Home»National»تفراطة تتغير

تفراطة تتغير

0
Shares
PinterestGoogle+

يتوزع الجزء الشرقي من سهل،،تافراطة،، بين قبائل أولاد عمرو، السجع ثم بني شبل وغيرهم..
اشتهرت هذه المنطقة بالمحاصيل الاستثنائية خلال السنوات المطيرة، وظلت أرضا يراهن عليها كبار الفلاحين لتامين المؤونة للايام السوداء.
كان غياب الماء أكبر محنة يكابدها السكان المقيمون والعابرون أيام الحصاد الوافدون من اولاد عمرو، حيث كان هؤلاء جميعا مضطرين للتزود بالماء من خزانات ترابية تجمع فيها مياه الأمطار.
كانت هذه السدود التلية المتواضعة الحجم مشرعة لينال منها كل كائن حي نصيبه بما في ذلك قطعان الماشية والدواب والزواحف.
لم يكن نوع الماء المائل الى الصفرة هو ما يهم الناس بقدر ما كان يهمهم الوصول اليه بعد قطع كلمترات عديدة تحت اشعة الشمس الحارقة، ومع ذلك لم تشهد الفترة يومئذ ظهور امراض منتظرة بين المستهلكين!
كانت تافراطة توفر اياما عديدة من العمل للحصادين القادمين من كل مكان مقابل دريهمات معدودة تتطلب منهم استنزاف طاقاتهم من الفجر الى حلول الظلام مكتفين بطعام يسد الرمق بالكاد.
ولعل ما يفسر شظف حياة الحصادين ( الشوالا)،وتحملهم لكل أشكال المعاناة،ما حدث لوفد من هؤلاء القادمين من دوارنا بعد أن تعاقدوا مع احد كبار الفلاحين لمدة من العمل في حقوله المترامية الاطراف.
كان الوفد تحت قيادة رجل عاقل يجيد الغناء وحسن المعاملة و الأذكار مما أهله ليكون ،،مقدم،، الحصادين.
انطلق العمل بوتيرة متصاعدة يؤججه الصوت الرخيم للمقدم الذي وصلت أهاته الى كل الاذان مما جعل رب العمل يشعر بالانتشاء لأن محصوله قد وقع في ايد امينة.
عندما حان وقت الغذاء تحت اشعة الشمس، لم يزد المضيف على أن أحضر طبقا من الكسكس بأقل تكلفة كان على الحصادين ان يمرروه بجرعات من الماء الاسن الذي اختار له صاحبه برميلا متسخا دون غطاء.
لم يكن أمام الحصادين خيار أخر فشرعوا يلتهمون الكسكس – على علاته- ،أما المقدم، فما ان رفع اول ملعقة الى فيه حتى علق جعل بلسانه!
وضع الحشرة تحت شفته في غفلة من زملائه وظل يتظاهر بالأكل حتى لا يحرم زملاءه من سد رمقهم، وظل الجعل في مكان امين الى أن انتهت الوجبة التاريخية!
استأنف الرجل وزملاؤه العمل لايام اضافية ربما تناولوا خلالها أصنافا أخرى من صغار المخلوقات او ما تبقى منها، أما الرجل العاقل فظل متكتما الى أن كانت فرصة كشف فيها المستور!
لم يحل ،، الجعل،، دون عودة الحصادين الى تافراطة ، كلا ، ولا الى المياه الاسنة، فلتلك الأيام اكراهاتها وأي اكراهات!
كان على السكان المقيمين والعابرين أن ينتظروا سنوات طويلة قبل أن تلتفت اليهم الجهات المعنية لاقامة اولى نقطة للماء كان التزود منها يتطلب ساعات من الانتظار.
عندما بني سد ،، لغراس،، على نهر ،،زا،،لم يمر وقت طويل حتى بدات،،تافراطة،، تتخلص تدريجيا من محنة العطش لتدب فيها الخضرة شيئا فشيئا.
لقد اغتنت الفرشة المائية،مما جعل الأثقاب تتناسل ليتنافس العديد من الناس في تغيير أديم الأرض.
أن معظم هؤلاء السكان يستحقون تحية صادقة لما بذلوه من جهود لاقامة جنان فاتنة أثثوها بانواع الأشجار والمغروسات مما عجل بتلاشي تلك الصورة السوريالية التي طبعت المكان عبر الزمن الغابر.
لم يتوقف الامر عند هذه المبادرات الفردية، بل أن الدولة قد شرعت في تغيير وجه،،تافراطة،،عبر وضع اللمسات الأخيرة لسقي مئات الهكتارات بعدما تم ربط المنطقة بسد لغراس.
لقد أنجز عمل جبار في تضاريس غاية في الصعوبة، لكن الهدف الذي أصبح على مرمى حجر، يهون امامه كل شيء.
في غضون سنوات قليلة،سوف تتخلص ،،تافراطة،، من سراب الصيف الى حلة حريرية دائمة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Mohammed BOUASSABA
    05/06/2017 at 14:57

    في ما يخص تشييد سد على نهر زا يرجع الفضل إلى جمعية قدماء تلاميذ تاوريرت والتي كنت من مؤسسيها يوم السبت 2ماي 1982 وعضو بمكتبها الذي أتيحت له الفرصة لترح هذا المشروع الذي كان مبرمجا إبان الحماية وإخراجه إلى الوجود، وذلك تحت رئاسة المرحوم عبد العزيز مزيان بلفقيه الذي كان ٱنذاك وزيرا لأشغال العمومية. أتمنى من المجتمع المدني بالمنطقة أن يساير هذا النهج للمساهمة في تنميتها. رمضان كريم. محمد بوعصابة / فاعل جمعوي و متقاعد / الرباط.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *