بنكيران ومحاربة الفساد أو حين يصبح الكذب منظومة سياسة وأخلاقية محمد إنفي
بنكيران ومحاربة الفساد أو حين يصبح الكذب منظومة سياسة وأخلاقية
محمد إنفي
أستسمح بعض الأصدقاء الذين عابوا علي ما أكتبه على السيد « عبد الإله بنكيران » وعاتبوني على ذلك، ليس دفاعا عنه ولكن، حسب رأيهم، لأنه لا يستحق أن يكون موضع اهتمام وأن يشكل مادة لمقالات الرأي والتحليلات السياسية. فهذا، في نظرهم، يعطيه قيمة ليست له ويرفع من شأن خطابه الفرجوي المتدني.
لكن، كيف لي أن أقنع نفسي بهذا الدفع، والرجل يترأس الحكومة التي تدبر شأننا العام؟ ألا يحتل، دستوريا وبروتوكوليا، الرتبة الثانية في هرم الدولة؟ ألم تبؤ صناديق الاقتراع حزبه المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية بعد دستور فاتح يوليوز 2011، الذي نص على احترام المنهجية الديمقراطية التي ناضل حزبنا من أجلها؟ ألم يكن مُعوَّلا (لسذاجة العديد منا) على هذا الحزب، بالنظر لمحتوى برنامجه الانتخابي ولشعاراته الانتخابية، أن يعمل على تعزيز وتقوية ما تحقق من مكتسبات في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان وأن يجعل من تحسين الوضع المعيشي لذوي الدخل المحدود والفئات الاجتماعية الهشة همه الأساسي ؟ ألم يرفع شعار محاربة الفساد؟ ألم…؟ وألم… وألم…؟…
لذلك، لن أستطيع أن أمنع نفسي من الكتابة على « بنكيران »، كلما ظهر لي أن الأمر يستحق الاهتمام؛ بالطبع، لن أكتب عن « بنكيران » كشخص(فذلك لا يهمني)؛ لكن كشخصية عمومية، فهذا أمر آخر، خاصة وقد حصلت لي القناعة بأنه يجسد النموذج الأمثل للمسؤول الذي يعطي ، بأقواله وأفعاله (التي غالبا ما تتناقض)، ما يكفي من المبررات لسيادة المفهوم القدحي للسياسة (وهذا أمر يستدعي الاهتمام من الفاعلين السياسيين والمثقفين الديمقراطيين والمتنورين لفضح الخلفية الفكرية والإيديولوجية المتحكمة في مساره ومسيره السياسي الذي يشكل خطرا على الاختيار الديمقراطي ببلادنا).
لست في حاجة إلى الخوض، لا معجميا ولا اصطلاحيا، في التعاريف المختلفة لمفهوم السياسة بقصد إبراز المضمون الذي أود التركيز عليه في هذا المقال. فيكفي أن أشير إلى أن السياسة، كممارسة وسلوك وكأفعال وأقوال، قد تترك عند المتلقي انطباعا (أثرا) سلبيا؛ مما يجعله يحكم على فساد الفعل السياسي ويعطي للسياسة مفهوما قدحيا. ويقدم لنا تاريخنا السياسي المعاصر الكثير من الأمثلة على عمليات الإفساد التي طالت الفعل السياسي. لذلك، لا نستغرب أن ينتشر المفهوم القدحي للسياسة، خاصة بين الشباب.
و »القَدْحِيَّة » (من القَدْح، أي الذَّم)، كقيمة سلبية (صفة مذمومة)، التي تلصق بالفعل السياسي،
إنما هي نتاج استشراء الفساد (بمفهومه العام، وبالأخص في المجال السياسي)؛ مما ينتج عنه عدم الثقة في المؤسسات السياسية.
وأخطر ما في الأمر، هو أنه بقدر ما ينتشر، في المجتمع، المفهوم القدحي والتبخيسي للساسة، بقدر ما تتراجع « المَحْمَدية »(نقيض القدحية)، كقيمة إيجابية (صفة محمودة) في المجال السياسي؛ مما يجعل القيم السلبية (الانتهازية، الأنانية، الفردانية، اللامبالاة، العدمية، التطرف، الخ) تنتصر على القيم الإيجابية (المشاركة، نكران الذات، خدمة الصالح العام، التسامح، التواضع، الخ).
