مفاوضات سرية بين المغرب وإسبانيا لإنهاء الخلاف وملف الصحراء المغربية مفتاح الحلّ
عبدالقادر كتــرة
أوردت جريدة « الباييس » الإسبانية، يوم الثلاثاء 27 يوليوز 2021، خبر مراجعة الرباط ومدريد العلاقات الثنائية للخروج من وضع الجمود الحالي، عبر مفاوضات غير معلنة تجري بين المغرب وإسبانيا في محاولة لاستئناف العلاقات المجمدة بين الطرفين، حيث يرغبان في تقييم شامل للعلاقات بعيدا عن منطق المجاملة وبهدف تفادي الأزمات مستقبلا. ويستمر ملف الصحراء عائقا أمام المصالحة بحكم تشبث حكومة مدريد بموقفها الداعم للأمم المتحدة.
وأفادت الجريدة الإسبانية أن مدريد والرباط يتفاوضان على مراجعة شاملة لعلاقاتهما الثنائية، فإسبانيا لا تريد نهاية « زائفة » للأزمة، قد تؤدي إلى تكرارها في المستقبل، وأنه وعلى عكس ما يبدو في الظاهر من كون الأزمة بين البلدين بلغت طريقا مسدودا، إلا أن هناك مفاوضات مكثفة تجري في الظل.
وأكدت الصحيفة الإسبانية أنه وبعد مرحلة كان فيها الاتصال بين البلدين يجري عبر وسطاء مثل المفوض السامي للاتحاد الأوروبي، أو أعضاء آخرين في المفوضية الأوروبية، تم إنشاء اتصالات مباشرة بين الرباط ومدريد.
وأوضح المصدر ذاته أن هذه الاتصالات والمفاوضات جرت من طرف السفير الإسباني بالرباط، ومساعدة وزير الخارجية الإسباني لشؤون المغرب العربي التي ودعت منصبها الثلاثاء الماضي، حيث أجرى كلاهما محادثات مع السفيرة المغربية بمدريد كريمة بنيعيش التي لا تزال تواصل الإشراف على العلاقات مع إسبانيا من الرباط.
وأضافت الصحيفة أن استنتاج الدبلوماسية الإسبانية كان هو عدم التعامل مع الأزمة على أنها حلقة منعزلة يجب حلها في أسرع وقت، بل تأتي في سياق بروز سلسلة من الخلافات بين البلدين، كان آخرها الهجرة الجماعية نحو مدينة سبتة.
لكن قبل ذلك كانت هناك عدد من الخلافات التي بدأت بإغلاق الجمارك التجارية لمدينة مليلية في يوليوز 2018 ، ومسألة الحدود البحرية المغربية في يناير 2020، ووصول حوالي 22 ألف مهاجر إلى جزر الكناري في ذلك العام، معظمهم من المغاربة، بزيادة 800٪ عن عام 2019.
ونقلت الصحيفة عن ذات المصادر الدبلوماسية أن إسبانيا متخوفة من إنهاء الأزمة بطريقة زائفة وتكرارها بعد فترة، لذلك اقترحت مراجعة شاملة للعلاقات الثنائية بغية توضيح مواقف الجانبين من مختلف القضايا الشائكة.
ومن بين الملفات التي تطرح بقوة في العلاقات بين البلدين، يوجد ملف سبتة ومليلية، وما إذا كانت إسبانيا ستراهن على التنمية بالمدينتين اعتمادا على العلاقات مع المغرب، أم من خلال تكثيف العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، حسب ما نشره موقع « الأول ».
كما أن العلاقات بين البلدين ترتكز على عدة ملفات من بينها الاقتصاد والهجرة ومكافحة الإرهاب، إلا أن النقطة الشائكة في العلاقات الثنائية هي ملف الصحراء المغربية، إذ تسعى الرباط إلى فرض تغيير في موقف إسبانيا والاتحاد الأوروبي بعد اعتراف إدارة ترامب، في حين ترفض إسبانيا أي تغيير في موقفها وتشبثها بالحل الأممي للقضية، تضيف ذات المصادر الدبلوماسية.
وتعترف المصادر الدبلوماسية التي تحدثت لـ »إلباييس » بأن مثل هذا الاتفاق الطموح بين البلدين، والذي يعيد النظر في العلاقات الثنائية كلية، لن يكون سهلا، وستستغرق المفاوضات وقتا، وحتى إذا تمت زيارات وزير الخارجية الجديد للرباط والتي ينظر فيها هذه الأيام، فلن تكون النهاية الفعلية للأزمة، لكنها ستشكل خطوة في طريق استعادة الثقة.
وتمر العلاقات ببرودة مطلقة بعدما كانت متوترة بشكل سيئ خلال شهر مايو وحتى منتصف يونيو الماضي. وذلك نتيجة موقف إسبانيا من الصحراء الرافض للاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، ثم استقبالها لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي للعلاج من كوفيد-19، والرد المغربي عبر الدفع بأكثر من 10 آلاف من مواطنيه للدخول إلى سبتة المحتلة وسحب السفيرة من مدريد.
وتؤكد جريدة « الباييس »، أن الجمود في العلاقات ظاهري فقط، بينما تجري مفاوضات مكثفة بشكل غير علني مباشرة بين ممثلي البلدين بعدما كانت حتى الأسبوعين الأخيرين عبر وساطات أوروبية وعلى رأسها ممثل السياسة الخارجية الأوروبية « جوزيف بوريل » ومسؤولون آخرون من المفوضية الأوروبية.
ولم تسجل المفاوضات تقدما كبيرا بحكم عدم التوافق حول نقاط حساسة وهي المتعلقة بالصحراء والهجرة، حسب ما أورد موقع « القدس العربي » وكذلك لرغبة الطرفين وخاصة من طرف إسبانيا لمراجعة حقيقية للعلاقات لتفادي التوتر مستقبلا، حسب ما أوردته موقع « القدس العربي » إذ يرغب المغرب في اعتراف ولو غير مباشر من طرف مدريد بارتكابها خطأ باستقبالها زعيم البوليساريو إبراهيم غالي خلال أبريل الماضي ثم تغيير في موقف إسبانيا من نزاع الصحراء ولو تلميحا إلى سيادة المغرب.
وتنقل « الباييس » عن مصادر دبلوماسية أنه إذا كان هناك خطأ ما في استقبال غالي فقد جرى تغيير وزيرة الخارجية « أرانشا غونالث لايا » في التعديل الحكومي، في الوقت ذاته، ترفض إسبانيا تغيير موقفها من نزاع الصحراء وتتشبث بمساعي الأمم المتحدة.
وتعترف مصادر دبلوماسية بصعوبة الوصول إلى اتفاق شامل، وتطلب المفاوضات وقتا طويلا بما في ذلك أن زيارة وزير الخارجية الإسباني الجديد ألباريس إلى الرباط التي قد تحصل لن تكون نهاية الخلاف بل فقط خطوة في المصالحة واستعادة الثقة.
ولم يكشف المغرب عن وجود مفاوضات غير علنية مع إسبانيا، ولم تعد وزارة الخارجية تدلي ببيانات وتصريحات حول العلاقات مع إسبانيا
Aucun commentaire