موريتانيا قدر الجوار
عمر الشرقاوي
لاشك أن الصور الرسمية لاستقبال جلالة الملك للرئيس الموريتاني تحمل الكثير من الحميمية والتقدير المتبادل أيضا، وبغض النظر عن الرسائل الديبلوماسية المتبادلة بين قائدي البلدين فإن العلاقات المغربية الموريتانية التي تعيش فترات مد وجزر تحمل مميزات وخصائص متعددة تكاد تكون مختلفة كليا عن علاقاتنا بكل الدول كما سبق أن أكد ناصر بوريطة قبل شهور خلال استقباله لنظيره الموريتاني.
ما هو مؤكد حقا أن القدر والتاريخ والجغرافيا والمصالح الاستراتيجية فرضت علينا هذا الجوار المحتوم، فموريتانيا بحكم الجيرة التاريخية والجغرافية، والتفاعل الاجتماعي والقبلي الكثيف والتبادل التجاري المكثف مع المغرب باعتباره أول مستثمر فيها، تدرك أكثر من غيرها، أنه رغم محاولات التغرير والمقايضة التي يقوم بها النظام العسكري في الجزائر، يظل قصر المرادية أكبر وأخطر تهديد لأمن موريتانيا بتحكمه بعصابة اجرامية شكلت خلال ثمانينات القرن الماضي خطرا على الأمن القومي الموريتاني وليس هناك أي مانع من أن يعود نظام العسكر لسياسة ليَّ يد موريتانيا عبر فزاعة البوليساريو.
فلا يمكن تحت أي ظرف ان تستهين الجارة الجنوبية بخطر النظام العسكري مهما كانت الاغراءات المقدمة. فالجزائر العسكرية ذات الطموحات التوسعية لن تتغير بين ليلة وضحاها، ولن تكون أقل عدائية في سلوكها الخارجي تجاه موريتانيا كما فعلت وتفعل مع جوارها المغربي. لذلك فهي تدرك أنه من الصعب الرهان على أن نظام تبون المتقلب لتأمين حاجياتها الغذائية وأمنها القومي على حساب سيادتها واستقلالية قرارها الوطني كما فعل مع تونس التي أصبحت رهينة في يد قراصنة عسكر المرادية.
فهل سوف تستوعب موريتانيا قواعد اللعبة الاستراتيجية، فتلجأ إلى الاستثمار أكثر في علاقتها بالمغرب من خلال الدخول في تفاهمات استراتيجية؟ وهل سوف يعي المسؤولون في نواكشوط الخطأ السياسي القاتل الذي يمكن أن يرتكبوها في استمرار علاقتهم بالانفصال؟ .
إن ما تفرضه المعطيات الجيوسياسية بالمنطقة بشأن مسألة كبح جمام أطروحات التقسيم والانفصال، هو أن تراعي موريتانيا مصالحها القومية في علاقتها بجار موثوق وذو مصداقية وتدعم وحدته الترابية، في المقابل يحافظ المغرب على علاقاته المميزة مع نواكشوط باعتبارها عمقا استراتيجيا لأمننا القومي والاقتصادي ورقما مهما في كل المعادلات التي يضعها في سياسته اتجاه دول الساحل والمطلة على الأطلسي.
omar cherkaouiنقلا عن صفحة
Aucun commentaire