والقدحية (المَذَمَّة) في السياسة (وفي الأخلاق أيضا) تعود أساسا إلى خصلة(صفة أو خلة) مذمومة أخلاقيا وشرعيا (أي دينيا)، ألا وهي الكذب. فهو الذي يجعل السياسة تأخذ مفهوما قدحيا، أي ذميما، لكونها تقترن بالغش والخداع والتضليل وغير ذلك من الأفعال المذمومة.
والكذب هو، حسب « متولي الشعراوي »، أن لا يطابق الكلام واقع الأمر. ونقيض الكذب هو الصدق، أي مطابقة القول للواقع. فماذا لو قمنا بتمرين تطبيقي على أقوال وأفعال رئيس حكومتنا لمعرفة مدى تطابقهما أو تناقضهما؟ أو لنقل مدى صدق أو كذب من هو مؤتمن، دستوريا، على تدبير شؤوننا؟
أعتقد، جازما (رغم أني لست لا مؤرخا ولا كاتب حوليات)، أن نتيجة التمرين لن تفاجئ إلا الأتباع أو اللامبالين بالحياة السياسية؛ ومفاد هذه النتيجة أن المغرب لم يعرف، خلال الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال، رئيس حكومة أو وزيرا أول أكذب من السيد « عبد الإله بنكيران ». فقد بات الكذب، في عهده، منظومة سياسية وأخلاقية قائمة بذاتها، بحيث أصبح لا حرج (ولا تحرُّج) في قول شيء وفعل عكسه (أو فعل شيء وادعاء عكسه).
لنأخذ بعض الأمثلة التي تبرز ألوانا من الكذب(والنفاق): أليس التطبيع مع الفساد (« عفا الله عما سلف ») يكذب شعار محاربة الفساد؟ (لقد زاد منسوب الفساد في عهد حكومة بنكيران: يكفي أن نشير إلى الصفقات المشبوهة). أليس كذبا اعتبار إلغاء صندوق المقاصة إصلاحا ؟ أليس كذبا أن توهم الناس بتحسين أوضاعهم بينما، في الواقع، يتم العمل على تدهورها؟ ألا يدخل في خانة الكذب التناقض بين الموقف من حفل الولاء خلال فترة المعارضة والموقف منه بعد الوصول إلى رئاسة الحكومة؟ أليس التحالف مع « مزوار » تكذيبا صريحا للموقف (أو المواقف) السابق(ة) منه؟ ألم يدعي رئيس الحكومة عدم علمه بما تعرض له الأساتذة المتدربون، فإذا بوزير الداخلية يكذبه (« بَرْقو » بلغتنا العامية) تحت قبة البرلمان؟ أليس…؟ وأليس…؟
لكن الكذبة الكبرى، في اعتقادي، هي ادعاء المرجعية الإسلامية، بينما المرجعية الحقيقية لـ »بنكيران » وحكومته وحزبه، هي الليبرالية المتوحشة التي تطحن الفئات المتوسطة والفقيرة. وباسم هذه المرجعية، تم إلغاء صندوق المقاصة وتم تحرير الأسعار ويعمل « بنكيران »جاهدا على أن ترفع الدولة يدها على كل ما هو اجتماعي، وفي مقدمة ذلك قطاعي التعليم والصحة. وإذن، أليس في ادعاء المرجعية الإسلامية كذب على الله وخداع للشعب المغربي؟
ختاما، فلو كنت في مقام الواعظ، لذكَّرت بحكم الكذب والكاذب (أو الكذَّاب) في الدين؛ وذلك باستعراض آيات قرآنية وأحاديث نبوية تتعلق بالموضوع. لكن، هل ينفع الوعظ مع من أعمته مصالحه السياسية الضيقة وجعلته لا يتورع عن الكذب باسم الدين؟؟
4 Comments
للمرة اﻷلف أقول و هذا رأي شخصي أن المغرب لم يعرف وزيرا أولا منذ فترة ( عصمان) باستثناء اﻷستاذ الكبير عبد الرحمان اليوسفي » الله يشافيه » / أو حكومة مثل الحكومة الحالية وخاصة وزراء المصباح حيث و صلوا عن طريق انتخابات نزيهة و ديموقراطية و بإرادة شعبية و يباشرون اليوم مسؤوليتهم بأمانة و نقاوة اليد و فراغ البطن. رغم اﻹنتقادات و الحملات المسعورة و وضع العصا في عجلة النماء و الرقي من طرف المفسدين و العلمانيين و الحزب المعلوم ، فلا زال المصباح ينير بل زاد في شعاعه و ضياءه. فهاذا هو الواقع و لا ينكر هذا إلا جاحد أو ناقم.
