من سخف وتهافت فكر التيار العلماني حقدا على الإسلام تحميله مسؤولية نهب الأضاحي من سوق الحي الحسني بالبيضاء
من سخف وتهافت فكر التيار العلماني حقدا على الإسلام تحميله مسؤولية نهب الأضاحي من سوق الحي الحسني بالبيضاء
محمد شركي
من المثير للسخرية والضحك ما جاء في مقال بعنوان » رسائل النهب » وهو منشور على موقع هسبريس لصاحبه المدعو سعيد الكحل أحد دعاة العلمانية، وقد اخترنا مما جاء فيه ثلاث فقرات وهي كالآتي :
1 ـ تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مشاهد مرعبة لعشرات المواطنين، ضمنهم نساء، غالبيتهم شباب يهاجمون شاحنات بائعي الأضاحي وينقضون عليها سطوا ونهبا في مشاهد لا تختلف عن تلك التي نقلتها القنوات الأجنبية لحظة سقوط نظام صدام الحسين وما رافقها من نهب للمحلات التجارية والبنوك.
خلفية المشاهد واحدة وإن اختلفت الظروف؛ فثقافة الغنيمة التي تستشري في المجتمع تجد جذورها في الموروث الثقافي الفقهي «
2 ـ »وكانت النتيجة أن تزايدت أعداد الممارسين للشعائر فيما فسدت أخلاقهم وانحرفت سلوكات غالبيتهم التي باتت تبحث عن « الغنيمة » بما أتيح لها من أساليب حتى الدنيئة منها (نهب ضحايا حوادث السير بدل إنقاذهم، سرقة البضائع من المتاجر من طرف محجبات وملتحين تظهر عليهم علامات الوقار والتقوى »
3 ـ »فالأمر جدي وخطير، خصوصا مع ظهور جيل منفلت من الرقابة الاجتماعية وضحية الفقر والتهميش. وستكون الخطورة أشد إذا نجحت التنظيمات الإرهابية في اختراقه وتجنيد عناصره لتنفيذ المخططات الإرهابية؛ فالذين سطوا على الأضاحي ونهبوا الشاحنات ستزداد شراستهم حين تحضنهم هذه التنظيمات وتشرعِن لهم جرائمهم.
وهي تستوجب ثلاث وقفات كالآتي :
1 ) مما يثير السخرية المصحوبة بالأسى تشبيه ما وقع في سوق الحي الحسني بما وقع خلال الغزو الأطلسي للعراق من فوضى وسطو . والداعي للأسى أن قائل هذا الكلام غض الطرف عن سطو وسرقة الجيوش الأطلسية العلمانية الغازية لمقدرات العراق الحقيقية والثمينة التي لا تقدر بثمن بينما سمحت للرعاع والسوقة بنهب سقط المتاع لتصويرهم والسخرية منهم لأنهم عوض الصمود مع زعيمهم في الميدان بالمقاومة المستميتة كما فعل أحرار وأماجد العراق ،رضوا بالغزو الأطلسي وخضعوا له فسخر منهم وصورهم وهم يغنمون ما فضل عنه من سقط المتاع وكان الأجدر بهم أن يحموا ما نهب الغزاة مما لا يقدر بثمن وقد نقل إلى عواصمهم وهو حجة على سطوهم وسرقتهم .
