إذا كان التاريخ يريد أن تكون التيارات السياسية الدينية في الحكومات فيجب أن نعيش هذه التجربة
إن التاريخ لا يسير ، في غالب الأحيان ، حسب أهواء الناس بل يجدونه منتصبا أمامهم بناء على عوامل اقتصادية أساسية لعبت دورها في تشكيل المعالم الرئيسية لهذا الموجود التاريخي . وبما أن المجتمعات البشرية من طبيعتها متحركة بالصراعات الاجتماعية والسياسية فإن كل الأطراف المتنافسة تحاول حسم الأمور لصالحها ولكنها لا تستطيع التحكم في المسار التاريخي للتنافس إلا إذا كان ميزان القوى لصالحها أو أن ظروفا خاصة ساهمت في التفوق أو أن المؤهلات الاقتصادية التي التي تتوفر عليها هي التي حسمت الصراع لصالحها ، وأحينا يبدو أن مجموعة سياسية قد قادت الأمور إلا أنها لا تتمكن من الاستمرار في قيادة البلاد لظروف معينة . وانطلاقا من هذه المبادئ لا يمكن أن يتحكم الإنسان في التاريخ .
وإذا تتبعنا الاحداث الجارية في العالم العربي الآن يبدو أن التيارات السياسية وكأنها تحاول التحكم في المسار الطبيعي للأحداث ( يعتبر ذلك أمر عادي في الصراع ) ولكن حينما يكون ميزان القوى ليس في صالح الأحزاب العلمانية والديموقراطية كما يبدو حاليا في كل الدول العربية والإسلامية فإن الموقف السياسي المطلوب هو احترام صناديق الاقتراع ، واحترام الاتجاهات العامة للشعوب العربية التي تفضل التيارات السياسية الدينية على الأحزاب الأخرى لأن ميزان القوى السياسي لصالح الأحزاب الدينية ، وبمعنى آخر هو أن أغلبية الجماهير ترى الرحمة الإلهية كخلاص للأمة ولحل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية .
ويبدو أن هذه الأحزاب الدينية تراهن على محاربة الفساد ومنع الدعارة وبيع الخمور وتحريم الفنون ومنع الربا أو نقول أنها تريد ، بصفة عامة ، تطبيق الشريعة الإسلامية لتحقيق رفاهية الناس لكن الاحزاب المعارضة لهذا الطرح تطرح السؤال التالي كيف يمكن أن تتحقق التنمية الاقتصادية بهذه الإجراءات الأخلاقية ؟؟ وكيف ان يتوفر العيش للفقراء الذين بهمهم الخبز أولا وأخيرا ؟؟ .
في رأيي ، ينبغي على الجميع أن لا يعاكس سير التاريخ أو محاولة تحويل مساره حتى نجرب حكومات الأحزاب الدينية وإعطائها الفرصة التي تفرضها الظروف التاريخية و تلعب لصالحها بناء على المبدأ الليبرالي : » دعه يمر واتركه يعمل » لأنها ضرورة تاريخية لابد منها وما علينا إلا أن نتعايش معها كما تعايشنا مع حكومات ليس بأحسن منها والتاريخ سيحكم عليها بالاستمرار أو الزوال .
علي سحماوي
2 Comments
تاريخ العصور الوسطى نعم، ليس التاريخ المعاصر.
الكاتب يعبر عن فهم سطحي ومغلوط بشكل فاضح عن الحركات الاسلامية ويربط نجاحها بالمسار التاريخي والظروف الاقتصادية ويعتبر أن الأصل في النجاح هي البرامج السياسية التي تقدمها أحزاب مدنية لا علاقة لها بالدين وبالتالي إخفاقها أعطى الفرصة للحركات الاسلامية التي تملك مشروع أخلاقي يحارب الرديلة والفساد ويدعو للعبادة وتطبيق الشريعة . هدا النوع من الفهم فيه استخفاف للناخيبن وتبخيس لتاريخ الحركات الاسلامية ونضالها الدي قدم الاف القتلى والجرحى والمفقودين والمسجونين في ظل الانظمة الاستبدادية وقدم أيضا الاف الكتب والمراجع في الدين والسياسة والاقتصاد والفلسفة و….. الخ .
وادا استحضرنا هدا الفهم في ظل ما يجري اليوم لدى الحكومات الاسلامية التي تسيطر على الشأن العام في العديد من الدول العربية كان لزاما أن نرى قطع أيادي اللصوص وجلد الزناة وغلق الحانات وفرض الحجاب واعدام المرتدين والكثير الكثير من الاجراءات التي عرفتها الامة الاسلامية في مراحل تاريخية ماضية.
تصور يرى أن محاربة الربا وفرض الزكاة مثلا هو إجراء أخلاقي وليس اقتصادي بل يرى الشريعة وكل ما جاءت به عبارة عن أخلاق وعبادات وطقوس لاتقدم ولا تؤخر في عالم اليوم وتبقى فقط قناعات فردية بين العبد وربه .
وكأني به يرى كل رواد وقواعد الحركات الاسلامية عبارة عن أئمة ووعاظ نزلوا من السماء وجاءوا لعصر غير عصرهم فسحروا الناس واستهووا قلوبهم ولدلك نراه يقول الرحمة الالاهية لخلاص الامة.
هدا كله يعبر عن جهل عميق أو نزعة إقصائية دفينة لا ترى التطور والتقدم الا على أيدي العلمانيين الحداثيين المتنورين الدين يملكون لوحدهم العلم والثقافة والانفتاح .
لعلمك فالحركات الاسلامية أو الاسلام السياسي اليوم يعتبر اضافة نوعية وجد قوية في المشهد السياسي العام على المستوى العالمي لانه ببساطة هو الاكثر تنظيما والأقرب الى تطلعات الشعوب والأقوى تعبيراعن هويتهم .