ثمن الشهرة وثمن الكذب
أحمد الجبلي
لقد انتشرت صورة عامل النظافة المصري رفقة ابنته بشكل كبير وسريع على صفحات الفيسبوك عبر العالم، هذا الرجل الفقير كما يبدو في الصورة، صار مشهورا ليس لكونه عامل نظافة فحسب، وإلا فإن أمثاله كثيرون، ومنتشرون في كل أنحاء العالم، ولكن مصدر شهرته هو ابنته، وبالضبط ما عبرت عنه هذه البنت البارة وهي تفتخر بأبيها، حيث أخبرت العالم كله أنها لا تخجل من كونه أبا لها لأنه هو من رعاها ورباها وعلمها، فتعاطف العالم مع هذه الشابة لأن الناس منهم بالخصوص العرب يحترمون ويقدرون هكذا قيم وأخلاق لأنها تنبع من صميم دينهم، وتعاليم نبيهم صلى الله عليه وسلم.
وتعبير هذه الفتاة، من جهة أخرى، جاء كصرخة مدوية في وجه كل فتاة لا تستطيع أن تفخر بوالديها إما لفقرهم وعوزهم أو لعدم رونقهم وجمال صورهم، أو مكان سكناهم لكونه سكنا غير لائق ويدعو للخجل. وما أكثر هذه الطينة للأسف الشديد.
لازلت أذكر إحدى الفتيات اللاتي كانت تقطن في حينا في السبعينات وكانت تبدو في الثانوية كما تدعي أنها غنية وبنت الحسب والنسب إلى درجة أن جل ملابسها مستعارة من أخريات. وحدث أن زارتها بعض صديقاتها بمنزل عائلتها المتواضع جدا، ولما رأت إحدى زميلاتها أباها وهو يرتدي عمامة صحراوية على رأسه وأثر الكد والمشقة، والتجاعيد الناتجة عن وقوفه المستمر تحت أشعة الشمس بادية على وجهه، خجلت من صديقتها وقالت بكل وقاحة: إنه خادمنا.
ربما هذه القصة الحقيقية تزيدنا يقينا في سر شهرة وشعبية تلك الفتاة التي افتخرت بأبيها ورضيت بما قسم الله لها، لأنها ذات قيم ومبادئ وفهم عميق لمعنى الحياة. فضلا عن عدم جحودها أو نكرانها لكل المجهودات الجبارة والتعب والكد الذي فعله أبوها من أجلها ومن أجل إخوتها. فهو أبوها مهما يكن وكيفما كانت وضعيته لأنها تعرف أن العمل مهما كان فهو شرف المرْء ولم يكن في يوم من الأيام لا عيبا ولا نقيصة.
ولكن النقيصة كل النقيصة هي أن يقوم ـ موقع الكتروني مغربي………. بشهادة الزور والكذب على الناس، فيمنح الجنسية المغربية، دون علم من وكيل جلالة الملك، لهذا الأب الشهم الذي استغنت عنه الشركة فقط لكونه صار مشهورا في كل أنحاء العالم.
أولا فهذا الموقع قد أساء لهذا الأب المصري المكافح وبنته الرائعة المحترمة، لاستغلالهما في تمرير خطاب الكذب وتزييف الحقائق لبث رسالة مزيفة تطعن من خلالها في المسؤولين المغاربة، ولسان حاله يقول كيف يعقل أن يسمح في المغرب لشركة أن تستغني عن خدمات هذا الأب بجريرة أنه صار ذا شهرة وصيت في العالم؟
وثانيا قد أساء لدينه الذي يحرم الكذب والرسول الكريم قد حذرنا منه فقال » يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب » وقال « لا زال الرجل يكذب ويكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا »
ثالثا هي إساءة لهذا الوطن وملكه وشعبه وجميع القائمين عليه من مسؤولين وإدارات وثقافة وعرف، لأن المغاربة لا يمكن أن يقعوا في خطإ مثل هذا، فكيف يمكن للمغربي الأصيل أن يستغني عن خدمات عامل فقط لأنه صار مشهورا؟ فهذه أشبه بالنكتة المضحكة، وشر البلية ما يضحك. والنقيصة الكبرى هي أنها ليس أول مرة ـ فيها هذا الموقع ـ ……بهذا التلفيق المنكر، لقد فبرك أفلام عنف وسرقة وضرب وقمع وألصقها بهذا الوطن ومسؤوليه ورجال أمنه دون حياء ولا احترام لهذا الوطن ومن فيه. ولا نجد ردا عليه إلا بما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم: « مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت ».
