نأمل مستقبلا أن نتعامل مع أنواع من عدوى جوائح لا تقل خطورة عن جائحة كورونا بنفس الطريقة التي تعاملنا بها معها
نأمل مستقبلا أن نتعامل مع أنواع من عدوى جوائح لا تقل خطورة عن جائحة كورونا بنفس الطريقة التي تعاملنا بها معها
محمد شركي
قبل حلول جائحة كورونا كان الناس يتحدثون حديث إعجاب بتحول العالم إلى قرية صغيرة بسبب تطور وسائل التواصل ، ولا ندري هل سيستمر مثل هذا الإعجاب أم أن القرية الصغيرة قد تبخرت بسبب عدوى هذه الجائحة التي عزلت شعوب المعمور عن بعضها بل عزلت الأحجار ـ جمع حجرـ الشعب الواحد في وطنه ، وبهذا لم يعد بإمكان دعاة العولمة تبرير الدعاية لها ، ولم تعد كما كان يقال أنها غول شرس تبتلع الثقافات البشرية ، وتصهرها في بوتقتها لتخرجها منتوجا ثقافيا واحدا بعلامة مسجلة وفق أهواء دعاتها .
ولعل شعوب العالم النامي أو المتخلف صناعيا وتكنولوجيا لم تتنبه إلى خطورة العدوى، ولم تعيها جيدا إلا بحلول جائحة كورونا ، وقد كانت من قبل ترى كل ما يفد عليها من العالم المتقدم تكنولوجيا نعما ، ولم تفكر يوما في أنها ستفد منه عليها النقم أيضا . فمن بلاد الصين المصنعة لأحدث جيل من الهواتف الخلوية التي عدت آخر وأكبر نعمة وافدة ، حتى كاد الصراع بسببها يندلع بينها وبين الولايات المتحدة إن لم يكن قد حصل بالفعل ، وفدت نقمة جائحة كورونا ، وانتشرت في المعمور كانتشار هواتفها الذكية .
ولقد كان العالم يتحدث عن تحوله إلى قرية صغيرة بفضل القفزة التكنولوجيا التي قفزتها البشرية ، ولكنه لم يخطر على باله أن يحل بهذه القرية كابوس مفزع ، وود لو أنه لم يتحول إلى هذه القرية المشئومة.
ولقد جعلت الجائحة سكان العالم عموما والعالم الثالث خصوصا ينتبهون إلى خطورة العدوى في المجال الصحي العضوي مع أنهم لم ينتبهوا من قبل إلى خطورة العدوى في مجالات أخرى تتعلق بالهوية والثقافة والقيم ،ذلك أنه كما نقلت وسائل النقل المتطورة تكنولوجيا خصوصا الجوية منها عدوى وباء كورونا إلى كل أصقاع العالم بسرعة مذهلة ، كانت وسائل التواصل تنقل أنواعا مختلفة من عدوى فيروسات خطيرة تدمر الهويات والثقافات والقيم والسلوكات، ذلك أنه لا يكاد سلوك منحط أخلاقيا يظهر في قطر من أقطار العالم المتقدم تكنولوجيا والمتخلف أخلاقيا وقيميا حتى يغزو كل بلدان العالم الثالث، ويفتك بهويتها وشخصيتها وثقافتها وقيمها الدينية والأخلاقية ، ويخلع عن شعوبها أزياءها المعنوية التي تميزها تماما كما يخلع عنها أزياءها الحقيقية ، ويكسوها أزياءه المادية والمعنوية على حد سواء.
ألم تعز بلاد المسلمين وهي من دول العالم الثالث فيروسات العلمانية والإلحاد والتهتك والإباحية الوافدة أو المنتقلة من دول العالم المتقدم تكنولوجيا ؟ فما الفرق بين فيروس كورونا الذي يفتك بالجسم البشري ، وبين فيروس العلمانية والإلحاد الذي يفتك بإيمان المسلمين ؟ وما الفرق بينه وبين فيروسات الإباحية والتهتك من قبيل الرضائية والمثلية …التي تفتك بالأعراض والأخلاق والقيم ؟
فهل ستستفيد الدول الإسلامية من عدوى جائحة كورونا ، وتنتبه إلى أنواع من عدوى جوائح أخرى لا تقل فتكا عنها ؟
نأمل أن يحصل التفكير مستقبلا في مثل الاحتياطات التي اتخذت مع هذه الجائحة من حجر وتكميم ونظافة … إلى غير ذلك لمواجهة جوائح أخرى مما أشرنا إليه إذ لا بد من احتياطات منها وتكون أشد بحيث يكون لها أيضا الحجر والتكميم والتنظيف الخاص بها ، فضلا عن اعتماد ما انبثق عن هذه الاحتياطات التي اتخذت مع جائحة كورونا من قوانين زجرية وردعية وعقابية تلزم الأخذ بها.
وفي الأخير نسأل الله عز وجل أن يقينا شر هذه الجائحة الحالة بنا كما نسأله سبحانه أن يقينا شر جوائح أخرى تهدد هويتنا الإسلامية والناس ر يلقون لها بالا وهي عليهم وبال .
Aucun commentaire