خطبـــة القذافـــي الثانيـــة قبيــــل الضربـــة القاضيـــة
ذ. رشيد لعناني
أنا مختبئ في جحر العزيزية، منه أمسك بالقبضة الحديدية على الأرملة و الثكلى و الصبية، فالدم لا يفسد عندي للود قضية و القتلى، عفوا الجرذان أيام حياتهم لا يحتاجون إلى دية، قوضت الأفنية و الأبنية و الأخبية، فيا ويلي كم من رزية و بلية و دور مخلية، أأتحمل وزرها وحدي؟ تريدون عيشة راضية مرضية و أكلة مشبعة شهية و شربة باردة هنية و أقبع ما تبقى من عمري في العزيزية بين دروع بشرية و مرتزقة مشرية و بطانة قالية، فما هذه الأنانية؟
بالنخوة و الأنفة و الحمية أصرف شماتة الشعوب العربية و أستبسل تفاديا لكل ذلة أو أذية بل و أعدي ببسالتي الجارة سورية لتهلك درعا الأبية و يحبس عنها الخبز و المياه النقية و يرهب أهلها كما دمرت مصراتة العلية و حماة السورية التي دكت قبل عقود دك الوحوش في البرية، لعلي الآن في أحد سراديب طرابلس الخفية، أخاف من خيالي و من البطانة شرقية كانت أو غربية. أحتمي وسط كتلة بشرية حتى تكون الخسارة فادحة مخزية. أما وقد قضى فلذة كبدي فسأضرب ضربات عشوائية.
أتصدى للحملة الصليبية ضد الخيرات الليبية، لا كما تصدى صلاح الدين الأيوبي ابن الكردية الأبية. أحشو الجثث المرمية بالقنابل المجهزة على البقية الباقية و أضرب الجنائز و المقابر و الصوامع العامرة بالجحافل الإرهابية، أسمم المياه الجارية و أستعين بالجارة الجزائرية و التشادية. أنا نسيج وحدي أيام الجولات السلمية و الحربية. أضع يدي في يد الأحلاف اليهودية، فنجمة داود السداسية على أسلحتي منقوشة جلية، كيف أهدد بالله عليكم الصهاينة و أنا أبرم معهم الصفقات العسكرية، بل و ظهرت خالة لي يهودية تدعي الرحم و القرابة على إحدى القنوات الصهيونية؟
لم تبق إلا العمليات البرية بعد الجوية لتجهز علي أو أنسل من أحد المعابر الخفية عند صديق دربي تشافيز ابن النصرانية، لكن إن أنا خرجت ضاعت مني الألقاب البهية، عميد القادة و ملك ملوك إفريقية و الأخ قائد اللجان الثورية، رباه دار الزمان دورته الحتمية فهذا مبارك جاري ترجل عن جواد الرياسة المغرية و ذاك بن علي ما أخطأته سهام القدر و لا زلت عن الرمية و ذاك صدام قتلته الويلات الأمريكية.
ما كنت أتوقع من أحفاد المختار الأجلاد هذه البسالة العالية و النجدة الغالية؛ لما حمي الوطيس و اشتد الخطب ما ازدادوا إلا تماديا، زحفوا نحو الكتائب رويدا رويدا مسهم القرح كما مسنا فما تضعضعوا و لا رجعوا القهقرى، ما هم جرذان كما زعمت بل هم أشجع الورى، شهادة عدو في ساحة الوغى فاستمسكوا بها. لا أدري ما يفعل بي و لا بكم فالخبر اليقين يعلمه المولى و ستبدي لكم الأيام ما كنت جاهلا. تبا لدنيا دنية و رعية عصية و فرحة وهمية و سعادة شكلية و رياسة مردية و شهوة مطغية!
سجل التاريخ رغم أنفي شجاعة الحركة الشبابية، سواعد فتية و عزائم قوية طورت أسلحة الأجداد السهكة الصدئة المرمية و فدت أهلها بدمائها الزكية، كلهم آت يوم القيامة مطالب بدمه مني، ساعتها إن لم أتب و أقبل عند الحضرة العلية أقول بعيد الضربة القاضية يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانيه.
من يؤرخ ما وقع في همزية أو ألفية أو يصيح بعقيرته الجهورية يظهر الحق للأجيال الفتية بأن دم عمر يسير في الأوعية الليبية و الضمائر المسلمة الحرة الأبية في طريقه فيما بعد إلى تل الربيع و حيفا المنسية؟ من يصد هذه الصدور العارية و الملاحم الغزية و البطولات الإنسية؟ من يحب بعد الآن نخوة القومية العربية الخاوية و عبية الجاهلية و العصبية القبلية؟
هجاني أهل القرطاس لما حدت عن القسطاس و طالب المظلوم بالقصاص و على كل فقد وحلت و حرت و خبت و خسرت و خسئت و سئمت وحر الصدور و رهج الغرور و مقت الجمهور و شماتة أهل الفجور و الدثور و إدبار السرور و إقبال الثبور.