أما السطو على الأضاحي ،فلا علاقة له بالإسلام ، فهو سرقة ولصوصية لا يمكن أن تبرر دينيا . أما ثقافة الغنيمة التي عرّض بها صاحب المقال فهي أشرف وأقدس من أن تحسب على النهب والسلب . ولو كان عند ناهبي الأضاحي مثقال ذرة من وعي إسلامي لما أقدموا على فعلهم الشنيع الذي أساء إلى سمعة وطنهم الذي ينص دستوره على أن الإسلام هو دينه الرسمي . ولو حضر الوازع الديني لديهم لكفّهم عن سرقتهم . ولا دخل للفقه الإسلامي في سرقة الأضاحي وهو الذي ينص على ذكر عيوبها لأنه يتقرب بها إلى الله عز وجل، الشيء الذي يستدعي سلامتها من كل عيب مادي ، فكيف يقر أكبر عيب وهو سرقتها أو يقر التقرب إلى الخالق سبحانه وتعالى بالغلول والسرقة ؟
لماذا أصر هذا العلماني على نسبة ما وقع لما نعته بالموروث الثقافي الإسلامي ؟ ولماذا لم ينسب ذلك لثقافة اللصوصية ، وتنكب الحديث عن الجذور الحقيقية لهذه الثقافة ؟ أليست الجيوش الأطلسية التي غزت العراق ونهبت مقدراته جيوش دول علمانية ،وهي متشبعة بالفكر العلماني ؟ ولماذا أباح موروثها الثقافي العلماني النهب والسلب وشجع الرعاع والسوقة العراقيين عليه ؟
2 ) أبى على صاحب المقال حقده على الإسلام وأهله إلا حشر المحجبات واللحى في السطو والسرقة ،هكذا تعميما ودون استثناء ، علما أن الحجاب أو اللحية وإن كانا مما نص عليه الإسلام، فإنه ليس كل من لبست الحجاب أو كل من التحى يمثلان الإسلام التمثيل الصحيح الذي من شروطه تطابق الظاهر مع الباطن في التدين . وإذا ما تستر سارق بلحية أو سارقة بالحجاب ،فهل يعني ذلك أن كل ملتح أو كل محجبة سارقان ؟ أي منطق هذا الذي يتحدث به هذا العلماني الذي يفقده حقده على الإسلام صوابه، فيصدر أحكاما لا تستقيم لا منطقا ولا واقعا ؟
ومعلوم أن الإسلام لا يتحمل مسؤولية أخطاء من يدعون الانتساب إليه بالأزياء أو باللحى أو بإظهار علامات التقوى والورع بل تكون فضائحهم أشنع من فضائح غيرهم بسبب استغلالهم له ،ولا أحد يجرؤ جرأة العلمانيين على نسبة ما يقترفون للإسلام .
ومعلوم أن البلاد العلمانية إنما يضبط أهلها بضرب جيوبهم لردعهم عن ارتكاب المخالفات ،ولولا ذلك لما انضبطوا خلافا لما يدعيه العلمانيون من أن الأمر يتعلق بثقافة المواطنة ، وفي غياب الوازع الديني لا بد من سلطة ، والغريب أن صاحب المقال يقول :
» على الدولة، بمختلف قطاعاتها، أن تتعامل بجدية مع هذه الظواهر الخطيرة «
كما يقول : « يمكن القول إن المقاربة الأمنية مطلوبة حتى تعيد الدولة هيبتها وتفرض احترام القانون منعا لاستشراء ظواهر « السيبة »، شرع اليد، السطو والنهب الجماعي.«
فهذا ما يوجد في الدول العلمانية وغير العلمانية ،فأين ثقافة المواطنة أو الوازع العلماني المقابل للوازع الديني المانع حقيقة وواقعا للوقوع في المحظور ؟
3 ) إن صاحب المقال وقع في تناقض صارخ دون شعور منه وهو تحت تأثير حقده المتاصل فيه على الإسلام حيث أقر في آخر مقاله بأن الذين سطوا على سوق الأضاحي ليسوا من الإسلام في شيء قائلا :
« فالأمر جدي وخطير، خصوصا مع ظهور جيل منفلت من الرقابة الاجتماعية وضحية الفقر والتهميش. وستكون الخطورة أشد إذا نجحت التنظيمات الإرهابية في اختراقه وتجنيد عناصره لتنفيذ المخططات الإرهابية؛ فالذين سطوا على الأضاحي ونهبوا الشاحنات ستزداد شراستهم حين تحضنهم هذه التنظيمات وتشرعِن لهم جرائمهم.«
والذي فرض عليه الوقوع في هذا التناقض هو نيته المبيتة لنسبة الإرهاب إلى الإسلام ، فهو من جهة يحمل الإسلام مسؤولية السطو والنهب والسلب بسبب ما سماه ثقافة الغنيمة ذات الجذور في الموروث الثقافي الفقهي على حد تعبيره ، ومن جهة أخرى ينسبه إلى الانفلات من الرقابة الاجتماعية وإلى الفقر والتهميش.
ومعلوم أن التمسك بالموروث الثقافي الفقهي لا يسمح بوجود الجيل المنفلت من الرقابة الاجتماعية لأنه عبارة عن ضوابط صارمة تقي من الانفلات والتسيب ، وقد حدد لكل انحراف علاجا . وسبب انفلات هذا الجيل هو حيرته بسبب دعوات التغريب العلمانية التي تشوش على هويته الإسلامية، وتشككه فيها لتنفيره منها ،وليكون مضغة سائغة لها أو عجينة تصنع بها ما تشاء .
ونختم بدعوة من دعوات المغاربة لمن يضل السبيل وهي قولهم » الله يرد به » ندعو بها لصاحب المقال ولأمثاله شفقة عليهم مما هم فيه من ضلال بعيد .
Aucun commentaire