ نسبة إلى رئيس تركيا رجب طيب أردوغان ، وعلى جماعة العدل والإحسان ، وعلى من سماهم القوميين العرب واليساريين الناصريين والقذافيين ، وعلى من أشار إليهم بالدعاة إلى أمبراطوية أمازيغية تمتد من المحيظ الأطلسي غربا إلى مصر شرفا ومن البحر الأبيض المتوسط إلى الصحراء الكبرى في النيجر .
والمفارقة في هذا المقال أن الدعاة إلى تمغربيت هم أنفسهم الدعاة إلى الأمبراطورية الأمازيغية، ولكن صاحب المقال يموه على ذلك ليقال عنه أنه ليس متعصبا للعصبية العرقية البربرية .
ولقد قدّ التهم لمن وصفهم برفض تمغربيت والتشكيك فيها كل حسب تبريره للرفض والتشكيك . أما من رفض تمغربيت لتجاهلها الهوية الإسلامية وتعاليها عليها، فهو عنده من جماعة الإخوان المسلمين ومن أتباع الحسن البنا ، ومن أتباع رجب طيب أردوغان ،والتهمة الموجهة إليه هي الدعوة إلى الخلافة الإسلامية على حساب الوطن الذي صار يسمى تمغربيت . وممن خصهم بهذه التهمة وأشار إليه بالاسم السيد فؤاد بوعلي الناشط في الدفاع عن اللغة العربية ، وما جر عليه هذه التهمة الباطلة إلا دفاعه عنها باعتبارها اللسان الذي أنزل به القرآن . وتهمة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين هي سلاح يستعمله كل من له حساسية ضد الإسلام ،علما بأن إثبات هذا الانتماء إلى هذه الجماعة يتطلب أدلة ، ذلك أن ليس كل من اعتمد الإسلام مرجعية يحسب على الإخوان المسلمين التنظيم المعروف، وكأن الإسلام بدأ مع تأسيس هذه الجماعة، ولم يبدأ مع بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . ولقد باتت هذه التهمة تعرض من يحتمون بها إلى السخرية ، وقد وظفوها كثيرا ضد من يختلف معهم إلى حد الابتذال . وكما خص صاحب المقال السيد فؤاد بوعلي بتهمة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين الداعية إلى عودة الخلافة حسب زعمه ، اتهم جماعة العدل والإحسان هي الأخرى برفض تمغربيت لأنها تلتقي مع جماعة الإخوان المسلمين في الهدف وهو الدعوة إلى الخلافة ،وإن لم تكن تابعة لها تنظيميا .
وأما من أنكروا الدعوة إلى تمغربيت لتجاهلها الهوية القومية العربيةـ فقد اتهمهم صاحب المقال بالتبعية للرئيسين جمال عبد الناصر ومعمر القذافي ، وحشر معهم في التهمة اليساريين أيضا باعتبار توجه الرئيسين اليساري فضلا عن توجههما القومي .
والمقال في حقيقة الأمر أن صاحبه من دعاة التعصب العرقي البربري مموها عن ذلك في مقاله والذي يهدف إلى إسقاط الهوية الإسلامية الجامعة للمغاربة ، والهوية العربية المنضوية تحتها مع الهوية البربرية ، وقد تعايشت الهويتان الأخيرتان ولا زالتا كذلك منذ الفتح الإسلامي المباركة الذي نقل المغرب من بلد وثني إلى بلد مسلم ولله الحمد والمنة.
والدعوة إلى تمغربيت عبارة عن واحدة من تلك الدعوات التي ظهرت إبان سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية آخر الخلافات والتي كانت تحكم الوطن العربي سبب سقوطها هو الغزو الاستعماري الغربي الذي نفخ في قوميات بائدة لتمزيق هذا الوطن وجعله مزعا كالقومية الفرعونية في مصر ، والفنيقية في الشام ، والبابلية والآشورية في العراق ، والبربرية في شمال إفريقيا، ومؤامرة الظهير البربري الخبيثة عندنا في المغرب دليل وشاهد على ذلك النفخ ، وقد أحبطها المغاربة من خلال تمسكهم بالهوية الإسلامية الجامعة التي لا تعتد بلون أو عرق أو لسان وإنما تعتد بتقوى الله عز وجل ، وهي تجمع بين مختلف الألوان والأجناس والأعراق والألسنة، وقد خلق الله تعالى البشر مختلفين فيها ،وجعل ذلك آية من آياته الدالة على قدرته وعظمته .
إن الدعوة إلى ما يسمى » تمغربيت » هو تمويه مكشوف عن الرغبة في تحويل المغرب من بلد مسلم إلى بلد علماني تحقيقا لرغبة العالم الغربي العلماني الذي يسعى إلى عولمة علمانيته ، وفرضها على كل شعوب المعمور متعاليا ومتجاهلا هوياتها وخصوصياتها الثقافية ، وهو حلم لن يتحقق له أبد الآبدين، لأن الله تعالى خلق الناس مختلفين ألوانا وأجناسا وألسنة ، وجعل التعامل فيما بينهم تعارفا ،وليس طمس بعضهم هوية البعض الآخر.
ولن يكون مصير كل دعوة تسقط الهوية الإسلامية الجامعة في المغرب من اعتبارها سوى التبخر والاندثار لأن المغاربة مسلمون لا ينفك إسلامهم عن مغربيتهم هكذا بالتعبير العربي ودون تعصب له، وليس بالتعبير البربري » تمغربيت » الذي يراد به تحديدا » تمزغا « ، و تشتم منه رائحة العصبية والعرقية والعنصرية المنتنة والزاكمة للأنوف .
وأخيرا على صاحب المقال أن يقبل تصنيف غيره له بصدر رحب ،وما أظنه سيقبل ذلك وعنوان مقاله شاهد على ذلك كما سمح لنفسه بتصنيف هذا الغير المخالف له في الرأي والاعتقاد ووجهة النظر.
Aucun commentaire