لعل الأوان قد حان لتخليص المصالح المركزية في وزارة التربية الوطنية من الديناصورات والأشباح
لعل الأوان قد حان لتخليص المصالح المركزية في وزارة التربية الوطنية من الديناصورات والأشباح
محمد شركي
من أتعس الوزارات حظا في بلادنا الوزارة الوصية على الشأن التربوي ، وذلك لعدة أسباب منها وجود ديناصورات وأشباح في مصالحها المركزية يستحوذون على ما يسمونه مديريات تتعدد أسماؤها ومكاتبها ، وتقل مردوديتها أو تنعدم ، ورب مديرية ليس فيها إلا ديناصور ومعه قلة من أعوانه أو بتعبير دقيق من أشباحه الله وحده يعلم ما الذي يفعلونه في جزيرة مديريتهم .
ومع أن الوزارة الوصية على قطاع التربية يتناوب عليها باستمرار وزراء منهم من له صلة وعلم بأمور التربية ، ومنهم من ليس بينه وبينها إلا الخير والإحسان على حد قول المغاربة إذا ما أرادوا نفي صفة أو مهمة ما عمن لا صلة له بهما ، فإن ديناصورات وأشباح في ما يسمى بالمديريات المركزية لا يتزحزحون عن كراسيهم ، وربما استغلوا عدم إلمام بعض الوزراء بالشأن التربوي، فصاروا عليهم أوصياء يوهمونهم بأن مفاتيح أسرار هذه الوزارة بأيديهم لإقناعهم بأنهم لا غنى عنهم ، وأنهم أهل العقد والحل .
وبالأمس زفت الصحافة الوطنية خبرا سارا لأسرة التربية مفادها أن الوزير الجديد قد تنبه إلى هذه الديناصورات والأشباح ، وعقد العزم على فتح تحقيق وإجراء فحص دقيقين لحصيلة ما يسمى بالمديريات المركزية التي ظلوا متشبثين بها لعقود ، وجعلهم حاليا في وضعية شبه العزل إلى حين ، ولعل ذلك يكون نهايتهم أو نكبتهم البرمكية .
ولا شك أن خبرة الوزير السابقة في وزارة الداخلية قد أسعفته في الجرأة على فتح ملف الديناصورات والأشباح للبث فيها ، ونأمل أن يوفق في هذا الأمر الذي هو أول خطوة في تطهير المصالح المركزية من داء ظل ينخر جسد الوزارة لعقود ، وهو السر وراء تدهور أوضاعها موسما بعد آخر حتى أشرفت على الإفلاس التام ، كما أننا نأمل ألا يصيب بأذى النحل الشغال في تلك المصالح ، بينما تخطىء سهامه الذباب الكسلان فيها .
ولا يجب أن يقتصر فتح التحقيق والفحص الدقيق لحصيلة المصالح المركزية بل لا بد أن يتم أيضا في الأكاديميات الجهوية ، والمديريات الإقليمية للكشف عن صغار الديناصورات والأشباح من الذباب الكسلان ، ومنهم من صار بقدرة قادر في مناصب فوق مؤهلاته العلمية والمهنية ، وأسندت إليه مهام ذات أهمية وخطورة وليس بينه وبينها أيضا إلا الخير والإحسان ، ولو فتحت تحقيقات في ظرف وكيفية إسنادها لهؤلاء لكشف عن أسرار في غاية العجب ، ولفكت ألغاز ظلت طي الكتمان زمنا طويلا .
والمنتظر من عملية التحقيق والفحص الدقيق أن تنتهي بالمساءلة والمحاسبة أمام خبرة قضائية متمرسة ونزيهة ، الشيء الذي قد يسهم في استرجاع الوزارة بعض ما تقاضاه الذباب الكسلان .
ولا بد أيضا من فتح تحقيق وفحص في رئاسات الجامعات و شعب الكليات لأنها هي الأخرى لا تخلو من الديناصورات والأشباح الذين لا تطالهم رقابة ولا مساءلة ولا محاسبة ، ولا يعرف شيء عن ما ينجزونه من بحوث ، وما يقدمونه من مشاريع للنهوض بالتعليم العالي الذي هو أهم رافعة للنهوض بهذا الوطن الغالي الذي يعطي بكل سخاء ، ولا يأخذ إلا القليل . والويل لمن سولت له نفسه أن يشير بمجرد ملاحظة لأنهم يعتبرون أنفسهم فوق المساءلة والمحاسبة ، وهم الجهة الآمرة الناهية والعاقدة الحالّة بينما لا يسلم أحد من ألسنتهم الحداد مع الشح في العطاء إلا قلة قليلة ممن رحم الله عز وجل ، والذي نأمل أن ينصفوا وأن ترجح كفتهم على كفة الديناصورات والأشباح الراجحة بهتانا وزورا .
وآخر أمل هو أن تصدق نية الوزير الجديد في إصلاح هذه الوزارة السيئة الحظ مركزا وجهات وأقاليم ومؤسسات تربوية على اختلاف أنواعها عسى أن يكون ذلك سببا في استرجاع عافيتها ، ومصداقيتها ، ومردوديتها التي عليها تتوقف نهضة هذا الوطن الحبيب الذي يستحق الكثير من الجميع للرد على فيض جميله.
Aucun commentaire