الجزائر تراكم أخطاء ونقائص فادحة في التنظيم قد تعصف بملفها لتنظيم « كان »2025 (مع فيديو)
عبدالقادر كتــرة
أُلغيت، مساء يوم الأربعاء 16 نونبر 2022، الندوة الصحافية عقب التعادل بين منتخبي الجزائر ومالي والتي كان يُفترض أن يُجريها كل من مدرب المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم جمال بلماضي، ونظيره المالي إريك سيكو شيل، بقاعة الندوات بالملعب الأولمبي الجديد « ميلود هدفي » بوهران، بسبب خلل في التزويد بالكهرباء، لم يتمكن القائمون الجزائريون من إصلاحها.
وكان من المقرر أن يعقد « جمال بلماضي » المدرب الجزائري ل »ثعالب الصحراء » ومدرب كتيبة « أسود الترنغا » « إيريك سيكو شيل »، سهرة الأربعاء، ندوة صحفية بملعب وهران الأولمبي الجديد ميلود هدفي، بعد مباراة الجزائر ومالي الودية، لكن تمّ إلغاؤها وسط غضب المدربين بعد انتظار لأكثر من 25 دقيقة من أجل الإجابة على أسئلة الصحفيين، قبل أن يغادرا القاعة، في نهاية المطاف، دون الإدلاء بأي تصريح للصحفيين، بعد فشل التقنيين في إصلاح العطب.
وعبَّر العديد من الصحافيين والمعلقين الرياضيين عن أسفهم لما وقع وتخوفاتهم من أن يؤثر الحادث على ملف الجزائر التي تقدمت به لاحتضان كأس أفريقيا 2025، مقابل ملفات قوية لبلدان أخرى عبرت هي كذلك عن رغبتها في تنظيم العرس الأفريقي، ضمنها المملكة المغربية الشريفة.
واعتبر هؤلاء المحللين الرياضيين الجزائريين الحادث ضربة موجعة للجزائر التي تتغنى بقدرتها على تنظيم الملتقيات الدولية، في الوقت الذي عجزت عن إصلاح العطب بل لم تستبق الأحداث ولم توفر الوسائل الكفيلة لمعالجة وحلّ مثل هذه الأعطاب المفاجئة محملة المسؤولية للقائمين على الملاعب والمركبات والساهرين على التنظيم، وهو امتحان يسيء لسمعة الجزائر ويُنقص من قوتها، خاصة بحضور ممثلي الاتحادية الأفريقية لكرة القدم، بعد التهليل والتطبيل للملاعب التي ستحتضن منافسات بطولة « الشأن » 2023.
كما تعاني الجزائر من سرعة الأنترنيت البطيئة ، إذ سبق أن سببت امتعاضا كبيرا لدى اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط صيف 2022 بوهران، بعدما أعاقت اجتماعا هاما لها مع الجانب الجزائري، حسب ما كشفه بيان اللجنة السبت 27 نونبر 2021، كما أعرب رئيس لجنة التنسيق لألعاب البحر المتوسط هو الأخر عن قلقه الشديد من التأخر في تقدم الأشغال.
هذا دون الحديث عن انعدام بنية تحتية في المدن المستقبلة للمنافسات الرياضية الإقليمية والقارية، مثل الطرقات والفنادق المصنفة والإطعام ووسائل النقل وغيرها من متطلبات راحة وأمن الرياضيين والوفود المشاركة في مثل هذه التظاهرات الكبرى.
كما تجدر الإشارة إلى سوء التنظيم الذي تميزت بها ألعاب البحر الأبيض المتوسط وغيرها، وصفير الجماهير الجزائرية الذي صاحب الأناشيد الوطنية للعديد من البلدان أو اختلاط هذه الأناشيد وعزفها للبلدان بدون التحقيق في التحقق من أصحابها، امام صدمة وغرابة الرياضيين الدوليين، دون الحديث عن سلوك بعض الرياضيين والرياضين الجزائريين عند تسلم الميداليات ورغبة الاستحواذ على منصة التتويج دون وجه حقّ ودون احترام للمتوجين بالذهبيات…
وينضاف لهذه الحوادث نقائص وهفوات وحوادث عديدة، منها أصبحت أرضية الملاعب شبيهة بالحقول ولا تصلح حتى لمسابقات الخيول، منها ملعب « تيزي وزو » الجديد في الجزائر، الذي توجد في حالة كارثية تلك التي نتيجة الإهمال الذي طاله منذ مدة طويلة.
وتدوولت عدد من الصفحات الجزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي، صورا لأرضية ملعب « تيزي وزو »، والتي تظهر خلالها مليئة بالطفيليات والنباتات، ما أثار سخرية وغضب جماهير كرة القدم بالجارة الشرقية، بعد الإهمال الذي طال الملعب ومرافقه.
ولا يزال ملعب « تيزي وزو »، الذي تبلغ مساحته 53 هكتار ويتسع لـ50 ألف متفرج، في حالة مزرية ويفتقر لأبسط المعايير الدولية، حاله كحال الملاعب الأخرى التي أتلفها الإهمال، وذلك بعدما أخلفت الحكومة الجزائرية وعدها بإصلاحه.