8 Comments
شكر الله لوجدة سيتي نشر هاته المقالات القيمة الماتعة في زمن كثر فيه الغث و أرباب الأذواق الفاسدة فساد البيض وقت القائلة في يوم صائف
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت و كنت أظنها لا تفرج. صبرا آل المختار فالفجر لاح في الأفق و النصر قريب إن شاء الله
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لا فض فوك يا أبا صهيب
اللهم أصلح أمور المسلمين
ما بال تعليقي لم يظهر إلى الآن
أرسلت تعليقا و لم ينشر لحد الآن لماذا؟
حين يقرأ المرء للأستاذ رشيد لعناني مقالا، لا يسعه إلا أن يثني عليه، ويعترف له بنضج قلمه روحا وهيكلا.يتجلى النضج الروحي في الحمولة الفكرية لمقالاته التي توزن بالذهب أو الماس و التي تنأى وتنهى عن الابتذال،لكونها – من جهة -لا ترضى إلا بالمضمون الذي تلازمه سمات الجودة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى،ولكونها -من جهة ثانية – تحترم القارئ بعدم رضاها عن إضاعة وقته في قراءة ما هو خاو على عروشه ويفتقر إلى قيمة إضافية إيجابية ،ولا يملك من اللباس إلا قميصا يجعله كاسيا عاريا،ويقتل ملكة النقد.
ومن تجليات النضج الهيكلي لقلم صاحبنا أنه طلق الركاكة الطلقة الثالثة و بنى على اللغة العربية أو بنى بها كما يقول العامة،فأنجب أسلوبا عربيا رصينا قويا يضاهي في قوته الجانب الدلالي والدلائلي والمضموني للمقال.
نعم لقد زاوج صاحبنا بين قوة المضمون ومتانة وسلامة الأسلوب، الشيء الذي نأى بمقاله عن أن يشبه الكثير من المقالات التي قرأتها على صفحات الجرائد الإلكترونية،والتي تشبه ثوبا ضم سبعين رقعة متباينة الألوان والأشكال كما قال الشاعر المصري حافظ إبراهيم.فسقيا ورعيا،يا أخي رشيد، لقلمك لأنه،وبدون مجاملة،طعمة للعقل وطهرة للذوق السليم.إنك لا ترسم الحروف فقط،ولكنك تمارس فعل الكتابة،وأنت أهل للقيام بذلك.
وما دام قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:(المؤمن يغبط والمنافق يحسد)ليس نطقا عن الهوى، فإنني لم أستطع أن أضمر إعجابي بقلمك، ولهذا أقول لك،وبصوت جهوري،إنني أغبطك!!!فمزيدا من العطاء جازاك الله خيرا
حين يقرأ المرء للأستاذ رشيد لعناني مقالا، لا يسعه إلا أن يثني عليه، ويعترف له بنضج قلمه روحا وهيكلا.يتجلى النضج الروحي في الحمولة الفكرية لمقالاته التي توزن بالذهب أو الماس و التي تنأى وتنهى عن الابتذال،لكونها – من جهة -لا ترضى إلا بالمضمون الذي تلازمه سمات الجودة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى،ولكونها -من جهة ثانية – تحترم القارئ بعدم رضاها عن إضاعة وقته في قراءة ما هو خاو على عروشه ويفتقر إلى قيمة إضافية إيجابية ،ولا يملك من اللباس إلا قميصا يجعله كاسيا عاريا،ويقتل ملكة النقد.
ومن تجليات النضج الهيكلي لقلم صاحبنا أنه طلق الركاكة الطلقة الثالثة و بنى على اللغة العربية أو بنى بها كما يقول العامة،فأنجب أسلوبا عربيا رصينا قويا يضاهي في قوته الجانب الدلالي والدلائلي والمضموني للمقال.
نعم لقد زاوج صاحبنا بين قوة المضمون ومتانة وسلامة الأسلوب، الشيء الذي نأى بمقاله عن أن يشبه الكثير من المقالات التي قرأتها على صفحات الجرائد الإلكترونية،والتي تشبه ثوبا ضم سبعين رقعة متباينة الألوان والأشكال كما قال الشاعر المصري حافظ إبراهيم.فسقيا ورعيا،يا أخي رشيد، لقلمك لأنه،وبدون مجاملة،طعمة للعقل وطهرة للذوق السليم.إنك لا ترسم الحروف فقط،ولكنك تمارس فعل الكتابة،وأنت أهل للقيام بذلك.
وما دام قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:(المؤمن يغبط والمنافق يحسد)ليس نطقا عن الهوى، فإنني لم أستطع أن أضمر إعجابي بقلمك، ولهذا أقول لك،وبصوت جهوري،إنني أغبطك!!!فمزيدا من العطاء جازاك الله خيرا.
بارك الله فيك أخي الكربم لأنك و لاشك من الذين يتذوقون الدر المصون و الجوهر المكنون و ما ينفع الناس عكس الزبد الذي يذهب جفاء و عكس الرخيص البالي الذي تعج به الإذاعات و الصحف و الكتب. أبدا لا أشكر نفسي و لا أزكيها فاللهم لا تؤاخذني بما قال أخي و اغفر لي ما لا يعلم و اجعلني خيرا مما يظن. الآن في زمننا هذا الغريب العجيب إذا أردت أن تستدعى إلى شاشة التلفزة بسرعة فائقة أمام الأضواء الكاشفة فقدم الوضيع الساقط من الأعمال. فاللهم إن هذا منكر عظيم أكتفي بهذا القدر فالوقت لا يتسع بارك الله فيك و في أمثالك
رشيد