مقالك ايها السيد المحترم محمد انفي مقال يشم فيه كل من قراه راءحة المتطرفين الراديكاليين الذين يسوقون الفتنة والكذب .وتاكد السيد المحترم ان مقالك يخدم اجندة متطرفة معروفة ومنبوذة من طرف المغاربة انك عندما تنعث رئيس الحكومة بالكذاب ترتكب كبيرة ستحاسب عليها يوم القيامة وتقترف جنحة قد تتابع عليها جناءيا . اما في ما تتدعي انها اكاذيب بنكيران فيتبين ان معطياتك حول انجازات الحكومة ضعيفة جدا ضعف المقاربة التي اتبعت لتحرير مقالك. صندوق المقاصة انقذ البلد من الانهيار الاقتصادي وارجع الامل الى الارامل والفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة. قولك ان الفساد تزايد في عهد هذه الحكومة هو هراء في هراء. نعم اتبع رئيس الحكومة سياسة عفى الله على ما سلف من اجل المصلحة العليا للوطن لوقف نزيف تهريب الاموال وبهذه السياسة استطاع رئيس الحكومة استرجاع اكثر من 25 مليار درهم. لقد استطاع بنكيران ومن معه ان يخرجوا البلاد من دائرة الخطر تمكن من ربح ثقة المستثمرين. اما تحالفه مع مزوار فكان ضروريا لانقاذ الوطن. انك يا استاذ تروج خطاب اعداء الوطن واعداء الديموقراطية واكيد انك تحت تاثير بعض المنابر الاعلامية التي تضع المصلحة التجارية الضيقة قبل المصلحة الوطنية .واخيرا ما رأيك في ما قامت به هذه الحكومة وعن جراتها وشجاعتها في معالجة العديد من الملفات التي عجزت الحكومات السابقة عن معلجتها. ثمن الادوية – الرميد- التوظيف- منح الطلبة- منح الارامل – التغطية الصحية للطلبة – التغطية الصحية لاصحاب المهن الحرة- تحسين اسطول النقل (الطاكسيات). استمرار فتح الاوراش عبر التراب الوطني …..الخ.واخيرا اقول ان بنكيران هو رئيس حكومة ناجح وغير مسبوق وكل ما يقوم به يكون بتنسيق تام مع ملك البلاد محمد السادس احب من احب وكره من كره وهو الرجل القوي والمؤمن الذي يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ومصلحة الوطن قبل مصلحة الحزب. استاذي المحترم لا تخفي الحقائق التي يعرفها كافة المغربة وكن منصفا.
اقول لكاتب المقال ان حكومة بنكيران افرزتها صناديق الانتخاب.و انه باذن الله نفس صناديق الاقتراع ستفرز نفس الحكومة ونفس الحزب في 2016.لكن بنسبة اعلى.هدا اختيار المغاربة.الناس مع الاسف لا تحارب العدالة و التنمية.انما تحارب الاسلام دين الدولة المغربية.مهما كتبت الاقلام الماجورة النصر لانظف حزب بالمغرب.
صاحب المقال على حق و حقيقة . أقول له سر على الدرب و لا تبالي للنعيق و النباح