ويأتي هذا في وقت تستعد فيه الجزائر لاحتضان منافسات رياضية قارية وإقليمية، إذ ستكون البداية بألعاب البحر الأبيض المتوسط صيف العام الحالي، ثم بطولة كأس أمم أفريقيا للاعبين المحليين « شان »، مطلع عام 2023، غير أن هذه المعطيات تطرح الشكوك حول قدرة “القوة الإقليمية الضاربة” على تنظيم تظاهرات دولية من هذا الحجم بوجود هكذا ملاعب في حالة كارثية وأخرى لازالت خارج المعايير الدولية.
وسبق لجمال بلماضي مدرب المنتخب الجزائري، أن انتقد حالة الملاعب الموجودة في الجزائر على غرار ملعب مصطفى تشاكر، و5 يوليو وملعب وهران الجديد.
وصرح بلماضي في هذا الصدد، قائلا « في شهر يونيو من العام الماضي، كانت أرضية ملعب تشاكر مثالية والأشغال حسب معايير الفيفا، والآن تفاجأنا بالوضعية الكارثية الموجودة عليها. »
وأضاف المدرب في ذات السياق « من العيب ألا توجد ببلد كالجزائر ملاعب صالحة للعب، التحجج بالحرارة والأوضاع المناخية لا يليق، عشت ودربت في قطر ودرجة الحرارة هناك 60 ولكن الملاعب حالتها جميلة جدا ».
وأردف « اللعب على أرضية سيئة سيؤثر بالسلب على لاعبي المنتخب الوطني، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته في صيانة ملعب مصطفى تشاكر ».
ومن بين الصفحات السوداء للرياضة الجزائرية، أعمال العنف في الملاعب الجزائرية التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء، ولم تنجح الاجراءات القانونية والردعية في الحد من الظاهرة التي تتنافى مع الروح الرياضية لكرة القدم.
ويُقر يزيد وهيب، صحفي بالقسم الرياضي لجريدة الوطن (الناطقة بالفرنسية)، بأن « العنف موجود أصلا في المجتمع، لكننا نراه أكثر في الملاعب الرياضية، وذلك لأسباب مرتبطة بطبيعة اللعبة، وغياب أخلاقياتها في المجتمع الرياضي »، ويضيف يزيد وهيب في لقائه مع قناة دولية ألمانية ناطقة بالعربية « إن السبب الرئيس لانفجار العنف هو غياب المشروعية للسلطة وحرية التعبير في الفضاءات العمومية، وبذلك يصبح الملعب مكانا للتعبير عن عدم الرضا والاستياء من الأوضاع بطرق عنيفة ».
وسبق أن أكد ياسين معلومي، رئيس القسم الرياضي بجريدة الشروق الجزائرية، بأن « ظاهرة العنف هذه ليست وليدة اللحظة الراهنة بل تعود بداياتها إلى نهاية ثمانينات القرن الماضي، كنتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها الجزائر، والتي نتج عنها غياب التنشئة الاجتماعية الصحيحة وثقافة الحوار على جميع المستويات »، ويضيف ياسين: » لا ننسى في هذا الإطار الأزمة الأمنية وما خلفته من أثار سلبية على البنية النفسية لجيل كامل ».
وسبق أن أطلقت مجموعة من الصحفيين الجزائريين على شبكة التواصل الاجتماعي حملة تحسيسية ضد العنف في الملاعب حملت شعار » كرة القدم الجزائرية – احتراف أم انحراف « ، تهدف إلى نبذ العنف الذي تعدى الخطوط الحمراء. ومن خلال ومضات إشهارية مع عدد من اللاعبين المحترفين في البطولة الوطنية، يتم الحديث عن أهم الأحداث التي عايشها هؤلاء اللاعبون خلال مبارياتهم ومنذ انطلاقة مشوارهم الرياضي.
العنف في الملاعب الجزائرية قد يؤثر أيضا على حظوظ الجزائر في تنظيم كأس أمم إفريقيا 2025، فقد يتم استبعاد الملف الجزائري بدواعي عدم توفير الأمن هناك. ولذلك على السلطات الجزائرية العمل للقيام بكبح هذه الظاهرة، ووضع آليات واستراتيجيات تحفظ ماء وجه كرة القدم الجزائرية.
لقد سبق أن أصدرت لجنة الانضباط والأخلاق في الاتحاد العربي لكرة القدم، في شتنبر الماضي، عقوبات في حق الاتحاد الجزائري لكرة القدم بأداء 120 ألف دولار لدخول الجمهور إلى أرضية الملعب، على خلفية الأحداث التي رافقت نهائي كأس العرب لأقل من 17 سنة بين المنتخبين الجزائري والمغربي بالجزائر.
كما تم تغريم الجزائر 25 ألف دولار لمشاركة عدد من لاعبي منتخبها في الاشتباك مع « أشبال الأطلس »، إلى جانب إيقاف اللاعب الجزائري عبد الحق بن أدير 6 أشهر لتهجمه على حارس المنتخب المغربي.
وقرّرت لجنة الانضباط التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم « فيفا »، في أبريل الماضي، بمعاقبة الإتحاد الجزائري لكرة القدم بـ 3 آلاف فرنك سويسري بسبب الأحداث التي شهدها لقاء المنتخب الجزائري ضد منتخب الكاميرون يوم 29 مارس الماضي.
إلغاء ندوة صحفية بعد مباراة الجزائر مالي بسبب إنقاع الإنارة و كهرباء مدرب مالي خرج غاضبا
Aucun commentaire