عصام معروف
في إحدى الدورات التكوينية التي كنا نخوضها في مدينة وجدة حول أليات كتابة الخبر الصحفي، درسنا إضافة إلى عنصر الإثارة الذي يكون ضمن عنوان الخبر، عنصر الغرابة وهو مهم في أي عنوان من أجل إستدارج القارئ ليقرأ الخبر ،هذا الأخير لمسته في أحد العناوين لجريدة هيسبريس الإلكترونية ،وقد أصابني بالغرابة والحيرة ودخلت لأرى حيثياته، قرأت فيها خبر إعتقال مغربي كان مندسا وسط جماهير غفيرة إبان الحراك الجزائري، لم أصدق الأمر في البداية إلى أن دخلت الصفحة الرسمية ل(مديرية الأمن الوطني بالجزائر )،إستغربت أكثر لما رأيت هذا البلاغ في صفحاتهم الرسمية الذي بإستطعاتنا وإنطلاقا من الظرفية التي نعيشها تقسيمه إلى فرضيتين :
-الأولى :سنفترض جدلا أن البلاغ حقيقي وقد تم فعلا الإمساك بشخص مغربي في قلب الحراك ،فيما ذهبت صحف أخرى لأبعد من ذلك، على أن هذا المغربي كان قائدا بإمتياز للجمهور الكبير الذي خرج عن بكرة أبيه، ناهيك عن أنه مهاجر غير شرعي ،وبالتالي سواء كان جزءا من الحركة النضالية أو من قادتها فالبلاغ يصب في إتجاه واضح وصريح على أن المغربي محرض مرسول من المغرب لإثارة الفتنة، نافيين بذلك كل مطالب الحراك الذي يحمل في ثناياه حاجيات ومطالب سياسية ساطعة ،فالبلاغ توجهه جلي إذ يحاول للتغطية عما تعيشه الجزائر من أزمات سياسية وإقتصادية و إجتماعية ،وكالعادة إدعاء أن المغرب هو السبب في معاناة الجزائر كأن المغرب هو المستفيد من النفط والغاز الطبيعي وهو من يستغل خيرات بلادهم!!!هذا من جهة ،من جهة ثانية إن كان حقا هذا الشخص موجودا وقد شارك في الحراك ،على الرغم من أنني لا أحب الشر لأحد فأتمنى أن يسجن سجنا طويلا، لأنه لم يحترم خصوصية الجيران ،ولم يراعي حراكهم ولا سيادتهم، وليست له علاقة بشأنهم العام ،ولم يلزم حدوده في بلد الغرباء ، ومن زاوية أخر قال السيد وزير الخارجية « ناصر بوريطة  » معلقا على بيان مجلس السلم والأمن الإفريقي الذي أرادت به الجزائر مكرا بالصحراء : »( إن المغرب غير معني وغير مهتم بالبيان) وسنقول نحن معلقين عن هذا الشخص إن وجد حقا :(خذوه فأسجنوه لا شأن لنا به ولا نهتم أبدا )،وسنختم هذه الفرضية بتسؤالات مشروعة :إن كان هذا الشخص فعلا موجود فما الحاجة إلى وضع بلاغ رسمي فيه، مع أن ملايين الجزائريين يتظاهرون في أوروبا ولم نسمع يوما ببلاغ لأية وزارة أو إدارة ؟؟ثم أي شخص أحمق مهاجر غير شرعي ويلتحق بالحراك ويكون قائدا له ؟؟وماذا من وراء هذا البلاغ الذي يشهر بهذا الشخص ؟

-الثانية : لا وجود لهذا الشخص من الأصل وهي فرضية مرجحة ،لأن المنطق السليم يفرض بعدم وجوده ،فهذا الشخص هو من صنع خيال الشنقريحة وأصحابه فقط ، فهم لم يكلوا ولن يملوا أبدا من تصوير المغرب كأنه العدو الأول ،الذي يتربص بهم ويريد بها شرا ليعجزهم عن الدفاع ضد الإمبريالية وإسرائيل التي تعيق تطورهم مع أنهم قد طلبوا التلقيح من إسرائيل لإغاثتهم به في إطار ما يعرفه العالم من منافسة شديدة حول اللقاح ،وطبعا إعتمادهم على هذا الطرح ليس بجديد أو وليد اللحظة، بل هو عريق ويعشعش كذلك في جل عقول الجيل السابق وهو من يصدق هذا الأمر ،وهم غالبا لا يشاركون في الحراك ولكن من سوء حظ العسكر أن هذا الجيل القادم لا ينساق وراء الوهم، ذكي ويعرف مالذي يفعله ويكفيه شرفا أنه إجتاز 100 أسبوع من المسيرات والنضالات السلمية والحضارية بدون تخريب أو عنف أو فوضى وبتنظيم مسؤول ،مما أظهر لكل المتتبعين أن الحراك الجزائري له أدمغة يقودونه ويعرفون كل شبر عن الجزائر ويعرفون طبيعة حكامها جيدا أكثر من أي مغربي قد يندس وراء الحراك .
سواء كانت الفرضية الأولى أم الثانية هذا البلاغ موجه للشعب الجزائري لإقناعه أن المغرب يحرك ويتأمر مع الحراك من إجل إسقاط النظام العسكري الجزائري ولكن الحيلة لم ولن تنفع والجمعة القادمة سننتظر خروجا أكثر من السابقة ،لأن الشعب الجزائري تغير ولكن ميكانيزمات توفيق مدين وخالد نزار لم تتغير وبالتالي أخشى من هؤلاء بتحركاتهم الجوفاء والعمياء إدخال الجزائر في دوامة من الندم تعود بها مئات السنين إلى الوراء
نرجوا أن « #يتنحاو_كاع«