Home»International»معبر رفح واتفاقية كامب ديفيد

معبر رفح واتفاقية كامب ديفيد

0
Shares
PinterestGoogle+

يعد معبر رفح الذي يفصل بين مصر وقطاع غزة، من أحد أهم الشواهد على عملية التغيير العميقة التي تجري في مصر بعد الثورة .. فقبل الثورة كانت الإدارة السياسية المصرية تستخدم هذا المعبر في تنفيذ سياسة خارجية ترتكز على حماية أمن إسرائيل والحفاظ على مصالحها الإستراتيجية التي كانت تقتضي القضاء على حركات التحرر الفلسطينية ذات الجذور الإسلامية وفي المقدمة منها حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس التي استطاعت السيطرة على القطاع في عام 2007.

كانت هذه السياسة تتعارض مع المصالح الوطنية للدولة المصرية في إطارها الاستراتيجي، والتي تجاهلها النظام الحاكم بشكل كبير مما ساعد على تزايد النقمة الشعبية عليه، التي كانت تتصاعد أصلا بسبب سياساته الداخلية التي هدمت كل مؤسسات وهياكل المجتمع ونزحت ثرواته لصالح فئة صغيرة من السياسيين ورجال الأعمال المقربين منه .. وهو الأمر الذي مهد لاندلاع الاحتجاجات المختلفة التي بدأت تأخذ شكلا خطيرا منذ عام 2005 مع تزايد الضغوط الدولية على النظام لإجباره على تحقيق قدر من الإصلاحات .. لكن استجابة النظام كانت معدومة، وهو ما أدى في النهاية إلى اندلاع الثورة المصرية في الخامس والعشرين من شهر يناير الماضي.

رغم أن الثورة ركزت على القضايا الداخلية لكن القضايا الخارجية كان لها نصيب مهم وهو ما ظهر في سياسات حكومة الثورة التي عمل جاهدة على إحداث القطيعة مع سياسات النظام المخلوع .. ساعد على ذلك وجود دبلوماسي محنك على رأس وزارة الخارجية المصرية هو الدكتور نبيل العربي .. الذي استطاع إعادة هندسة السياسة الخارجية المصرية في أسابيع قليلة حينما فاجأ العالم بالنجاح في توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي أنهى الانقسام الذي استمر لعدة سنوات بين فتح وحماس.

في هذا الأثناء كان يرسل الإشارات التي تؤكد أن هناك نية مصرية لعدم الوقوف عند هذا الحد. فقد أعلن أن القاهرة سوف تقوم بفتح معبر فح بشكل دائم من أجل إنهاء الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ سنوات وهو ما تحقق بالفعل منذ أيام .. ثم كانت المفاجأة المدوية حينما أعلن أن هناك اتجاه لتعديل بعض بنود اتفاقية كامب ديفيد وتفعيل بنود أخرى لم تكن مفعّلة.

هذه التطورات المتتالية زادت من المخاوف الإسرائيلية التي بدأت مع سقوط نظام الرئيس مبارك الذي كانت تعتبره بمثابة كنز استراتيجي لها، ما دفعها للعمل على الاستعداد لتوابع هذا السقوط على المستويات الإستراتيجية والأمنية، خاصة ما يتعلق باتفاقية كامب ديفيد. فقد اتجهت إلى ممارسة الضغوط على حليفاتها، الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ليمارسوا بدورهم الضغوط على القاهرة من أجل التراجع عن تلك السياسات .. كما أنها قامت بتشكيل لجان لوضع إستراتيجية جديدة ردا على التوجهات المصرية بتعديل بنود الاتفاقية.

ومن أبرز البنود التي تخشى تل أبيب قيام القاهرة بتعديلها أو تفعليها، هي تلك المتعلقة بالمنطقة « ج » التي يُمنع على الجيش المصري الانتشار فيها، وما يتعلق منها بنشر قوات متعددة الجنسيات في شبه جزيرة سيناء، والمنطقة « د » داخل الأراضي الفلسطينية، وكذلك اتفاقية ممر « صلاح الدين »، حيث من المتوقع أن يقوم الجيش المصري بزيادة عدد القوات العاملة فيه من 750 إلى 3000 جندي.

إضافة إلى ذلك هناك الاتفاقيات الاقتصادية التي تدخل في مجال التطبيع الاقتصادي بين البلدين ويتم احتسابها ضمن اتفاقية كامب ديفيد، مثل اتفاقية الكويز واتفاق تصدير الغاز المصري لإسرائيل، إضافة إلى اتفاق المرحلة الثالثة في التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وتعتبر إسرائيل المساس باتفاقية الكويز خطاً أحمر، لأن ذلك يعني إمكانية إغلاق المصانع الإسرائيلية في مصر، حيث تقول التقارير إن حجم تلك المصانع العاملة في إطار اتفاقية الكويز بين مصر والأردن والولايات المتحدة وإسرائيل يربو على 180 مصنعاً.

ومن المتوقع أن تلجأ إسرائيل عند حدوث ذلك إلى محاولة الإضرار الاقتصادي بمصر عبر اللجوء إلى التحكيم الدولي والمطالبة بتعويضات ضخمة. ولعل ما تهدد به الآن فيما يتعلق باتفاق تصدير الغاز المصري إليها مؤشر أو بروفة مصغرة، حيث أعلنت تل أبيب أنها سوف ترفع أمر الاتفاق إلى التحكيم الدولي بعد رفض القاهرة إعادة ضخ الغاز إليها إلا بعد رفع السعر ليتساوى مع السعر العالمي.

أيا تكن محاولات الترهيب الإسرائيلية لدفع الجانب المصري لعدم المطالبة بتعديل بنود اتفاقية كامب ديفيد والاتفاقيات الأخرى المرتبطة بها .. فإن هناك بابا تم فتحه في جدار العلاقات المصرية الإسرائيلية، سوف يؤدي إلى إصلاح الخلل الذي أصاب هذه العلاقات جراء وجود نظام حكم في مصر كان كل همه الاستمرار في السلطة مهما كانت الأثمان التي سيدفعها والتي وصلت للإضرار العمدي بمصالح الوطن العليا.

هذا الباب لن يؤدي فقط إلى إصلاح الخلل في العلاقات بين البلدين .. بل سيؤدي إلى إعادة الدور القيادي لمصر مرة أخرى بعد أن تراجع كثيرا وطويلا لصالح هذه العلاقات .. وهو ما سيترتب عليه إصلاح الخلل القائم في منطقة الشرق الأوسط برمتها بدءا بإعادة الحياة للمشروع العربي الذي قاد المنطقة في خمسينات وستينات القرن الماضي في مواجهة المشروعات الأخرى التي ما زالت تحاول السيطرة على المنطقة حتى الآن وفي القلب منها المشروع الإسرائيلي الذي أوشك على الأفول.

أحمد فوده

مدير مركز النخبة للدراسات – القاهرة

elite_center2000@hotmail.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *