فيلم سعد الدين إبراهيم
فيلم سعد الدين إبراهيم
أسهبت مجموعة من المنابر كعادتها في تناول حادث اللقطة الساخنة/الساقطة في فيلم سبايدرمان الأمريكي، فانقسم المعلقون بين مؤيد ومعارض لهذه المشاهد و مشروعية فرضها في وسائل النقل العمومي في البلاد الإسلامية. وسُلطت الأضواء على المفكر (بين قوسين) المصري سعد الدين إبراهيم، فكتب مقالات حول « المتشددين » المغاربة الذين كادوا يسقطون الطائرة بسبب قبلة، وأجريت معه حوارات بالصوت والصورة ليندد بسلوك النواب البرلمانيين المغاربة وعلى رأسهم عميد السياسيين بالجهة الشرقية الأستاذ عبد العزيز أفتاتي. قلة حياء في الأرض وفي السماء ! والناس عائدون من أرض الجهاد والصمود، من غزة العزة، بعد الثورات العربية وإسقاط الطواغيت.. ويصر المضيف الأرعن على أن يُشاهد النواب المغاربة الأحرار صحبة زوجاتهم الكريمات أقبح وأوسخ ما جادت به سينما هولوود الأمريكو-صهيونية، في كل الشاشات المبثوثة أمام كل المقاعد، و يتعنت المضيف الذي يرغب في أن يلوث الكل بصره باللقطة/اللعقة الشبقية ويتلذذ مع الممثلة العارية المتصببة عرقا، أو يغمض عينيه!!! سبحان الله، أي استفزاز وأي رعونة في شركة طيران مصر العروبة وبلاد الكنانة؟
لكن دعونا من فيلم سبايدرمان، لنتحدث قليلا عن فيلم إبراهيمان المحكوم عليه سنة 2000 ب7 سنوات بسبب التجسس لصالح إسرائيل وواشنطن تحت غطاء مركزه الأمريكي التمويل في قلب مصر. و المستفيد من العفو في آخر لحظة، لأن البطل لا يموت !! هذا المفكر الحقوقي بين قوسين كان في نفس الطائرة، وأيد المُضيف العلماني المتشدد في انتهاك حقوق المسافرين في صون بصرهم من مشاهد مُقرفة رفقة عائلاتهم. وبعد هبوطه قام بإخراج فيلم آخر من نسج خياله حول حادث الطائرة العابر والطبيعي، فتهكم على أفتاتي وباقي الركاب المغاربة وأثث فيلمه الإعلامي باختلاق تهديد الربان جميع الركاب بالنزول الاضطراري في الجزائر، وخلق أزمة ديبلوماسية. و أصر على أن تصل وشايته المفبركة إلى ملك المغرب عبر صديقه ( !) محمد بنعيسى وزير الخارجية الأسبق ليوقع بين القصر والإسلاميين « المتطرفين » الذين سيهددون السياحة والاقتصاد والأمن ! أسلوب معروف عند أمثال هؤلاء عبر العالم، قديما وحديثا.
حديث لقطة الفيلم مر بسلام وطُوي الملف وجاء التكذيب من الأستاذ أفتاتي و الأستاذ بلاجي، واتضح أن المُفتري المصري كان جالسا في مقعد أمامي وبالتالي كان يستحيل عليه أن يتابع أطوار ما جرى. و المواطن العربي البسيط يُصدق طبعا رواية من تاريخه نظيف وكانت وجهته غزة، و يُكذب رواية من تاريخه أسود وكانت وجهته طلاب جامعة أمريكية. و رغم انتهاء حديث الفيلم الأمريكي، لا يجب أن ينتهي حديث فيلم الجواسيس و الفلول. نعم يجب على الأوساط الثقافية ومراكز البحث الأصيلة أن تُفتح الآن ملف التجسس والاختراق: ليعلم المواطن العربي لماذا تراوح الثورات العربية مكانها، ولماذا سقط النظام السياسي في مصر و مع ذلك عجز الرئيس المنتخب الجديد عن إقالة النائب العام؟ لماذا يعجز بعض الوزراء في المغرب عن تغيير موظف بسيط تحت إمرته؟ لماذا يطلع علينا في كل مرة شخص تافه مغمور، محسوب على الفن أو الأدب ويقوم بسلوك استفزازي أو يدلي تصريح شاذ يمس بمقدسات الأمة وثوابتها ثم تتحرك العديد من الأبواق والمنابر في الداخل والخارج للتضامن معه وحمايته؟
كل هذه الأحداث تبين أن الأنظمة المنهارة، الحداثية (بين قوسين) كانت مُخترقة من المخابرات الدولية في تعليمها وإعلامها وأحزابها وجمعياتها واقتصادها وقضائها. و التي كانت تتستر أحيانا وراء مراكز البحث في حقوق الإنسان و وراء المنظمات الخيرية (بين قوسين) العالمية، بتوظيف أشباه المثقفين والحقوقيين المتباكين على الديمقراطية، الرافضين لنتائجها. و رغم سعة صدر الإسلاميين وتشجيع الرئيس مُرسي شخصيا للفنانين والمفكرين و تأكيده المستمر على احترام حقوق الإنسان وضمان الحريات للجميع ، ورغم ونضج الحركات الإسلامية ووعي الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية باستحالة انفرادهم بالحكم وإقصاء الفرقاء الآخرين، فإن ذلك لم يشفع للعُملاء الذين يتصيدون كل الفرص لتشويه سُمعة بلدانهم وتخويف المستثمرين الأجانب وضرب السياحة بهذه الخرجات الإعلامية الرعناء وترويج صورة بلدانهم على أنها طالبان تعج بالفوضى والقلق واللااستقرار. و هذا طبيعي أثناء كل مرحلة انتقالية إلى أن تتعافى الأمة من جراح الثورة وتجف عروق أعداء الوطن و كل الفلول وينكشف أمرهم و تُنزع من أيديهم معاول خرق السفينة ويتساقطون إن شاء الله مثل أوراق الخريف.
محمد السباعي
1 Comment
بارك الله فيك أستاذا الفاضل، الصراحة راحة