إننا نحن المسلمين لا نساوي عندهم ظفر كلب
أحمد الجبلي
لقد ظللنا نحن المسلمين لعشرات السنين ونحن نحشر أنفسنا في زاوية المدافع، ولازلنا نعمل على ذلك دفعا لما يصيبنا من تهم كالوحشية والظلامية والإرهاب، ولازلنا نحاول تلميع صورتنا، المشرقة أصلا وفصلا، للآخر بأننا متنورون وتقدميون ومسايرون لتطورات العصر، وأننا نحن كذلك نقول بالتسامح وندعو للتعايش مع الجميع من مختلف الديانات والمذاهب. إننا نعمل بجد لإعطاء حسن السيرة لغرب إرهابي همجي.
إن صورتنا أصلية لا تحتاج إلى أصباغ وديكور، كما لا تحتاج لنسترها بالأقنعة المزيفة، مهما كان لمعان هذه الأقنعة وجمالها وبريقها. إن التمسك بقيمنا ومبادئنا، من المفروض أنه، ليس نفاقا ولا تظاهرا أمام الغرب حتى يرضى عنا، ولكن إن استمر سلوكنا على هذا النحو، وإن استمر تصنعنا وتقديم حسن السيرة للغرب حتى يرضى عنا وهو لن يرضى بطبيعة الحال، سيأتي يوم نحاول فيه التحرر من هذا الغرب ومن تبعيته وحينها سنتحرر حتى من هذه القيم لكثرة ما أصبحت مرتبطة به وليست مرتبطة بدين وهوية وقناعة.
ولكن السؤال الأهم في هذه المعادلة معادلة ما نحن عليه أصلا وما نفعله من أجل الآخر حتى يرضى ويشفق ويرحم، لماذا يجرؤ الغرب المسيحي على خرق القيم الإنسانية ويمارس علينا نحن المسلمين ما يشاء من إقصاء وظلم وجور ويستمر في معاملتنا كأننا حشرات ضارة يجب محقها وسحقها؟
إننا لا نقتل الثيران بوحشية كما يفعل الإسبان، ولا نتمرغ في الوحل مع الخنازير، ولا نتراشق بالطماطم ونسبح فيها كأنها بحور وأنهار من المياه، ولا نمارس القمار بصراع الديكة أو الكلاب فتموت هي بوحشية ونغنى نحن، و عندما نتزوج لا نقوم بكسر الصحون والأطباق والبلاط والمرايا والمراحيض كما يفعل الألمان، ولا نأكل الشربة بعظام موتانا كما يفعل الأمريكيون الجنوبيون، كما أن حضارتنا لم تقم على الدماء والأشلاء كما قامت الحضارة الأمريكية عندما رصت سفينة ماري فلاور على شواطئ أمريكا.
إن همجية الغرب لاتزال وستبقى متجسدة في العديد من الممارسات الجائرة التي تلحق بنا نحن المسلمين، وليس آخرها ما نشرته هذا الأسبوع « واشنطن بوست » عن عملية طرد امرأة مسلمة حامل من على متن طائرة بعد أن شكت من وجود كلبين بالرحلة؛ بسبب معاناتها من الحساسية إزاء الحيوانات.
إن هذه المرأة المسلمة ليست همجية ولا أمية ولا جاهلة بالقانون وأعراف المجتمع، بل المرأة مثقفة متعلمة تدرس في كلية الفنون بمعهد ماريلاند، وكل ما قامت به أنها مارست حقا طبيعيا من حقوقها كإنسان أمريكي، ولا يهم، من المفروض، إن كانت مسلمة أو غير ذلك، حيث اشتكت لمضيفي الطائرة من أنها تعاني من حساسية من الحيوانات بعدما لاحظت وجود كلبين.
وطلب موظفو الطائرة من الراكبة دولتزاي، بعد هذه الشكوى، النزول من الطائرة، إلا أنها رفضت فتم استدعاء الشرطة لإخراجها بالقوة. فقام رجال الشرطة بكل همجية ووحشية بجر السيدة لإخراجها من الطائرة وهي حامل.
وقد صرح محامي هذه المرأة المسلمة السيد أرغون إس سيثي للجريدة بقوله: إن الأمر وقع فقط لكونها مسلمة وامرأة مما يجعل تصرف شركة الطيران عنصريا.
هكذا إذن، لا نساوي نحن المسلمين ظفر كلب عند رعاة البقر، وأحيانا نقول نحن المسلمين ليتنا كنا كلابا كي يكف عنا هذا الغرب الصهيوني طاحونته الدموية العسكرية التي لا ترحم طفلا ولا امرأة حاملا ولا شابا ولا شيخا. ولم يسلم منه إنسان ولا نبات ولا شجر ولا حجر فإنه معنا نحن العرب المسلمين شرس وسفاح. وما فعلته عنجهيته واستكباره وإرهابه في البوسنة وفي فلسطين وبورما وبلغاريا والعراق وأفغانستان وسوريا يجعلنا نؤمن بأننا لا نساوي عنده ظفر كلب .
وصدق الشاعر عندما قال:
قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر**وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر.
فمتى نعي نحن المسلمين هذا ونعي قول الله تعالى : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).
Aucun commentaire