نظرات في المناهج النقدية الحديثة:من المنهج الاجتماعي إلى المنهج البنيوي الجزء(10)
نظرات في المناهج النقدية الحديثة:من المنهج الاجتماعي إلى المنهج البنيوي الجزء(10)
أولا: الإنتاج الأدبي ليس انعكاسا بسيطا وساذجا وميكانيكيا، كما كانت تراه المنهجية الاشتراكية الجدلية من قبل.
ثانيا: العلاقة الموجودة بين الوعي الجماعي وبين الأعمال الإبداعية الفردية الكبيرة، لا تكمن في شكل تطابق تام المحتوى، ولكنها تتجلى في نوع من الانسجام والتماثل الذهني من أجل الحفاظ على جمالية واستقلالية النص الإبداعي.
ثالثا: ليس بالضرورة أن يكون المبدع منتميا للطبقة التي يعبر عن وعيها الجمعي كما هو الشأن بالنسبة لـ »بلزاك » الذي عبر عن وعي الطبقة الكادحة وهو ليس منهم.
رابعا: الوعي الجماعي يتكون ضمنيا من خلال السلوك العام للأفراد المساهمين في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية..
وهنا يتضح جليا التعديل الذي أتى به « لوسيان كولدمان » فيما يخص علاقة الأدب بالواقع. ليظهر الفكر الماركسي بمظهر أكثر قوة وصلابة.. إذ الإنتاج الأدبي هو انسجام تام بين الأدب وبين جماعته للتعبير عن طموحها ووعيها الممكن. وبخصوص الوعي بمختلف أنواعه، والذي هو أس من الأسس الإجرائية عند « لوسيان كولدمان »، فيصعب تفسيره، رغم كونه من المفاهيم المهمة في المنهج البنيوي التكويني.
يقول « لوسيان كولدمان »: « تبين لي أن موضوعة الوعي هي من بين الكلمات الأساسية المستعصية على التحديد الدقيق.. وباختصار نعرف جميعا بكيفية لا بأس بها ما هو الوعي وإن كنا عاجزين عن تدقيق معناه »([1]) إلا أنه في موضع آخر بعد استطراده يعطي للوعي مفهوما فيقول:« إنه مظهر لكل تصرف بشري يقتضي تشاطرا في العمل يستلزم حدا من التفكير النظري.»([2]) من خلال هذا التعريف يمكن القول بأن الوعي هو خصائص شخصية المبدع النفسية والاجتماعية والذهنية المشتركة و التي من خلالها وعلى ضوئها يرى العالم من حوله ويفسره بإمكانياته الأدبية والجمالية. وقد قسمه « كولدمان » في كتابه « الماركسية والعلوم الإنسانية » إلى « وعي كائن »، و »وعي ممكن »، و »وعي خاطئ »، و »وعي مزيف »، حيث جاء التقسيم نفسه عنوانا في ثنايا الكتاب. ([3])
بالإضافة إلى هذا، هناك الوعي الجماعي الذي يتكون من خلال مجموع البنيات الذهنية، الذي يشترك في صياغتها عن قصد أو عن غير قصد، غالبا أفراد المجتمع، انطلاقا مما تفرزه التكتلات الجماعية من رؤى، وانطباعات وقناعات.. ولفهم أي عمل أدبي لا بد من مراعاة المناخ المتعدد والنواحي، والأبعاد المختلفة التي تبلور فيه. يقول « لوسيان كولدمان » في هذا الشأن كلاما واضحا وصريحا: « من أجل فهم أي عمل أدبي أو فلسفي لابد من ربطه بمجموع الوقائع الاجتماعية والاقتصادية المزامنة له. »([4])
…………………………………………………………………………………………………………………
([1]) Marxisme et science Humines. Lucien Goldman. Gallimard P 121.
([2]) Marxisme et science Humines. Lucien Goldman. P 121
([3]) Marxisme et science Humines. Lucien Goldman. P 121.
([4]) Dieu caché. Lucien Goldman. Gallimard Paris 1964. P 55
Aucun commentaire