Home»International»من عليه أن يستفيد من درس نيوزيلاندا؟؟

من عليه أن يستفيد من درس نيوزيلاندا؟؟

1
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي
في خضم الحرب المعلنة وغير المعلنة على الإسلام في العديد من البلاد العربية، تستقوي الأطراف العلمانية وما يشبهها باستغلالها لاتهام الإسلام والمسلمين بالمسؤولية المعنوية عن الإرهاب. وهذا الوضع سمح لها بإيجاد فسحة لنشر أفكارها مثل الدعوة إلى انحلال المجتمع وتفكيك بناه واعتبار المجتمع متخلفا لأنه لا يزال يحتكم للدين في علاقاته وقيمه وأخلاقه، وامتطاء قضايا المرأة واعتبارها مسلوبة الحقوق خصوصا منها الحق في المساواة مع الرجل حتى تترتب عن ذلك دعوات إلى إجراء تعديلات على نصوص دينية قطعية الثبوت وقطعية الدلالة.
ولكن العملية الإرهابية البشعة التي استهدفت المسلمين في نيوزيلاندا، جعلت شعوب العالم والبعض من القوى السياسية فيه تراجع السمفونية المشروخة التي ظلت تردد أن الإسلام دين إرهابي، ففرض عليهم خمسون شهيدا من المسلمين، منهم النساء والأطفال، استبدالها بمقولة: الإرهاب لا دين له.
إن هذا التحول الجزئي في الموقف، جعل العلمانيين عندنا يبتكرون خطابا جديدا خارجا عن المألوف مع الحفاظ على المكر والسم بداخله، فإذا كان جزء من العالم قد اعترف بأن الإرهاب لا جنسية له ولا دين، فالعلماني المغربي سعيد لكحل يرى غير ذلك، أي هو يرى أن المجتمع النيوزيلاندي مجتمع متميز بطبيعة تسامحه من جهة، ولعدم وجود خطاب إسلامي متطرف منه خطاب التكفير من جهة ثانية.
أي إن تطورا ملموسا وقع لهذا الكاتب العلماني المغربي حيث على الأقل نجا مسلمو نيوزيلاندا من شيطنته المعهودة لكل ما هو إسلامي، ولم يعتبرهم إرهابيين كسائر إخوانهم المسلمين في كل بقاع العالم. أي إن السي لكحل قد خفف من حدة اتهاماته المجانية فاعتبر، ولله الحمد، مسلمي نيوزيلاندا مسلمين متميزين لا يتبنون كأمثالهم من مسلمي العالم خطابا إرهابيا تكفيريا يستبيح دماء الآخر ولا يؤمن بالتسامح والتعايش.
وربما سنهنئ مسلمي نيوزيلاندا على هذا الانتصار الباهر، وهو الأمر الذي سيفرض علينا أن نسائلهم عن نوعية الدين الإسلامي الذي يعتنقونه ربما يجد فيه كذلك كل مسلمي العالم ما يجعل السي لكحل يتراجع عن مواقفه الراديكالية المتطرفة تجاه المسلمين منها تحديدا اتهامهم بعدم التسامح والتعايش والانفتاح.
وإذا كان العلماني لكحل يرى أن العالم الإسلامي يجب أن يستفيد الدرس من مسلمي نيوزيلاندي في انفتاحهم وتبنيهم خطابا منفتحا معتدلا بعيدا عن التطرف والتكفير، فإننا نوجه له نفس الخطاب فنقول له لماذا لا تكن أنت وأمثالك من العلمانيين مثل النيوزيلانديين في تعاملهم مع المسلمين، أليست نيوزيلاندا دولة علمانية؟ ولكنها، رغم ذلك، تعاملت مع المسلمين بكل احترام فاحترمت شعائرهم وصلاتهم وحجابهم، ولم تجرم انتساب الطفل لأبيه كما فعلت أنت، ولا ألغت لزوم الولاية في الزواج كما طالبت أنت، كما أنها لم تعتبر صلاة الأطفال بداية انحراف لهم كما فعلت أنت، ولم تتدخل في شأن تعليم الدين كما فعلت أنت واعتبرتَ أن تعليم الدين الإسلامي للأطفال يعني تعليمهم التطرف والانحراف.
نعم لقد تعاطفت كل نيوزيلاندا مع المسلمين، فهل تعاطف العلمانيون في المغرب من أمثالك معهم وعبروا عن التعايش والتسامح الذين تعزفون يوميا على أوتاره؟ نعم لقد ارتدت النيوزيلانديات الحجاب بمن فيهن رئيسة وزرائهن فهل ارتدى العلمانيات في المغرب الحجاب تضامنا مع المسلمات ضحايا العملية الإرهابية؟
إنها العلمانية الحقيقية أيها العلماني المزيف، العلمانية التي تعتبر كل أبناء الوطن بغض النظر عن هوياتهم الدينية والعرقية مواطنين من الدرجة الأولى، لا فرق بين مسيحي ومسلم ويهودي إلا بما يقدمه للوطن. لم يتم التعامل مع المسلمين في نيوزلندا كمهاجرين أو وافدين أو أقلية، بل كجزء لا يتجزأ من نيوزلندا. تلك هي الدول العلمانية العظيمة التي لا تفرق بين الناس على أساس طائفي وإثني وقومي.
إنها العلمانية الحقة وليست علمانية المغاربة والعرب أجمعين تلك العلمانية التي راحت تتشفى وتزيد الطين بلة فعوض أن ينزل العمانيون إلى ساحات المدن يحملون الشموع والورود ترحما على إخوانهم في الإنسانية راحوا يجلدون ظهورهم بالحديث عن الإرهاب والتطرف وعلاقة ذلك بالإسلام وتحذير العالم منه. واعتبار مسلمي نيوزيلاندا حالة شاذة لا يقاس عليها، وإعطاء دروس الدعم مصحوبة بالضوء الأخضر لكل إرهابي في العالم ليفعل ما يشاء وبعد ذلك يلصق التهمة بالمسلم لأنه إرهابي خلقة وسليقة.
فمن إذن عليه أن يستفيد من أحداث نيوزيلاندا الإرهابية نحن المسلمون أم أنتم العلمانيون؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *