في الحاجة إلى تربية المواقف
في الحاجة إلى تربية المواقف
بقلم : ذ. عبد الفتاح عزاوي
لايختلف اثنان على أن الرقع اتسع على الخارق فيما يخص إصلاح منظومة التربية والتعليم ببلادنا ،فالاحصائيات الصادمة الصادرة عن المؤسسات الوطنية والدولية تعكس حجم هذه الاختلالات ،إذ أصبح يغادر مقاعد الفصل أزيد من 300.000 متعلمة ومتعلم سنويا ، وبينت دراسات حديثة أن أزيد من 70 في المائة من التلاميذ لايستوعبون مايدرس لهم . كما أن تصنيف المغرب تراجع بشكل كبير في أولمبياد الرياضيات الدولية ، حيث احتل الرتبة 85 من أصل 97 دولة مشاركة في اخر دورة نظمت بكولوميبيا مابين 20 و28 يوليوز 2013 ، وقس على ذلك في مجالات أخرى .
إلا أنه ورغم هذه التراجعات المثيرة للاستغراب ، فالقائمون على تدبير الشأن التعليمي والتربوي بالبلاد لم يستوعبوا الدرس بعد ، في تجني واضح على المدرسة العمومية التي قدمت الكثير للشعب المغربي ، حيث أدخلوا المنظومة قسرا في دوامة »إصلاح الإصلاح »، فمايكاد يظهر إصلاح حتى يظهر إصلاح جديد يعلن فشله ، فلماذا يفشل إصلاح التعليم بالمغرب إذن ؟
إن الجواب المؤلم الذي يتبادر إلى ذهننا سريعا هو أنه ليست لدينا سياسة تربوية فاعلة وناجعة ، بل إن جوهرها لايعدو كونه يرتكز على مجموعة من الإجراءات المعزولة الرامية إلى حل مشاكل القطاع بأقل الخسائر الممكنة ،وإدارة الإحصاءات بشكل يضمن تجميل وجه منظومة تربوية مليئة بالتجاعيد أمام المنظمات الدولية ، رغبة في المساعدات المادية و الفنية وعــقــد شراكات فاشلــة .
والخطير في الأمر، أن هذه السياسات التربوية التي أعلنت الجهات الرسمية فشلها تقنن استخدام العقل ،حيث أصبحت مدارسنا بمثابة معامل لتخريج أجيال معطوبة فكريا ،تتجنب إبداء رأيها وتعجز عن القدرة على اتخاذ مواقف إيجابية .الأمر الذي يجعل فعل التعـلم يخلو من المناقشة ومقارعة الرأي بالرأي وإبداء وجهات النظر بين المتعلمات والمتعلمين .
إن مسلسل تدمير المدرسة العمومية سيوصلنا حتما إلى تربية بلا مواقف ، وستتناقص القيم الانسانية المبنية على الحق في الاختلاف والديمقراطية وغيرها من القيم الأخرى ، و سنقف مشدوهين أمام العواقب الوخيمة للسؤال الإشكالي الذي لازال يراوح مكانه : من نحن ؟ وماذا نريد أن نكون ؟ .
fattahazz@yahoo.fr
Aucun commentaire