الحمار ما حاشاكش :
بقلم : منصف الإدريسي الخمليشي
كان الحمار و لا زال من أعرق و أقدس الحيوانات على الإطلاق, منذ أن وجد الإنسان على الأرض, فالأنبياء و الرسل و الصحابة و أمهات المؤمنين اتخذوا منه وسيلة نقل, يعبرون آلاف الأميال, عبر الحمار و أمثاله.
إلا أن بني البشر, و في زمن الخذلان أصبحوا يحقرون و يحتقرون ذاك الحيوان اللطيف, الذي لم يتجرأ قط على سلب ثروة و لا أن يدوس على شرف أنثى, و لا أن يخون عهدا قطعه مع رفاقه, فهو أشرف الحيوانات, يمكننا أن نعتبر الحمار هو سيد الحيوانات بلطفه و ابتسامته العريضة و حبه, و وفائه, حتى أنثاه فهي وفية .
الحيوان هو الحمار, خلق للنقل و التنقل, اسمه الحمار و ليس « الحمار حاشاك » حيث أننا لاحظنا كل من ينطق بكلمة الحمار يليها بعبارة « حاشاك » لدرجة أصبحنا نظن أن اسمه حمار و كنيته حاشاك, لماذا هذا الاحتقار لحيوان ما فعل شرا يوما؟ لما تحتقرونه و تذلونه و هو أكرم الحيوانات, فالجميل في الأمر أنه يلبي حاجياتكم, و طلباتكم مهما كانت, فهو يضرب, لكنه يكتفي بالنهيق, و لا يتجرأ يوما أن يضع شروطا و قوانين زجرية على كيفية معاملته, لكن نحن بني البشر يجب علينا أن نعي دوره و نحدد خرائط و معالم و توجيهات جهلها هو مع كل احتراماتي له فهو جاهل بحكم صفته الخلقية و لكن هناك من هم أجهل منه بالرغم من أنهم كرموا, حديثي على الخاصة من العباد .
سمو الحمار ينجلي في فهمه لثقافة الحوار اللائقة التي اكتسبها بالتكرار, علو كعبه و مروءته تطبعه الألفة التي يمارسها رفقة صديقه البشر.
ما حاشاكش من اليوم و على صعيد طيب نحن نكتب لنحسن و الإحسان هو قرب رؤية الله » الإحسان هو أن تعبد الله و كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فهو يراك » و لنرحمه لأنه قال سيد الشافعين و المرسلين « ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء » و يظهر لي أن بعض من بني البشر يرفعون صوتهم رغم إدراكهم الكامل على وجود آية الله « إن أنكر الأصوات لصوت الحمير » فخالق الخلق لم يقدر كلامه عساك خلق من خلقه يدعى بالحمار .
رفعت جلسة الدفاع عن حقوق المرأة لتفتح الجلسة بالدفاع عن تشريف الحيوان الذي حمل المرأة في سفرياتها , فالمرأة تستحق أكثر من دفاع و أكثر من جلسة, و لكن لنصل لدرجة أن الحمار يتحول من حيوان إلى عبارة سب و شتم فهذا لا يتقبله لا المنطق و لا الفلسفة و الآداب, توفيق الحكيم كتب مسرحية « الحمير » فجعل منه مادة دسمة ليتحول توفيق الحكيم رجل التأليف العربي.
فيا بني آدم , فلنتضامن و تتآلف قلوبنا لحماية الحمار من شر الخلق لنقرأ « قل اعوذ برب الفلق » الحمار ما حاشاكش يا عربي و لا تجعل يا أيها الغربي الناضج نموك و جبروتك على أسدية العرب الذين أصبحوا يرفعون الأصوات و يطالبون بالحقوق ليتجردوا من إنسانيتهم و يتشرفون و يتحولون إلى صفة من صفات حيوان لطيف , قدر الله سعيكم, متى سيتوقف الضرب, يا غرب, لنستولي و نستعيد الشهامة و النضال و الزعامة و ندخل في فترة نقاهة, و يستريح الحمار و نركب حينها الأسد الظالم, و نطالبه بكل مكنون يخالج شعورنا, أ بلغنا مرحلة الأسد يقول » الإنسان حاشاك » عفوا « المغربي حاشاك » عفوا » العربي حاشاك » أ هكذا هي العروبة التي كان عليها جدنا المصطفى عليه أزكى الصلوات و السلام ؟ أ هكذا كان الصديق يوسف .
حتى الأنثى العربية التي هاجرت عند المشارقة سميت بالحمار و ما الحمار بسب و ما الأنثى العربية بحمار, فالأنثى العربية رمز من رموز العفة و الحشمة التي طالما افتقدناها , كما قال الدكتور محمد الوادي, على لسان شخصيته ليلى العامرية » بعت جسدي رخيصا » لما البيع و الشراء و الرهن و المساومة ,كما قال المؤلف العربي محمد الوادي « أنت اسمك عربي من اليوم فأنت عربي, فهذه أرضك يا عربي فهي غير قابلة للمساومة و لا البيع و الشراء فهي اليوم لك و غدا لأبنائك و بعد غد لأحفادك » لما الإفراط و التفريط يا أيها العربي كن ثائرا على القوانين التي تعدت السيميولوجيا و الميتافيزيقا ليخترع علم أساسه حضارة و انفتاح و تفتح .
الحمار ما حاشاكش ما هو إلا رمز من رموز النضال الفكري المرموز و مع ذلك فنحن سنظل ندافع عن الحمار الذي انتهكت حرمته, و لم يعد يستوعب هويته المبتورة المغتصبة, الإنسان استحمر و الحمار أصبح من حفدة و أبناء آدم, « الحمار ما حاشاكش »
24 اكتوبر 2019
1 Comment
رووووعة