» شوفوني كنصلي «
عبد السلام المساوي
إن المغرب بلد اسلامي ، والطابع الإسلامي ينبع أساسا من قيمه الثقافية النابعة من الإسلام ، غير أنها ليست قيما مغلقة ولا متحجرة .
إن تدين أهل المغرب هو تدين اجتماعي غير عالم ومفتوح في الوقت ذاته ، الواجبات الدينية تؤدى بينما الحياة الاجتماعية والاقتصادية تعرف مجراها .
معروف على سكان المغرب حرصهم الكبير على الالتزام الديني ، وحرصهم الكبير جدا على أداء وممارسة الشعائر ذات الطبيعة الدينية .
ولقد منح الإسلام أهل المغرب وسيلة لتأكيد هويتهم الثقافية وهي الوسيلة التي تحولت في نهاية المطاف الى محرك رئيسي للحركة الوطنية .
كان المغرب دائما ذا بنية جماعية متماسكة ، وذا توجه مذهبي واحد ، وكان أهله وما زالوا متآزرين معتزين بدينهم وهويتهم ووطنهم ، لهذا كانوا وسيظلون وطنيين صادقين ، أبطالا ساهموا في تحرير البلاد من الاستعمار ويساهمون الآن في البناء والتنمية .
إن المغرب متمسك بالمرجعية المميزة لطبائع » الإسلام المغرببة » كما عرفها يوما النظم الشهير لابن عاشر :
في عقد مالك وفقه الاشعري
وسلوك الجنيد السالك
ومعلوم أن هذه الثوابت » العقيدة الاشعرية ، المذهب المالكي ، التصوف السني على طريق الجنيد السالك » تشكك فيها بعض الحركات الإسلامية المغربية ، بحكم المرجعية العقدية والمذهبية لهذه الحركات اي » السلفية الوهابية » التي تتميز بسمات عامة مؤرقة للغاية في حال إسقاطها على التدين المغربي .
هذا هو جوهر التدين المغربي قبل أن يفسده الذين تعرفوا على الدين فقط عبر القنوات المشرقية .
كانت الناس تعبد ربها بينها وبينه ، لم يكن هدفها أن تجلس في الصف الأول للتراويح وأن تلتقط لها الصور وهي تصلي . لم يكن هناك فيسبوك يضع فيه الناس سجادة الصلاة والسبحة والطاقية البيضاء القادمة من الحجاز رفقة عبارات » اللهم بلغنا رمضان » او » ذاهب للصلاة أدعوا لي » ، او » أختكم في الله لن تنساكم من الدعاء » .
لم يكن المغاربة يرددون على مسامع بعضهم البعض العبارة المستوردة » جمعة مباركة » . كانوا يصلون الجمعة حقا ، وكانوا يستعدون للجمعة حقا ، وكانوا يقدسون الجمعة حقا .
في السابق كان الدين أمرا مقدسا غير قابل للعب السياسي او الدنيوي أو فريسة لعبة التظاهر .
اليوم مظاهر التدين الخارجية والمهيأة للنشر عبر الفيسبوك والانستغرام والتويتر متوفرة بكثرة . بالمقابل الدين / المعاملة الذي يعني للمسلمين كل شيء لم يعد له اثرا إلا نادرا ….
إن الدين المعاملة ، وإن إماطة الأذى عن الطريق أمر مستحب في الدين ، وان درء المفسدة – مثلما علمنا فقهاؤنا الحقيقيون وعلماؤنا الفعليون – مسبق على جلب المصلحة ، وأنه لا يحق لك – لكي تؤدي طقوس عبادتك – أن تمس إنسانا آخر أو أن تضر به بأي شكل من الأشكال ….
هناك خلط كبير بين ظهرانينا بين انتقاد بعض سلوكات التدين وبين الانتقاص من الدين .
حاشا أن يكون هؤلاء الداعشيون ممثلين للدين الاسلامي او مدافعين عنه ، او حتى منتسبين له لأنهم لا يفهمونه ولا يعرفون عنه إلا العناوين العريضة .
افضلهم ، واكثرهم حمية وجاهلية لا يحفظ آية واحدة دون ان يخطىء فيها ، ولا يفرق بين حديث صحيح وضعيف ، ولم يقرأ سيرة الراشدين ، ولا سير المتنورين من علماء الدين ، ولا هو مر يوما قرب مكتبة ، ولا دخل جامعا منذ الصغر ، ولا سمع الآذان الحقيقي ، المتفتح الرحب الحضاري في أذنه بعد الولادة ، ولا رضع من ثدي الأمهات الطاهرات معنى » الدين / الرحمة » الذي تعلمه المغاربة الأصليون في البيوت والمنازل والمساجد يوم كانت لله حقا ولم يدخلها شبح الاسلام السياسي القاتل وشبح التظاهر المزيف وشعار » شوفوني كنصلي الله يرحم بها الوالدين » .
Aucun commentaire