Home»National»السرقة والتشغيل

السرقة والتشغيل

0
Shares
PinterestGoogle+

لقد ظل الأمن هاجسا يؤرق الإنسان منذ أن شرع يبحث عن الاستقرار لتنتظم حياته في إطار اجتماعي.
وهكذا،كان عليه أن يؤمن حياته ضد قساوة الطبيعة فأبدع أولى المساكن التي تقيه البرد والحر قبل أن يستعين بالكلاب لحماية ممتلكاته من الحيوانات المفترسة.
وبينما اعتقد الإنسان أن مصادر الخوف تكمن في الطبيعة وحدها، إذا بالتطورات تثبت له أن أصل المخاوف الحقيقية والشرور،إنما هي من إبداع أخيه الإنسان، وهي مخاوف وشرور لا بد من الاحتراز منها لأنها متزايدة ومتجددة ومتطورة!
ولعل أول ما شغل بال الإنسان بالدرجة الأولى ،هو عرضه الذي ظل حريصا على حمايته بكل الوسائل المتاحة لأن الشرائع السماوية والقوانين الزجرية لم توفر الحماية المطلوبة في جل بقاع الأرض.
لم تكن الأعراض وحدها المستهدفة،بل إن الاعتداءات قد توسعت لتشمل كل ما يمكن أن يضمن منفعة مادية لتصبح السرقة أعرق أساليب الكسب غير المشروع الذي ما انفكت دائرة ضحاياه تتسع بفضل تطور فنون السرقة.
وإذا ساغ أن نعتبر السرقة من أنذل الأفعال التي تمقتها كل الأديان والأعراف،فإنه لا مفر من الإقرار بأن هذا الفعل الجرمي لا يخلو من منافع!
لن يجدي التسرع في معارضة هذا الرأي لأن الواقع يعلو على كل العواطف،ذلك أن فشل الشعوب في القضاء على محترفي السرقة
قد وفر فرص العمل لفئات عريضة من المواطنين،وما فتئت دائرة هؤلاء تتسع بفضل تزايد الحاجة إلى خدماتهم.
وليس من المبالغة في شيء أن نقر بأن استمرار ظاهرة السرقة إنما يفرض تشغيل المزيد من،،العاطلين،،الذين لا يشترط فيهم إلا اليقظة والبنية القوية!
إن أمن مربي الماشية منذ القدم ،كان يتطلب تربية كلاب ضارية + لقطع الطريق على اللصوص والذئاب،ثم ما لبثت دائرة البحث عن الأمن أن اتسعت في أيامنا لتشمل مجالات لا حصر لها، وهي مرشحة لمزيد من الاتساع.
وهكذا،أصبح صاحب ،،الفيلا،، الفخمة بحاجة إلى حارس دائم كما أرباب المعامل والمؤسسات على اختلافها إلى درجة أن الناس صاروا يستثمرون في إنشاء شركات لتوفير رجال حماية خاصة لا سيما بعدما عجزت الدولة عن حماية ممتلكات مواطنيها.
لقد بلغ انتفاء الأمن بالبلاد درجة صار معها السكان يشغلون حراسا لحماية منازلهم وساد التوجس في كل مفاصل المجتمع حتى تحول توفر الأمن إلى أولى الأولويات.
لن يحتاج الأمر إلى تفاصيل أكثر لأن السرقة والتشغيل كادا أن يتحولا إلى متلازمتين يحصل بشأنهما توافق متزايد بعدما شكل اللصوص نوعا من،،الجماعات الضاغطة،،اكتفت الدولة حيالها بدور المتفرج!
وإذا كان المواطنون قد اقتنعوا بضرورة تدبر أمر حمايتهم باستنزاف المزيد من مواردهم،فإن معضلة سرقة ثروات الدولة هي التي استعصت على عبقرية المغاربة لتستمر السرقات بدون أن نجد الحارس الأمين!
+ من المفارقات في البادية أن صاحب القطيع كان يختار للحراسة كلبا يسميه،،عساس،، تيمنا !

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *