الوفا …الأشباح والمضربون
خطوتان أقدمت عليهما الحكومة قبل
أسابيع أسالتا الكثير من المداد وخلفتا
ردود أفعال متباينة . الأولى تتعلق
بالإفراج عن لوائح الأشباح في التعليم
.والثانية بالإقتطاع من أجور المضربين .
فقبل شهور خرج محمد الوفا بتصريحات شدت
إليه أنظار الجميع .حينئذ تساءلنا :هل
يملك الوفا الشجاعة والجرأة الكافيتين
ليقدم على تنظيف قطاع التعليم من
الطفيليات التي تقتات على أرزاق الناس ،
ويكسب بالتالي عطف واحترام المغاربة ؟
أفرج الوفا عن اللوائح ، لكن الجبل الذي
خلناه يتمخض لم يلد سوى فأرا صغيرا .
اللوائح لم تسمي الاشياء بمسمياتها .
ولم تخرج إلى العلن إلا بعدما صيغت
عناوينها صياغة مضللة .فلم تسميهم
أشباحا أو ناهبي المال العام …
_أشخاص أسمتهم اللوائح بالأطر
التعليمية الموضوعة رهن إشارة الجمعيات
والهيئات والمؤسسات . بمعنى أنهم
يتقاضون أجورا مقابل خدمة كان من
المفروض أن يؤدوها في قطاع التعليم .ولا
ندري طبيعة المسوغ الفانوني الذي يبرر
وضع موظفين عموميين رهن إشارة جمعيات
المجتمع المدني ، مع تحمل الدولة
لنفقاتهم . هذا إن كان هؤلاء الأشباح
أصلا فاعلين في هذه الجمعيات . أليس
العمل الجمعوي تطوعا؟ماذا يستفيد
المواطن الذي يؤدي أجور هؤلاء من شخص
يشتغل في جمعية الطاهر السبتي أو جمعية
أبي رقراق أو مؤسسة علال الفاسي …
ثم لم لم توضح الوزارة تواريخ توقف
هؤلاء عن أداء مهامهم التربوية
وانتقالهم للإشتغال في هذه الجمعيات
،ولم لم تكشف لسائر موظفي القطاع ومن
باب تكافؤ الفرص عن هذه المسطرة
القانونية العجيبة التي تخول للموظف حق
التنصل من أداء عمله مقابل نشاط جمعوي
لا أحد يعرف طبيعته وأهدافه ،وليست هناك
رقابة إدارية عليه … تأكد سيدي الوزير
أنه لو فعلت ذلك لأصبحت مدارسك يبابا
ولما بقى موظف واحد في وزارتك …
_ الفئة الثانية وردت لوائحها تحت مسمى :
الموظفين المطالبين بتسوية وضعياتهم
الإدارية . وهذا العنوان لا يقل تضليلا
عن سابقه . فهؤلاء كما أكد الوزير في
خرجات سابقة يتقاضون أجورهم من خزينة
الدولة دون أدائهم مقابلا لذلك . هؤلاء
سيدي الوزير مجرد لصوص .واللصوصية أنواع
. أخطرها تلك التي تمارس في حق المال
العام . فبدل استجدائهم للرجوع إلى »
جادة الصواب » كان عليك متابعتهم أمام
القضاء لإسترجاع ما سرقوه ومعاقبتهم
على جرمهم .
التفييء الذي جاءت عليه هذه اللوائح
يؤكد أن الأشباح القوية تسترت بغطاء
الجمعيات والمؤسسات حتى تشرعن حقها في
استنزاف مال الدولة ، وتفلت بالتالي من
تصنيف اسمها ضمن الفئة المطالبة بتصحيح
الوضعية التي لا تعني شيئا سوى الإلتحاق
بمقرات العمل .
رغم كل ما قيل عن هذه اللوائح فهي لا
تعكس الحقيقة كلها ، لأن الأرقام التي
تداولها الإعلام أكبر بكثير من تلك التي
كشفها الوفا.مما يجعل هذه الخطوة تافهة
ولاترتقي إلى ما كان منتظرا .
في بلد العجائب والغرائب لا تستغرب .
فالذي أضرب عن العمل دون سبب و بشكل
مفتوح يصرف أجره كاملا ولا يسأل إن كان
مضربا … أما الذي أضرب يوما أو يومين
تعبيرا عن السخط وعدم الرضى عن السياسة
العبثية للحكومة والتدبير العشوائي
لقطاع التعليم فقد لقوا جزاءهم سريعا .
ودون حتى تكبد عناء إشعار الموظفين
المضربين بقرار الإقتطاع .
الحق في الإضراب حق يضمنه الدستور. وفي
ظل غياب قانون ينظم شروط ممارسته فلا
يحق للحكومة الإنتقام من الموظفين بضرب
جبوبهم . ..وما فعلته لا يعدو أن يكون
مجرد حكرة بغيضة .
التعليم المغربي لن يعيش ربيعا مهما
كانت المخططات والبرامج ومهما صرفنا
عليه من أموال . فما دامت دار لقمان تعج
بالمفسيدن والأشباح وعشاق الظلام فهي
بالتأكيد لن تتغير . ..
Aucun commentaire