ثمن الصلح
محمد شحلال
يعتقد خبراء الصراعات الدولية بأن خوض الحروب ،هو وسيلة لتحقيق السلم ،وان كان ذلك لا يخلو من شروط مجحفة في حق الطرف المنهزم.
لقد اشتعلت الحروب منذ القدم بين العديد من الشعوب،لكن الاقتتال مالبث أن أسس لعلاقات سليمة بنيت على أنقاض الدمار والدماء كما حصل بعد الحرب الكونية الثانية على وجه التحديد.
ان الاهانة التي تعرضت لها فرنسا على يد النازية ،كانت من الجراح التي يتعذر اندمالها في الأمد القريب،ومع ذلك فقد انتصرت العقلانية والأمل في غد أفضل ،فكانت الثمار في مستوى الأحلام.
لقد انتقلت فرنسا والمانيا من عدويين لدودين، الى شريكين قويين في الاتحاد الأروبي ان لم نقل بانهما قطبا رحاه في سائر المجالات.
ان جل المفكرين السياسيين يعتبرون حالة فرنسا والمانيا نموذجا يجب التأسي به في حل النزاعات الشائكة بين معظم الدول المتصارعة ،تجنبا لايقاف عجلة النمو ومظاهر الخراب.
يبدو أن دول الغرب،قد اقتنعت بأن الحوار هو أنجع وسيلة لحل الخلافات بدون كلفة،بينما يتمسك الحكام في بلاد الجنوب بخيار القوة العسكرية كوسيلة لضمان النصر والزعامة.
ولعل الدول العربية هي من أشد البلاد تشبثا بالحمية واراقة الدماء، وفاء لموروث جاهلي تتجلى فيه أحداث مؤلمة ليس ابسطها،،داحس والغبراء،،دون الحديث عن اخواتها من الحروب الدامية التي اندلعت بسبب خلافات صبيانية.
يصر جل الزعماء العرب على الاحتكام الى القوة ضدا على على تعاليم الاسلام الذي يحث على الجنوح الى السلم والصلح،حيث يرى ديننا الحنيف في الصلح خيرا:( والصلح خير).
مناسبة هذا الكلام،هو ما تشهده الساحة من تجاذبات بين المغرب والجزائر،يخيل معها للمتابع بأن الحرب متوقعة في أي لحظة وبمجرد أن تنفلت شرارتها الاولى.
ليس هناك عاقل يتمنى أن يصل الاحتقان بين البلدين الى حد نشوب الحرب،ذلك ان المغرب قد نجح لحد الان في،، تبريد الجمر،،الذي يذكيه حكام الجزائر،واستطاع أن يظهرهم بصورة المستفز الباحث عن مغامرة غير محسوبة العواقب.
وبالرغم من الانتكاسات التي يمنى بها النظام الجزائري مثلما حصل في قرار مجلس الامن الأخير،فان هؤلاء الجيران لا يبدو عليهم ما يدل على مراجعة للنفس ،والقيام بتقويم لمسار الصراع الذي افتعلوه مع اخوانهم.
ربما يتكلف،، الزمان ،،بانهاك قادة الجزائر خاصة في ظل التحديات الداخلية المعقدة،لكني-شخصيا- استبعد أن تلين قلوب هؤلاء الناس في المدى القريب لسبب بسيط،وهو تمكن عقيدة الكراهية من الاخوان الجزائريين،الى درجة انه ربما تطلب الأمر اختفاء جيل بكامله قبل حصول التغيير الايجابي.
ليست هذه النظرة وليدة تشاؤم،بقدر ماهي خلاصة متابعة لما يجري في اعلام الجارة الشرقية.
ان كل المتدخلين للتعبير عن وجهات نظرهم في السياسة والاقتصاد والرياضة والرياضة …بل وفي الطبخ،انما يتناسخون في ارائهم وتصوراتهم التي يختزلونها في شوفينية تثير الشفقة،وفي استعداء مجاني،،للمروك،،وهو يعني بصريح العبارة،بان مؤسسات الدولة الرسمية،قد عملت على غرس ايديولوجية متكاملة قوامها مناهضة المغرب واعتباره مصدر كل الشرور،وبالتالي،يتعين محاربته وكأنه ليس هناك عدو خطير للجزائر خارج المغرب !
ربما لن يحدث التغيير في فكر الجزائريين الا اذا استوعبوا رسائل الخارج التي تصل تباعا،بعدما كثر المعارضون الذين يفضحون النظام بالدليل والحجج،ناهيك عن المواقف الدولية التي تناسلت في الفترة الأخيرة ،والتي لا تتردد في تقزيم صورة الجزائر والامتعاض من ترهات حكامها واعلامها.
لقد بادر الرئيس الفرنسي الى احداث رجة في كبرياء الجزائر المصطنع،ثم تلته مواقف شخصيات برلمانية وسياسية قبل ان تختتمها تدوينة الخارجية الروسية التي ،،بهدلت،،جريدة،، الشروق،،التي ليست الا بوقا دعائيا للطغمة العسكرية.
أتمنى أن يسارع قادة الجزائر الى انقاذ ماء الوجه قبل ان يصبحوا كالشاة العائرة بين الغنمين كما ورد في الحديث الشريف….
Aucun commentaire