الذين كانوا يسخرون من عدم مصافحة المسلم المرأة الأجنبية ومن تبرقع المسلمة أرغمهم فيروس كورونا على تجنب المصافحة وعلى التبرقع
ٍ
الذين كانوا يسخرون من عدم مصافحة المسلم المرأة الأجنبية ومن تبرقع المسلمة أرغمهم فيروس كورونا على تجنب المصافحة وعلى التبرقع
محمد شركي
سبحان مبدل الأحوال وجل في علاه، فها قد أرغم فيروس كورونا ، وهو مخلوق ضعيف من مخلوقات الله عز وجل لا يرى بالعين المجردة من كانوا يسخرون من المسلمين لأنهم لا يصافح ذكورهم إناثهم إن لم تكن بينهم علاقة زواج أو لم يكونوا محارم على تجنب المصافحة فيما بينهم خوفا من عدواه ، كما أرغمهم وقد كانوا يسخرون و يمنعون المرأة المسلمة في بلادهم من لبس البرقع على التبرقع .
وقد يقول قائل إن تنكبهم المصافحة وتبرقعهم هو إجراء احترازي أوصى به الطب ، ولا أحد يمكنه إنكار ذلك لكن هذا القائل قد يكون ممن يستهجنون المصافحة بين الذكور والإناث في شريعة الإسلام ويعتبرونها تخلفا وتزمتا بل إهانة للمرأة .
ومعلوم أنه كما للمحترزين من عدوى كورونا مبرر في تجنب المصافحة ، فإن تجنبها في شريعة الإسلام له مبرره أيضا ، ولا تقل خطورة المصافحة بين الذكور والإناث عن خطورة المصافحة خشية عدوى الفيروس المتوجه ، ذلك أن خطر هذا الأخير ذو طبيعة مادية ، بينما خطورة المصافحة التي يمنعها دين الإسلام معنوية . ولا يختلف المرض المادي الناتج عن هذا الفيروس المنقول عبر المصافحة عن المرض المعنوي الناتج عن المصافحة الممنوعة شرعا ، فهو مرض معد أيضا قد يفضي بالبعض ذكورا وإناثا إلى فاحشة الزنا المحرمة لأنه قد يكون من مقدماتها . وقد يزعم البعض أن نواياهم أثناء المصافحة لا تذهب إلى التفكير فيما حرم الله عز وجل ، والرد على هؤلاء هو ماذا عن نواياكم بخصوص عدوى فيروس كورونا أثناء المصافحة ؟
إن الله عز وجل خالق البشر وهو سبحانه أدرى بهم من أنفسهم مصداقا لقوله تعالى : (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد )) ، وقوله أيضا : (( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )) ، فأي رجل سيصافح امرأة أجنبية عنه أو تصافحه ، ويستطيعان الزعم أن النفس الأمارة بالسوء لم توسوس لهما ، وأن العين الخوانة لم تخن ، وأن الصدر لم يخف شيئا ؟ ودرءا لهذا الذي توسوس به النفس وتخونه العين ويخفيه الصدر منع الله عز وجل المصافحة بينهما إن لم يكن بينهما ما يبيحها لهما .
ولقد أخبرني أحدهم أن شابا زعم متحديا في حضرة أحد العلماء أنه قد يختلي بشابة مثله أجنبية عنه دون أن تحدثه نفسه بشيء ، فرد عليه العالم صدقناك فيما تقول ولكننا ننصحك بزيارة طبيب . وفي قول هذا العالم تنبيه لهذا الشاب بأن الطبيعة البشرية على خلاف ما زعم ، وأنه لا يمكن أن يصدق زعمه إلا أن تكون به علة مانعة من أن توسوس له نفسه كما توسوس كل النفوس البشرية التي ليس بها علة .
وما قيل عن المصافحة يقال عن القناع الذي اضطر من كانوا ينكرون على المرأة المسلمة ستر وجهها إلى التقنع به مخافة العدوى من الفيروس المرعب ،علما بأن قناع المرأة المسلمة يسدي خدمة إلى الذين يدينون بدين الإسلام وقد أمروا بالغض من أبصارهم ،لأن ذلك أزكى لهم كما جاء في قوله تعالى : (( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم )) . وكما أن القناع الطبي أزكى لمن يخشى عدوى كورونا ، فإن قناع المرأة المسلمة أزكى لمن يخشى البصر مع أنها لا تلزم به ، وأن لها الخيار في أن تلبسه أو تتخلى عنه ، وأنها لا تلام أو تأثم بتركه، لأنه ليس مما يجب عليها في لباسها الشرعي المنصوص عليه في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وفي الأخير نتمنى أن تتغير مواقف من كانوا ينكرون على ذكور المسلمين عدم مصافحة الإناث الأجنبيات عنهم ، كما كانوا ينكرون على المسلمات التبرقع ، وقد جربوا تنكب المصافحة والتبرقع خوفا من فيروس ،وليتهم لم يصافحوا خوفا من خالق الفيروس جل وعلا وهم في أمن لا يخشون شيئا إلا الذي تجب خشييته سبحانه وتعالى .
Aucun commentaire