حفيظ دراجي والذئب « هملاج »
نورالدين زاوش
حكى أحد الحكواتيين لمستمعيه ذات يوم: « إن الذئب الذي أكل سيدنا يوسف اسمه « هملاج »، فرد عليه أحد الحضور: « ولكن سيدنا يوسف لم يأكله ذئب »، فهز الحكواتي الظريف رأسه وأطرق هنيهة ثم قال: « إيه، إذن هذا اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف ».
استحضرتني هذه الطريفة وأنا أطالع تدوينةً لحفيظ دراجي التي أقرّ فيها بأن تصريح « ميسي » حول كون المنتخب الجزائر من أفضل المنتخبات الكروية في العالم مجرد إشاعة لا أقل ولا أكثر؛ ومع ذلك استرسل دراجي في كون منتخبه من بين أفضل المنتخبات عالميا سواء صرح بذلك « ميسي » أم لم يصرح؛ تماما مثلما استرسل الحكواتي الظريف في ذكر أمجاد الذئب « هملاج » سواء أكل سيدنا يوسف أو لم يأكله.
كان هذا طبعا قبل بداية منافسات « الكان » الأخيرة؛ لكن وبمجرد انطلاقها، فإن لعنة « هملاج » لم تتأخر في النزول على رأس حفيظ دراجي وأشباهه ممن يخلطون الرياضة بالسياسة، فأصبح فريقه، الذي نكن له كل الاحترام والتقدير، محط سخرية لدى المحطات العالمية بعد سلسلة من انتكاسات لا أول لها ولا آخر؛ هكذا ودّع الخُضر المنافسة من أضيق الأبواب مثلما علق معلق فرنسي؛ وهكذا تحول تعليق دراجي الثرثار والبغيض، والذي يُكن للمغرب أحقادا دفينة وشنآنا غير مفهوم، من كون الجزائر « قوة ضاربة »، و »طاعنة في التاريخ »، و »بلد المليون ونصف شهيد » وقت الغزوات الكروية المظفرة، إلى خطاب « هذه هي الكرة » حينما يتعرض منتخبه للانكسار والاندحار.
إن الطريقة الهستيرية وغير الطبيعية التي عبَّر بها النظام الجزائري عن فرحته بنيل كأس العرب مؤخرا تدعو للشفقة والاشمئزاز؛ تماما مثل ما أثارته الصور البئيسة التي التقطها مؤخرا، بكل فخر واعتزاز، وزير التجارة الجزائري في مكتبه الفخم مع قنينات الزيت النادرة؛ لكن لا ضير، مادامت هذه القنينات لم تعد تباع للشعب الجزائري الأبي إلا للراشدين بعد إدلائهم ببطاقة الهوية، وأن لا يتعدى عددها القنينة الواحدة.
للأسف الشديد، أو ربما للحظ الوافر، لم يعد هناك ما يقدمه هذا النظام المتهالك لشعبه المسكين غير انتصارات مزيفة بلا قيمة أو معنى، وأمجاد وهمية تتزعمها كرة منفوخة بالهواء، وصدق العرب قديما حينما قالوا: « حراما يركب من لا حلال له »؛ إلا أن المؤسف حقا، أن تكون الكأس التي نطّ بحملها جنرالات السوء فوف رؤوسهم النتنة مثلما ينط الأطفال بهداياهم أيام العيد، محفور عليها خريطة المغرب بكامل صحرائه العتيدة.
صحيح أن المغرب أيضا لم يصل إلى أدوار طلائعية في منافسة « الكان »؛ لكن لا أحد من رياضيينا أو مسؤولينا قد راهن على « أمجاد » الرياضة من أجل التستر على موبقات السياسة؛ وحتى إذا لم يفز المغرب بكأس إفريقيا فيكفيه أنه فاز باقتدار بإفريقيا، حيث غزاها طولا وعرضا؛ إن كان على الصعيد الدبلوماسي أو السياسي أو الاقتصادي أو الصناعي وحتى الروحي، ولا عزاء للحاقدين.
نورالدين زاوش
عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة
Aucun commentaire