كريس كولمان..حينما يُقَعْقِع بالشِّنان
رمضان مصباح الإدريسي
يُقعقعُ للإبل بالشِّنان:يُضرب لها في قربة جافة لافزاعها واستنهاضها.
لايـُقعْقعُ له بالشنان:يُضرب للرجل الشرس والصعب،لايُهدد ولا يُفزع
***
منذ مستهل أكتوبر2014،وحساب « تويتري » بمسمى « كريس كولمان24″ ينشر وثائق ومراسلات يزعم أنها مما سباه ،وهو يغير – بطريقة ما- على مصالح وزارة الخارجية المغربية،وجهاز المخابرات الخارجية،المعروف اختصارا ب »لادجيد ». عن سؤال من طرف الصحافي الفرنسيGean-Marc Manach :لماذا تلقي بالوثائق هكذا ؟ يجيب
:بكل بساطة،لإضعاف المغرب؛وبصفة خاصة جهازه الدبلوماسي.
واعتبارا لكون الوثائق والمراسلات المُدَّعاة للخارجية والمخابرات،تعبق برائحة الصحراء المغربية –كما يتم تحفيظها وتحصينها أمميا،بمستندات قوية،في اسم المغرب التاريخي والجغرافي- فان المرء لا يحتاج إلى ذكاء « جيمس بوند007 » ليعرف الوجه الذي أصبح،أخيرا، يتخفى تحت شعار المملكة،وبمُسمى المخزن وشعاره.
« انها حملة مسعورة ضد المغرب » يقول السيد مصطفى الخلفي ،وزير الاتصال- 11دجنبر2014-وهو ينقل للصحافة قناعة الحكومة.أما وزير الخارجية السيد صلاح الدين مزوار فقد أبان أكثر ،في تصريح لجريدة أخبار اليوم، عدد 10دجنبر2014: « يتعلق الأمر بعملية للمخابرات الجزائرية ».
بعد تتبعي ،لأيام، منشورات « كولمان24 » ،وهي متواصلة– صادقة أو كاذبة- اقتنعت بصعوبة خوض كاتب مثلي في أمور يتقاطع فيها الدبلوماسي بالمخابراتي،والرسمي بالشخصي؛ولكن من كثرة ما خالطت،بحثا وكتابة، الأداء الجزائري الرسمي ،إزاء المغرب؛وهو يتعهد شجرة الزَّقُوم ،ويبدع في فنون العداء،بدا لي أنني في حديقة منزلي الريفي،لم أبرحها ؛ولو أن كولمان24، يتجول بي في عوالم الفنادق الأمريكية الفخمة،والمطارات الدولية،وكبريات المركز الإعلامية،حيث الهدايا الفاخرة مدخلا لكل حديث مغربي.. عوالم هوليودية من زمن GOLD FINGER والدكتور هُو،وكل ما رافق مراهقتنا ،حَدَّ الهوس و الخبل.
وكم رددت بيني وبين نفسي:هذا من ذاك،وأنا أستحضر الرسائل الغريبة التي كنت- ولازلت- أتوصل بها شخصيا عقب كل مقال لي عن الجزائر.غرابتها من فحشها وسبابها ،وما كنت لأتحمل لولا وطنية نضجت على مهل ،وصبر على المكاره في مواجهة عدو لا تؤمن بوائقه.
ليس في نيتي هنا الدفاع عن أجهزة لها رجالها ؛ ويشهد كولمان نفسه أنهم أقوياء في عملهم ،وما كان ليسعى لإضعافهم لو كانوا ضعفاء . وليس في نيتي السؤال عما تسرب –إن تسرب- وكيف؟ لأن ما بين أيدينا لا يستقيم حجة ،أو سندا،لأية مقاربة؛خصوصا في غياب معطيات لايملكها غير المباشر للأرشيفات المعنية.
وتبعا لهذا لا يمكن لغير الخبير المختص مناقشة الأساليب التي تشتغل بها أجهزة حساسة جدا؛على دراية تفصيلية بأساليب عمل الخصم.
ورغم أن ما بين أيدينا من مزاعم تسريبات لا يرقى إلى حد الخطورة على الوحدة الترابية للمملكة ،ولا حتى إضعاف أجهزة الدولة المختصة، كما يرغب كولمان،فإننا لايمكن أن نطمئن إلى المدى الذي سيصل إليه.
هي حرب وفرت لها الرقمية كل ظروف التطور ،الإبداع،المخاتلة والتخذيل ؛وهي ،بطبيعتها،مفتوحة على كل الاحتمالات.
لاعمل خارقا في هذا االمنحى المخابراتي لكولمان؛ الذي تعوزه حتى شجاعة « سنودن »وهو يكشف عن الأنظمة الأميريكية السرية في مجال اعتراض المكالمات:prism,xkeyscor,boundles،و يعري برمجيات التجسس البريطانية .tempora,muscular,optic nerve :وقد فعل ما فعل ليبين للشعب الأميريكي ما يحاك سرا ،لصالحه ولغير صالحه حسب تصريحه.لم يقل ،على غرار الوجه الخفي كولمان:هدفي إضعاف الدولة.
الشيء المؤكد هو أن كولمان هذا –وضدا على رغباته- غير نظرة المواطنين إلى أجهزتهم الاستخباراتية؛إذ جعلهم يكتشفون أطرا مغربية شابة ؛لاهم لها عدا إعلاء كلمة الوطن، والاستماتة في الدفاع عن قضاياه المصيرية.
إن قضية الصحراء المغربية ارتقت ،من قضية رسمية مغلقة لدولة، إلى قضية شعبية مفتوحة لكل المواطنين –بنص ملكي-يستثمرون فيها وطنيتهم،في الاتجاه الذي يقويها أكثر،و يجعلها يقظة على الدوام،تحسبا لكل اعتداء خارجي.ومن المعروف أن القضايا التي ترتقي إلى الشعبية لا تكون خاسرة أبدا.ومن الأفضل للخصوم –وقد جربوا الجيش-ألا يجربوا وقع ،ومدى،هذه الشعبية.
فحينما تشتغل الأجهزة المغربية المختصة على هذا الملف ؛فهي تستحضر هذا الثقل الشعبي بالذات ،وليس مجرد التعليمات الفوقية.لقد ولى الزمن الذي قيل فيه لبعض السياسيين المغاربة:وماذا أنتم فاعلون لو تخلى الحسن الثاني عن الصحراء؟
إن المواطنين يعرفون بطولات وأبطال معارك الصحراء العسكرية،ويتحدثون عن هذا بفخر كبير؛لكنهم لم يكونوا يعرفون- تفصيليا- أن عشرات السنين ،من العمل الدبلوماسي والمخابراتي، صنعت أبطالا من طينة أخرى؛تفرض عليهم طبيعة معاركهم ،ونوعية الأسلحة،التكتم الشديد.
هنا يتدخل كولمان ليقول للمغاربة؛دون قصد طبعا:هؤلاء هم أبطالكم الجدد. هؤلاء هم أكسجين الصحراء الذي يجعلكم تكسبون معارك الليل السرية والخافتة.إن كل وثيقة تنشر –ولو صنعت صنعا- بمثابة بعث لقسم المسيرة.
سنظل نردد ،عقب كل نص،تراه سريا ،ونراه من حقنا لنعرف أبطالنا:
أقسم بالله العَلي العظيم أن أبقى وفيا لروح المسيرة الخضراء ،مُكافحا عن وحدة وطني من البوغاز إلى الصحراء , أقسم بالله العلي العظيم أن ألقِّن هذا القسم لأسرتي وعثرتي في سري وعلانيتي والله سبحانه هو الرقيب على طويتي وصدق نيتي.
أما عن الجسم الصحفي المغربي،الرقمي والورقي،الذي تراه رديفا وسندا لديبلوماسية النهار والليل،في ما يخص قضية الصحراء،فهو كذلك فعلا ،عن وطنية تلقائية لا تملق فيها لأحد. لا تحرم على غيرك – وهو صاحب حق- ما تحله لنفسك ،وأنت تخدم أهداف دولة معتدية.وثق أنك أعليت من شأن مواقع كنا نعتقدها غير ذات هدف؛وزدت رفعة مواقع سمت بسمو أهدافها ،وصدقية أدائها.
مواقع إذا مشت أسرعت وإذا تكلمت أسمعت وإذا ضربت أوجعت.
ولو كان لي الرأي لكشفت كل الأرشيف الذي تراه سريا وخطيرا،وتركتك في بطالة تقنية.
Aucun commentaire