فإذا كان هذا الرجل قد دفع ثمن شهرته وهي الاستغناء عنه من طرف الشركة التي يعمل بها. فإن ثمن كذب ـ الموقع الالكتروني هذا ـ …… هو أن المغاربة قد عرفوا حقيقته وما عادوا يأبهون لما ينشره من صور وأفلام زائفة من أجل إظهار الوطن للعالم في صورة الظالم والعنيف والديكتاتوري.
3 Comments
كمدرس انتمي الى المدرسة المغربية العمومية اقترح ان تكون دروس الاخلاق و النصوص القرائية مستوحاة من الواقع كهذه القصة في الحديث عن البر بالوالدين و الاعتراف بالجميل،عوض الكلام عن الاخلاق في واقع افتراضي،مما يجعل درس الاخلاق يتحول الى درس لا ينفع و لا يهدي صاحبه مادام اننا نتعلم اخلاقا لا علاقة لها بالواقع الصحي او المريض:الصحي ندافع عنه و المريض ننتقده.و ينبغي ان من يتعلم هو من يحكم على الاخلاق هل هي حسنة ام سيئة لان كل شيء مفروض على الناس مرفوض من قبلهم،و ما اقتنعوا به يلتزمون بفعله. فمتى ينتبه المبرمجون للكتب المدرسية و للاهداف التربوية ان ينزلوا الى الواقع المغربي الحالي ليتزودوا منه بالمعلومات و الخبرات لنقلها للاجيال الصاعدة حتى يعرف المتعلم ان ما يدرسه هو ما يشاهده في الحياة.اليس هذا هو ربط المدرسة بمحيطها و ربط التعليم بالواقع المحسوس و ليس بالواقع المفترض الذي يشبه احلام شهرزاد و قصة الف ليلية و ليلة؟ ولكم واسع النظر يا وزراء التربية و التعليم
حسب مصادر أخرى فالعامل المطرود من جنسية جزائرية اسمه حسين ناجم و يبلغ من العم 53سنة و الذي طرده هو رئيس بلدية دالي ابراهيم بسبب تشر ابنته لهذه الصورة التي تفتخر فيها بوالدها البسيط الذي رباها تربية حسنة .لا يهمنا جنسية الأب و ابنته بقدر ما تهمنا قيمة الصورة و دلالاتها الإنسانية . صورة تعبر على البر بالوالدين و على التربية اللائقة التي تلقتها البنت البارة بوالدها اعتمادا على قيمنا الإسلامية لديننا الحنيف لأن الرسول عليه صلوات الله و سلامه بعث ليتمم مكارم الأخلاق .كما نستخلص من الصورة جبروت وطغيان بعض من أسندت لهم مناصب المسئولية ، و لنا في التاريخ قصص النهايات المأساوية لكل جبار آثم .
سيبقى هذا العامل مرفوع الرأس – كما هو في الصورة – بشاربه الرجولي و ستبقى ابنته نموذجا للبنت المسلمة المتخلقة ، فطوبى للأب بابنته و طوبى للبنت بأبيها . و أدعو المتسبب في طرد السيد حسين بأن يأخذ العبرة في البساطة من ملكنا الهمام الذي أخذ صورة مع أحد عمال النظافة بالعاصمة الفرنسية في آخر زيارة لجلالاته لهذه الدولة
نعم كما قال الأستاذ الفاضل فأظن أن صاحب الصورة من الشقيقة الجزائر حسب العديد من المصادر الإلكترونية
وبالمناسبة فيجب تقديس العمل كيفما كان. ما يستعر منه الانسان هو التواكل على الاخرين أو السرقة والعياذ بالله