من غير المقبول اتخاذ البعض الاحتفال بحلول السنة الميلادية الجديدة ذريعة للسكر والعربدة والإخلال بالأمن العام وخلق المتاعب والعنت للساهرين عليه
من غير المقبول اتخاذ البعض الاحتفال بحلول السنة الميلادية الجديدة ذريعة للسكر والعربدة والإخلال بالأمن العام وخلق المتاعب والعنت للساهرين عليه
محمد شركي
يلاحظ المتابع لنشرات الإخبار على القنوات الوطنية تكرار خبر الاستعدادات الأمنية فوق العادية بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة طيلة الأسبوع المنصرم و خلال هذا الأسبوع . والصيغة التي يؤدى بها الخبر تثير التساؤل حول موضوع الاحتفال برأس السنة ، فهل بالفعل يحتفل الشعب المغربي بهذه المناسبة أم أن الاحتفال يقتصر على شريحة أو شرائح بعينها ؟ فالمعروف عن هذا الشعب المسلم احتفاله بالسنة الهجرية لارتباط المناسبة بدينه وعقيدته ، ولا علاقة له بما يسمى أعياد الميلاد أو « كريسماس » وهي كلمة مركبة من لفظة » كريس » وتعني المسيح ، ولفظة » ماس » وتعني ميلاد ، و يقال أن هذه اللفظة منحدرة من لغة الفراعنة .ويحتفل المسيحيون قبيل حلول السنة الميلادية بمولد يسوع الرب أو ابن الرب حسب اعتقادهم واختلافهم في ذلك ، ولهم طقوسهم الخاصة التي قد يقلدهم فيها من ليسوا على دينهم كتبادل الهدايا على سبيل المثال التي يجلبها « سنتاكلوز » أو « بابا نويل » وهو قزم بلحية بيضاء طويلة ولباس أحمر يأتي من القطب الشمالي ممتطيا عربة تجرها الوعول ويحمل هدايا للصغار يضعها عند شجرة الميلاد استجابة لطلباتهم التي يضمنونها في رسائل المعلقة على تلك الشجرة . وحكاية هذا القزم تعود إلى قصة من اختراع خيال الشاعر الأمريكي « كليمنت كلارك مور » صاحب قصيدة : » الليلة السابقة لعيد الميلاد » والتي نظمها سنة 1823 . وأصل حكاية » بابا نويل » هي قصة القديس » نيكولاس » أسقف » ميرا » وقد عاش في القرن الخامس الميلادي ، وكان يوزع الهدايا على الأسر الفقيرة خفية دون أن تعرف من هو الفاعل ، وكانت وفاته في أواخر شهر دجنبر لهذا ظلت عادة تبادل الهدايا جارية في هذا الوقت بالذات . وقد ينساق كثير من المسلمين في هذا التقليد دون علم بمصدره . ويعتبر الاحتفال بليلة حلول السنة الميلادية الجديدة استمرارا للاحتفال بأعياد الميلاد عند الكنيسة الغربية والتي تبدأ من الرابع والعشرين من شهر دجنبر إلى غاية الفاتح من يناير . ومن طقوس الاحتفال بحلول السنة الميلادية تعاطي الخمور و إحياء السهرات الراقصة . وقد لا يتابع البعض طقوس الاحتفال بأعياد الميلاد أو لا تكون نواياهم كذلك، ومع ذلك يحرصون على السهر ليلة حلول السنة الميلادية الجديدة على طريقة غيرهم ممن يختلف عنهم دينا وعقيدة وثقافة وعادة . ومن العادات التي شاعت لدى الكثيرين اقتناء كعكة الميلاد تلك الليلة ، وهي عادة المحتفلين بأعياد الميلاد من المسيحيين ، ولا يرون في ذلك بأسا ما دام الأمر يتعلق بمجرد تناول كعكة ، إلا أن البعض يذهب إلى أبعد من ذلك، فيقيم الحفلات الصاخبة والماجنة حيث تلعب الخمرة بالرؤوس، ويختلط الحابل بالنابل في عربدة قد تنتهي بما لا تحمد عقباه، الشيء الذي يضطر الساهرين على الأمن العام إلى السهر والمعاناة تلك الليلة حفاظا على الأمن وتحسبا للحوادث المصاحبة لعربدة المعربدين. ومن المؤسف أن يهدر المال والوقت والجهد من أجل إرضاء المعربدين وتوفير الجو لهم للعربدة ولاستباحة الأمن العام ، والدوس على القانون . ولقد أصبح كل من ينتقد ظاهرة العربدة ليلة حلول السنة الميلادية الجديدة مستهدفا بالنقد اللاذع خصوصا خطباء منابر الجمعة حيث يرمون من طرف أنصار العربدة بالتزمت والتخلف مع أن نقدهم ينصب أساسا على ارتكاب المعاصي تلك الليلة من شرب للخمر واعتداء على الغير أو على أعراضهم أو التسبب في إزعاجهم بالصخب والمجون … ولا ينصب على الاحتفال في حد ذاته . ومع أن البعض يستعد للاحتفال بحلول السنة الميلادية أسبوعا أو أكثر قبل الموعد، فإنهم لا يدرون متى تحل السنة الهجرية ، ولولا العطلة التي تعطى بهذه المناسبة لما ألقوا لها بالا لأنها مناسبة لا خمر فيها ولا رقص ولا مجون ولا عربدة ، ولا يستدعي الأمر خلالها تعبئة الأعداد الكبيرة من قوات الأمن واللوجستيك، وما إلى ذلك مما تسرده وسائل الإعلام بحلول السنة الميلادية .وتسجل سنويا حوادث مؤلمة بهذه المناسبة بسبب العربدة والتهور وهما في تزايد مطرد سنة بعد أخرى مع غياب التوعية الدينية اللازمة . وأخيرا نذكر الجميع بهويتنا ومرجعيتنا الإسلامية ، وضوابطها القاضية بأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، وهل يوجد أسوأ من معاقرة أم الخبائث ، وارتكاب الموبقات ليلة حلول السنة الميلادية ؟ ونأمل أن يسود الوعي شرائح من المجتمع تتصرف بعفوية وتلقائية دون أن تعلم بأنها أسيرة التقليد الأعمى ، وهي تمارس طقوس احتفالات غيرها ممن يختلفون عنها دينا وعقيدة وهوية ومرجعية دون وعي منها.
Aucun commentaire