Home»Débats»وزارة التعليم العالي بين تجهيز المختبرات وتدريس تراث الشيخات

وزارة التعليم العالي بين تجهيز المختبرات وتدريس تراث الشيخات

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

الحسن جرودي

وزارة التعليم العالي بين تجهيز المختبرات وتدريس تراث الشيخات

من المعلوم لدى أهل العلم أن هناك علاقة جدلية بين تدريس العلوم وتطورها، ذلك أن تدريس علم من العلوم يؤدي إلى تطوره، ليتمظهر ذلك التطور في تحسين وتنقيح المقررات لتساير الطفرات العلمية وهكذا دواليك. إلا أن مواكبةَ عملية التدريس للتطور العلمي لدينا، يمثل تحديا من حيث إيجاد أهم المستلزمات المتمثلة أساسا في توفير المختبرات العلمية وتجهيزاتها التي غالبا ما تكون باهظة الثمن، الأمر الذي يتطلب من الدولة تخصيص ميزانية في مستوى هذا التحدي. وبما أن الاعتمادات المخصصة للبحث العلمي والابتكار بالمغرب لم تتجاوز 0.8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، حسب تصريح الوزير المنتدب المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة السابقة، فإنه يتعين على وزير التعليم الحالي التفكير في موارد مالية جديدة، وهو أمر مستبعد أو لنقل صعب المنال، وفي هذا السياق وحتى لا يُقال بأن الوزارة لم تقم بأي شيء، فإن الحل المثالي يكمن في التفكير في مقررات لا تستلزم موارد مالية إضافية. والسؤال الذي قد يتبادر لذهن قارء هذا المقال المتواضع، هومن أين لك بهذا الاستنتاج؟ والإجابة تكمن في قراءة كيفية طرح السيد الوزير لمجموعة من القضايا في الحوار الذي أُجْرِيَ معه في برنامج « بدون لغة خشب » على مدار ساعة من الزمن، والذي يمكن مشاهدته على الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=qpUwLL71mag.

 من بين القضايا الملفتة للانتباه في الحوار أذكر: موقفه المعارض لإحداث النويات الجامعية، ضرورة توفر طالب الإجازة فما فوقها على الإشهاد في كل من اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية، وكذا إلمامه بالثقافة المغربية مع التركيز على التراث الموسيقي والمطبخي، ثم الشروع في رقمنة مجموعة من الدروس خاصة بكليات الحقوق.

من هنا يتبين أن تبريره لمعارضته للنويات الجامعية لأن الدراسة في المراكز الجامعية الكبيرة تتميز بعدد من الإيجابيات لاغٍ، ذلك بأن تنقل الطالب للدراسة في هذه المراكز تتطلب منه موارد مالية معتبرة، وهي ما لا توفرها المنحة الهزيلة في حالة الاستفادة منها أصلا، ثم أي مانع غير الجانب المادي يمكن أن يقف في وجه توفير تلك الإيجابيات في النويات؟ أما بخصوص ربطه تلك الإيجابيات بضرورة انتقال الطالب إلى المركز الجامعي عوض الدراسة في النواة، فماذا نقول للطلبة القاطنين بالمدينة المحتضنة لهذا هذا القطب؟ أما فيما يتعلق بالحسنات التي افترضها في احتكاك الطلبة بالمحيط الجامعي من مِثْل المكتبة والكافتيريا …فالسؤال المطروح هو كيف يمكن الحفاظ عليها عندما يتم توفير الدروس الرقمية للطلبة؟

كما أن تركيزه على الإشهاد في اللغتين الفرنسية والإنجليزية دون العربية يبقى بدون تبرير، اللهم ما يتعلق بموقفه الرافض لمطلب الاستغناء عن الفرنسية، وهو المطلب الذي تبناه عدد كبير من المغاربة، عقب الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية ومن تقليصها لعدد التأشيرات التي كانت تخصص للمغاربة فيما سبق، وهذا الموقف كان منتظرا منه اعتبارا لتكوينه الفرنكفوني الذي مكنه من ترأس الوكالة الجامعية للفرنكوفونية خلال الفترة الممتدة بين 2013 و2017. وإذا كان من الممكن استيعاب قلة اهتمامه باللغة العربية وهي لغة وطنية انطلاقا من المعطى أعلاه، فانطلاقا من تكوينه العلمي الدقيق كان يُفترض أن يعلن عن تجهيز المختبرات بجميع أنواعها سواء تعلق الأمر بعلوم المادة أو العلوم الإنسانية بالوسائل الحديثة، مع العلم أن طلبة مجموعة من التخصصات العلمية لا زالوا يُمتحنون كتابيا في الأشغال التطبيقية بسبب قلة أو انعدام أبسط التجهيزات في عدد من التخصصات. مقابل هذا يطل علينا السيد الوزير باقتراح عبقري يتمثل في تدريس أبناء المغاربة تراثهم الموسيقي، والذي يُفهم من كلامه الذي افتتح به البرنامج أنه ينحصر أساسا في « تراث الشيخات » و »تراث المطبخ ». ودون أن أدخل في حيثيات تدريس أو عدم تدريس هذا النوع من التراث، فإن الذي يحز في النفس هو استثناؤه للمكونات الأساسية للتراث المغربي المتمثلة أساسا في اللغة العربية بصفة خاصة وفي الثقافة الإسلامية بصفة عامة. ألهذا الحد يتم تقزيم تراثنا الغني بكل ما تحمله الكلمة من معنى، واختزاله في أتفه الأمور؟ لا شك أن وراء هذا التقزيم إنَّ كما يقال، فهل الأمر يعود إلى جهل السيد الوزير بالتراث المغربي الجاد والبناء؟ أم الأمر مُتَعمَّد ويدخل في إطار برنامج علمنة البلاد، التي لا يمكن أن تجد لها موقع قدم مع سيادة اللغة العربية والدين الإسلامي والتراث المرتبط بهما؟ ومهما تكن الإجابة فإن الأمر لا يبشر بخير، ذلك أنه من واجب المغربي البسيط وبالأحرى وزير التعليم العالي أن يكون مُلما بالمعلوم بالضرورة من الثقافة الجادة، وأن يدافع عنها في مختلف المحافل، وذلك لا يتسنى إلا إذا أخذ التعليم على عاتقه في مختلف مستوياته تمكين الطلبة من الحد الأدنى من الثقافة التي تُعتبر عنصر انتماء وافتخار، عوض تلك التي يخجل معظم المغاربة من تبنيها وانتسابهم لها.

الحسن جرودي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *