عين العقل هو أن يتنقل المنتخب المغربي للجزائر وفق هذا الشرط…
بقلم: يونس التايب
قالت مصادر إخبارية أن السلطات الجزائرية قبلت أن يتنقل المنتخب الوطني الأولمبي في رحلة مباشرة من الرباط إلى قسنطينة، بشرط السفر عبر طائرة تابعة للخطوط الجوية التونسية…
و تروج بعض الأطراف، منذ صباح اليوم، ذلك المقترح الجديد على أنه « حل وسط » بين موقف الرفض الذي تم التعبير عنه بداية من الطرف الجزائري، و بين طلب رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم بالسماح بتنظيم رحلة عبر الخطوط الملكية المغربية مباشرة من الرباط إلى قسنطينة…
صراحة، لا أعتقد أن سفر المنتخب الوطني الأولمبي في طائرة خطوط تونسية، في رحلة مباشرة، يمكن اعتباره « حلا وسطا »، كما أنه لا يحمل أي تنازل من الطرف الجزائري، لسبب بسيط هو أن إمكانية تنظيم رحلة جوية تجارية، عبر طائرة تابعة للخطوط التونسية، أو عبر غيرها من شركات الطيران، من أي مطار في المغرب إلى أي مطار في الجزائر، كانت دائما متاحة قبل الشان، و لا تزال متاحة، لأن الحظر الجوي ومنع المرور في الأجواء الجزائرية، لا يعني سوى الطائرات المغربية و المسجلة في المغرب دون سواها. و بالتالي، مقترح السلطات الجزائرية ليس حلا وسطا، بل هو در للرماد في العيون و تحايل ذكي على الواقع و إمعان في رفض الاستجابة لطلب مغربي بسيط و عادي، كان ممكنا قبوله و عدم تحميله أكثر مما يحتمل، و المرور إلى مواضيع أخرى أهم.
بالنسبة لي، ما كنت سأعتبره « حل وسط » فعلا، كان ممكنا أن يأتي على شكل بيان رسمي كالتالي :
« في إطار تنظيم الجزائر لمنافسات البطولة الإفريقية للاعبين المحليين، والحرص على توفير كافة الشروط لإنجاح التظاهرة و تمكين كل المنتخبات الوطنية المشاركة من الحضور في ظروف لائقة؛ و اعتبارا لحرص الجزائر و الاتحاد الإفريقي لكرة القدم على مشاركة المنتخب الفائز بآخر لقبين من هذه المنافسات الكروية؛ و حرصا من قيادة الدولة الجزائرية على جعل الرياضة بوابة لتعزيز علاقات الأخوة بين الشعوب الإفريقية الشقيقة والصديقة؛ وبالنظر إلى تقدير القيادة الجزائرية، كما عبر عن ذلك السيد رئيس الجمهورية في حواره الصحفي مؤخرا مع جريدة فرنسية، ومعها الشعب الجزائري لما قدمه المنتخب المغربي لكرة القدم الإفريقية بنتائجه في كأس العالم بقطر، قررت السلطات الجزائرية، بشكل استثنائي، السماح بتمكين طائرة مغربية من نقل المنتخب الأولمبي المغربي في رحلة من الرباط إلى قسنطينة، على أن ذلك لا يغير في شيء ما سبق و اتخذته السلطات الجزائرية من قرار رسمي بمنع الطيران المغربي من عبور الأجواء الجزائرية، وهو الأمر الذي سيستمر ساري المفعول أثناء المنافسات الإفريقية و بعد انتهائها، إلى أن تقرر الدولة الجزائرية عكس ذلك …! » …
بهذه الصيغة كنا سنجد أنفسنا أمام حل وسط حقيقي كان سيضمن أمرين هامين:
– من جهة، يبقي للأشقاء الجزائريين إحساسهم بأن قراراهم الوطني السيادي قائم ولم يسلبه منهم أي طرف؛
– من جهة ثانية، سيتيح للمغرب ممارسة حقه في نقل فريقه للمشاركة في منافسات رياضية تأهل إليها، في ظروف جيدة، رغم استمرار الوضع الشاذ الذي تسبب فيه قرار السلطات الجزائرية بقطع العلاقات الديبلوماسية وإغلاق الأجواء في وجه الطيران المغربي.
لا أريد أن أطيل في هذا الموضوع لأنه لا يستحق كل ما كتب حوله. و قد كان ممكنا أن لا نقف عنده كثيرا لو توفر شرط حسن النية، خاصة عند الأطراف التي أججت الملف في الجانب الجزائري، و ضخمت دلالات تصريحات رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم السيد فوزي لقجع، و طعنت في نواياه بالغيب و أساءت إليه بشكل فج.
لا أعلم كيف ستتفاعل الجامعة الملكية مع الموقف الجزائري الجديد. لكن، في كل الحالات، لن أقف في صف المزايدات الشعبوية و التصعيد البائس. ليست تلك قناعاتي، و الموضوع من الأساس لا يستحق مزيدا من الوقت والجهد.
من منطلق وطني صرف، سأدافع عن أي قرار تتخذه الجامعة الملكية لكرة القدم، سواء بالمشاركة أو بعدم المشاركة، لأنني مقتنع أن طبيعة الموضوع وحساسيته، لن يكون معها القرار اعتباطيا أو ارتجاليا، بل سيأتي بعد تفكير عقلاني، و ستتحكم فيه روح وطنية حريصة على المصالح الكبرى لبلادنا، كما يتم تقديرها دائما بالحكمة اللازمة.
Aucun commentaire